حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

لا صوت يعلو فوق صوت «الوايت»

آراء

*(تحتل المملكة المرتبة الثالثة عالمياً في مستوى استهلاك الفرد للمياه -بعد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا-، وهو ما يظهر أن الاستهلاك عال؛ قياساً بندرة المياه، ووقوع المملكة ضمن النطاق الجاف، إلى جانب الاعتماد على محطات التحلية كمصدر رئيس لتوفير المياه «تعد المملكة أكبر منتج للمياه المحلاة عبر ثلاثين محطة حكومية، نصفها انتهى عمره الافتراضي»).

*(وعلى الرغم من الجهود المبذولة، إلا أن أسباب انقطاع المياه، وتحديداً في فصل الصيف راجع إلى غياب الإدارة المتكاملة للمياه، وإهمال الوزارة لمصادر أخرى، مثل مياه الأمطار التي لم تستغل عبر خزانات في أماكن تجمعها، إضافة إلى المياه المعالجة ثلاثياً، وغياب التخطيط للمواسم المقبلة، وافتقاد المدن للخزن الاستراتيجي، وغياب الصيانة المبكرة لمحطات التحلية).

بعد أن كتبت «أزمة المياه في السعودية» في موقع محرك البحث قوقل تدفقت العناوين والتقارير والأخبار بغزارة تناقض تماما تثاقل قطرة الماء في الصنابير الشاحبة هذه الأيام، وقد اكتفيت بواحد منها في الصفحة الأولى للبحث، هو مضمون ندوة نشرتها صحيفة الرياض يوم الثلاثاء الأول من رجب 1433هـ، أي قبل عام إلا قليلا، عن أزمة المياه في المملكة، واخترت المقطعين السابقين من مقدمة الندوة لأني اعتقدت أن المعلومات المذكورة فيهما تمثل جانبا مهما من أساس المشكلة التي نعيشها باستمرار، وتشتد ضراوتها في فصل الصيف بشكل متكرر. في المقطع الأول ثلاث معلومات مهمة: ندرة المياه، واستهلاك عال، في وجود ثلاثين محطة تحلية «نصفها انتهى عمره الافتراضي». وأما المقطع الثاني فهو تشخيص لاستمرار المشكلة وتفاقمها في ظل غياب الحلول الاستراتيجية طويلة المدى و«غياب الإدارة المتكاملة للمياه»، فكيف لا تستمر الأزمة؟ وكيف نعجب مما نراه هذه الأيام من بحث متعب عن صهريج ماء وانتظار طويل للحصول عليه؟

الوعود تتكرر كل عام بأن الصيف الراهن سيكون نهاية الأزمة، والحقيقة أننا لا ندري على أي أساس يتم تقديم هذه الوعود المجانية ببساطة شديدة كهذه عندما لا يرى الناس عملا حقيقيا يعالج المشكلة من جذرها. المنظر الذي يشاهده الجميع الآن في محطة الأشياب بمدينة جدة لا يحتاج إلى زيارة جمعية حقوق الإنسان لتأكيد الخلل الكبير في طريقة حصول الناس على الماء والمشقة التي يواجهونها في سبيل ذلك حين ينتظر الشخص ساعات طوال للفوز بصهريج، تتعطل خلالها أعماله والتزاماته، لأنه لا بد أن يكون حاضرا بنفسه. كما أن الأمر لم يعد يحتمل الوعود وإعادة تدوير الحلول السطحية المؤقتة. إنها أزمة فعلية كبيرة وخطيرة تحتاج تدخلا حاسما وعمليا من الدولة، وإلا فإنها ستصبح كارثة وطنية حقيقية.

المصدر: صحيفة عكاظ