حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

لماذا قررت جماعة الإخوان إعلان الحرب؟

آراء

فاجأتنا جماعة الإخوان المسلمين بالخروج عن قاعدة أساسية في أدبياتها تتمثل في الإصرار على الادعاء أنها حركة لا تنتهج العنف وتؤمن بالعمل السياسي السلمي، لكن يبدو أنها عندما استهلكت كل أقنعة التمثيل دون الوصول إلى مبتغاها فقدت اتزانها وأظهرت حقيقتها وقررت اللعب على المكشوف بتهور وغباء سياسي غير مسبوق. بعد العملية الإرهابية الأخيرة في سيناء وقبل تحديد الجهة المسؤولة عنها بشكل رسمي أطلقت جماعة الإخوان عبر قناتهم التي تحتضنها تركيا بيانا صارخا في صيغته هددت فيه السياح العرب والأجانب والسفارات والمستثمرين في مصر باستهدافهم إذا لم يغادروها قبل توقيت محدد، إضافة إلى تهديد الدول المؤيدة والداعمة للنظام المصري باستهداف مصالحها في جميع دول الشرق الأوسط. وفي اليوم التالي لذلك البيان أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الإخواني الذي يرأسه يوسف القرضاوي، بيانا يدين بشدة الجرائم التي ترتكب في حق الشعب المصري، سواء نحو المتظاهرين الثوار ــ بحسب وصفه ــ أو نحو أبناء سيناء، ويطالب القوات المسلحة بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 3 يوليو 2013، أي قبل عزل محمد مرسي، ويدعو قادة ومفكري وعلماء الأمة الإسلامية بالتدخل قبل أن تخرج الأوضاع عن السيطرة ويحدث ما لا تحمد عقباه. بهذا تتضح الصورة التي لا تحتمل أي تأويل آخر غير أن جماعة الإخوان أفصحت عن علاقة ما بالحادثة الإرهابية في سيناء، وأنها قررت الدخول في حرب علنية مع النظام والشعب المصري، وأيضا الدول التي تقف معه من أجل استقرار مصر وأمنها، أي أنها حرب شاملة واسعة النطاق تستهدف دولا محددة بالإضافة لمصر. كيف يمكننا تفسير هذا التحول المفاجئ الخطير في موقف الجماعة، وكيف نستطيع تعليل هذه الجرأة، وكيف لنا أن نفهم حيثيات تزامن البيانين بما يشبه قرار مجلس حرب. قبل أيام استضافت وزارة الخارجية الأمريكية وفدا من جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها حزبا سياسيا رغم معرفتها أنها مصنفة كجماعة إرهابية من عدة دول وفي مقدمتها مصر، وقد استنكر وزير الخارجية المصري تلك الاستضافة واستغرب من ادعاء أمريكا محاربة الإرهاب وهي تستضيف جماعة إرهابية، فهل حدث شيء ما في واشنطن جعل الجماعة التي راهنت عليها أمريكا ودعمتها تشعر بالثقة والقوة إلى حد التهديد العلني بالمواجهة. المعروف أن أمريكا تشعر بالغضب والخيبة نتيجة سقوط رهانها الإخواني في مصر تحديدا، وبديهي أنها ممتعضة من الذين ساندوا مصر في خلاصها من حكم الإخوان، فهل هي التي أقنعتهم ودفعت بهم إلى هذا التصعيد في المواجهة. هل هناك مرحلة جديدة تحاك تفاصيلها لتأزيم الأوضاع أكثر مما هي عليه؟.. الأيام القادمة ربما تجيب على هذه الأسئلة وغيرها.

المصدر: عكاظ
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20150203/Con20150203750854.htm