سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

لابد من قانون لمكافحة الكراهية!

آراء

تنظيم «داعش» خطر عام، ليس على المنطقة، بل على العالم أجمع، ليس في ذلك مبالغة، فخلاياه، والمُغرّر بهم، والغافلون أو المُغفلون المُنخدعون به وبأفكاره، منتشرون في كل قارات العالم، لذلك فإن التعاون الدولي للقضاء على هذا التنظيم أمر ضروري، بل هو مطلب حيوي لمكافحة هذا التنظيم الخطير فكراً وفعلاً.

جميع العالم أهدافٌ للتنظيم وأعضائه، وجميع الشعوب في كل مكان دون استثناء هدفٌ مباح لتفجيرات أو سكاكين «داعش»، ليس في ذلك افتراء عليهم، بل هذا ما أكده المدعو أبومحمد العدناني المتحدث باسم التنظيم، عندما دعا إلى تكثيف العمليات ضد «الشيعة والصليبيين والمرتدين»، هؤلاء هم أعداء «داعش»، الذين يستحقون القتل دون رحمة في فكر هذا التنظيم، وباختصار يعني ذلك أن جميع شعوب العالم ما عدا «الدواعش» يستحقون الموت!

الشيعةُ مباحٌ دمهم، والصليبيون، أو بمعنى آخر أهل الغرب عموماً مباح دمهم، والمرتدون والمقصود بهم طبعاً جميع المسلمين، من كل المذاهب المخالفة لفكر «داعش»، حتى إن كان الاختلاف في صلاة التراويح جماعة، جميعهم يستحقون القتل، «داعش» فقط هم الفرقة الناجية، وهم الذين يجب أن يرثوا الأرض ومن عليها، وهم المخوّلون من قبل خالق السماوات والأرض ــ كما يعتقدون ــ بأن يُزهقوا أرواح كل البشر، وهو تعالى رب العزة الذي حرم قتل النفس البشرية بغير ذنب، واعتبر ذلك من أكبر الكبائر.

لا أحد في الفكر الداعشي يستحق الحياة، شرقاً ولا غرباً، فالتصنيفات جاهزة «منافق، مرتد، كافر، رافضي، صليبي»، وغيرها من الأسماء المختلفة التي تتشابه جميعها في العقوبة، فكل من يُصنف ضمن تلك الفئات عقوبته الموت!

خطورة «داعش» الحقيقية تأتي في وجود عقول لديها استعداد لتقبل مثل هذه التصنيفات وغيرها، هؤلاء هم وقود «داعش» الذي يبث الحياة في هذا التنظيم، بقصدٍ أو من غير قصد، هؤلاء هم بداية تدمير كل مجتمع، فهم ينخرون فيه، وينشرون الكراهية والحقد والطائفية البغيضة، التي إن طغت في مجتمع ما جرّته إلى الهاوية، وإلى حروبٍ طويلة بغيضة، يقتل فيها الجار جاره، ويهتك عرضه، ويمارس البشر بين بعضهم بعضاً في مجتمع واحد أقسى وأعنف السلوكيات التي لا يتقبلها عقل بشري، والأمثلة كثيرة وواضحة!

إنها نار تحرق الجميع، إن لم يسعَ الجميع صفاً واحداً لمواجهتها ومكافحتها، في كل مكان، وكل دولة، خصوصاً دولنا العربية التي تُعد أكثر الدول استهدافاً لهذا التنظيم، وهي أيضاً أكثر الدول المهيأة لنجاح التنظيم في تنفيذ مخطط الكراهية والحقد الذي بدأ في تنفيذه، طالما هناك من تعجبه الطائفية، وطالما هناك من يُهمل دور الدولة الوطنية ويُغذي شعور التكتلات والأحزاب والمذاهب!

لمواجهة ذلك، لابد من إيجاد قوانين صارمة، قوانين تُجرم فعل الحث على العُنف والطائفية والعنصرية البغيضة، أو كُره الآخر، سواء كان ذلك بالتصريح المباشر، أو في تغريدات وكتابات على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في أي مجلس عام أو تجمّع أو لقاء.

مطلوب قانون شبيه بقانون الكراهية المعمول به في كثير من الدول المتحضرة، وذلك لإعلاء صوت الدولة الوطنية وإلجام كل الأصوات التي تنخر في المجتمع، وتنشر الحقد والتحريض والكراهية، ووجود مثل هذا القانون هو بداية وخطوة مفيدة جداً في اتجاه نبذ العنف والكراهية، وهو سيساعد دون شك، إذا ما تم تطبيقه، في القضاء على 90% من الاحتقان القائم في الكثير من المجتمعات العربية.

المصدر: الإمارات اليوم