لا تزاحموا القطاع الخاص

آراء

استوقفتني مداخلة أمام الاجتماعات المشتركة لصندوقي النقد (العربي والدولي) التي عُقدت على هامش القمة العالمية للحكومات، تنبه دول المنطقة من تغليب مصالح القطاع الحكومي على مصالح القطاع الخاص.

المداخلة التي جاءت على لسان وزير الدولة للشؤون المالية عبيد الطاير، تفيد بأن القطاع الخاص القوي من أهم عوامل التنمية الاقتصادية ويجب تحفيزه، وتفادي مزاحمة القطاع العام له.

مناشدة مهمة في هذه المرحلة، لأن الحكومات -مهما تكن قوتها ومواردها- لا يمكنها أن “تصفق بيد واحدة”، فهي تحتاج إلى يد القطاع الخاص.

حاولت الأنظمة الاشتراكية سابقاً أن تكون الأداة الوحيدة لتحقيق النمو المستدام، لكنها فشلت، وعادت إلى بناء قطاع خاص فعّال يكون شريكاً في عملية البناء.

في المقابل، كانت الأنظمة الرأسمالية تولي عناية أساسية لقطاعها الخاص، فنجحت، حيث قاد الأخير النمو، وفعل أكثر من ذلك بقيادة الابتكار خلال إطلاق العنان للطاقات المبدعة، فوجدنا شركات بات حجمها أكبر من دولة، ومبدعين أغنى من دول، ومبتكرين أفراداً بحجم مؤسسات عملاقة.

دور الحكومات يجب أن يكون تشريعياً؛ تعد القوانين وتراقب التنفيذ، وتوفر التسهيلات والخدمات مقابل رسوم أو ضرائب، والقطاع الخاص دوره الاستثمار وإطلاق المشاريع وتوفير الوظائف وتحقيق النمو.

نعم؛ الحكومات معنية بالمشاريع الاستراتيجية التي تؤمِّن الاستقرار الوطني للاقتصاد، أما المشاريع التجارية التي باستطاعة القطاع الخاص تنفيذها بأمواله، فيجب أن تبتعد الحكومات عنها، لكي تبقى مؤسسة الدولة خدمية، لا تجارية.

أما أن تكون الحكومة انتقائية، تختار المشروع الرابح، وتترك القطاع الخاص للاستثمار بالمشاريع القليلة الربحية، فهنا ندخل في مجال المنافسة، وفي نفق مظلم يعود بالضرر على الاقتصاد الوطني برمته.

من المؤكد أنه ليس من مصلحة أي حكومة في العالم أن يكون لديها قطاع خاص ضعيف، فقوة هذا القطاع من أهم عوامل التنمية، وغياب هذا العنصر يعني غياب الاستثمار الأجنبي والإبداع، ويعني غياب الجودة، لأن الموظف مهما يكن قوياً يبق موظفاً، بينما المستثمر مهما يكن ضعيفاً فإن أولويته الجودة لخدمة العميل وتحقيق الربح وضمان البقاء.

حديث الوزير الطاير في الاجتماع كان موجهاً إلى الوزراء ومحافظي البنوك المركزية العربية، حيث بعض الحكومات ما زال يفكر بطريقة «غير».

حديث يمكن تعميمه على كل حكومات المنطقة ولو بنسب متفاوتة، فبعضها منافس قوي للقطاع الخاص، والآخر أقل تنافسية، ونحن في الإمارات ضمن الفئة الثانية.

المصدر الخليج