محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

ماذا تريد قطر؟!

آراء

قوية تلك العلاقات بين شعبي الإمارات وقطر، لدرجة أنه طوال أشهر المواجهات الباردة كان كثير من أبناء الإمارات وأبناء قطر يعملون على تلطيف الأجواء وتهدئة الخواطر.. ومتشعبة هي العلاقات التاريخية بين الإمارات وقطر، فقد كادتا أن تكونا ضمن بلد واحد في يوم من الأيام.

ما بين الإمارات وقطر الكثير مما لا يمكن أن يحصى، وما يجمع البلدين أكثر مما يفرّق بينهما، لكنّ ما حدث مؤخراً من الشيخ يوسف القرضاوي تجاه الإمارات كان كبيراً جداً وخطيراً، وهو يتهم في خطبته الإمارات بشكل مباشر بأنها تعادي كل ما هو إسلامي، والمؤسف الأكثر في هذا الكلام أنه انطلق من مسجد قطري، ومن على أرض الشقيقة قطر، والمحزن في الأمر أن قطر وكأنها لم تسمع ولم ترَ، لذا فإنها لم تتكلم!! ولم تبد أي موقف تجاه هذه الإساءة الكبيرة والتحريض الواضح!

وبدل أن تحتوي خطأ القرضاوي، فإنها حاولت أن تلتفّ حوله عندما قال وزير خارجيتها: إن القرضاوي لا يمثل السياسة الخارجية لقطر، وإنه لا يمثل إلا نفسه.. وهذا كلام لم يعد ينطلي على الشعوب فهل ينطلي على الدول؟!

قطر لمست الغضب الشعبي الإماراتي اللاحق لذلك الكلام والموقف الرسمي الإماراتي، فلم تحرّك ساكناً وكأن كل ذلك لم يكن له أي قيمة تذكر!

استدعت الإمارات السفير القطري في الدولة للاحتجاج على تطاول القرضاوي، فماذا كانت تتوقع الشقيقة قطر من الإمارات بعد كل ذلك الإصرار على التحريض الواضح والمباشر من القرضاوي على دولة الإمارات من أرض قطر، ومن فوق منبر مسجد قطري وعلى الهواء مباشرة من التلفزيون القطري؟

سؤال نتمنى أن يجيب عنه إخواننا في قطر.. هل نعرف قطر، هل قطر هي قطر؟

تلك الدولة التي تقف مع جيرانها والتي تشعر بخليجها والتي يهمها مصلحة أشقائها. أم من هي قطر اليوم؟ الجميع يتساءل: ماذا تريد قطر؟ وما الذي تفعله؟ وإلى أين تريد أن تصل؟ ومن هم أصدقاء قطر؟ ومن هم أعداؤها؟ وهل تعيش قطر على جغرافيتها، أم أنها تعتقد أنها في موقع آخر؟

هل للتاريخ مكان في حسابات قطر؟ أم أنها لم تعد ترى قيمة للتاريخ أيضاً؟

هل مصالحها واضحة بالنسبة إليها؟ وهل لها شركاء في المنطقة؟ أم أنها ترى أن مصلحتها فقط مع صديقها الجديد في المنطقة ومع أصدقائها الكبار خارج المنطقة؟

هذه أسئلة استفهامية بحتة، نحن لا نستنكر في أسئلتنا وإنما نتساءل..

نحتاج أن نصل إلى إجابات واضحة من قطر.. ما الذي تريده من الإمارات؟ ما الذي تريده من مصر؟ ما الذي تريده من الدول العربية؟ فما زرعته قطر في سنواتها الأخيرة تحصده اليوم، فهل هي راضية بما تحصد؟ وإلى أين تريد أن تصل بسياستها التي استعْدَت الدول عليها؟

قطر بما تمتلكه من إمكانات وعقول وموارد تستطيع أن تكون نقطة اتفاق لكل الدول إذا ما خرجت من هذه اللعبة التي تكلفها الكثير..

نحن نعيش في منطقة مثيرة من العالم ليس فيها أحد أفضل من أحد.. فدول الخليج تعيش مصيراً مشتركاً وتحديات متشابهة، فماذا تريد قطر؟

هذا سؤال بسيط يحتاج إلى إجابة، ولا أريد أن يبدو سؤالي معقداً أو فلسفياً، أو يحمل أبعاداً أو تفسيرات ودلالات كثيرة، فسؤالي بسيط طرحه قبلي العشرات من الكتّاب، ويكرره آلاف المواطنين العرب يومياً، فمنذ سنوات كانوا يطرحونه في تونس، ثم في ليبيا، واليمن، وفي مصر، وفي سوريا، وفي السعودية، ثم في البحرين، والآن في الإمارات .. يطرحونه بدافع السؤال أو بدافع الاستغراب أو بدافع الفضول.. فهناك أمر غير مفهوم في علاقة قطر بمحيطها الخليجي والعربي.. فهل نجد من يجيبنا عن هذا التساؤل البسيط؟

المصدر: الاتحاد