لماذا أنتحر؟

آراء

لماذا يقرر الإنسان أن ينتحر؟ لابد أن لحظات يأس قاسية سيطرت على تفكيره فلم يعد يرى باباً مفتوحا أمامه. بإمكان خبراء علم النفس و الاجتماع أن يكتبوا المقالات الطويلة في أسباب الانتحار وظروف المنتحر. لكن الحقيقة أننا أمام حالات متزايدة من المنتحرين في مجتمعنا.

وما تلك إلا صورة من صور الإحباط والتذمر المنتشر بين قطاعات واسعة من شبابنا. من الخطأ أن نكون في مكاتبنا المكيفة أو في منازلنا الفارهة ونلوم “المنتحر” على ما أقدم عليه. نحن – بأشكال كثيرة – شركاء في المسؤولية.

البطالة المخيفة لها إفرازاتها الاجتماعية الخطرة، الشعور بالظلم والحرمان وسوء الحال تقود الإنسان أحياناً إلى ما قد لا يخطر ببال. وعلينا أن نتذكر أن نسبة الشباب هي الغالبة في مشهدنا السكاني. المجتمع بكل مؤسساته ملام في حالات الانتحار التي تحدث من وقت لآخر بغض النظر عن الأسباب وظروف المنتحر. الأخطر أن تتزايد هذه القصص حتى تصبح حدثاً “اعتيادياً” فلا نحرك ساكناً ولا نشعر بلحظة ألم تجاهه. أن يقدم إنسان على قتل نفسه نذير شؤم لمجتمعه.

دعونا نبتعد عن التحليل التقليدي في مثل هذه المأساة. فإن محاكمة المنتحر وفقاً “لعقلانية” التحليل ليس سوى هدر للوقت. المؤكد أن ليس كل إنسان مؤهلا أن يتعامل بصبر وأمل مع مصاعب الحياة و تعقيداتها.

أخشى كثيراً على شبابنا أن يتمكن منهم الإحباط وهم ينتظرون طويلاً فرصة للوظيفة أو للسكن أو لمعرفة أي طريق يتجهون إليه في ظل الإحباطات المحيطة بهم.

حالة انتحار واحدة جديرة أن تقرع أجراس الخطر. والانتحار قد لا يكون سوى حدث واحد من أحداث مأساوية يلجأ لها الإنسان حينما يفقد أمله في الحياة أو حينما يشعر أن كل أبواب الأمل قد سدت في وجهه.

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣٠٥) صفحة (٢٨) بتاريخ (٠٤-١٠-٢٠١٢)