سلمان الدوسري
سلمان الدوسري
رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط

ماذا يريد السعوديون من الميزانية؟

آراء

الشارع السعودي ييمم وجهه هذا الأسبوع لجلسة مجلس الوزراء، ترقباً لإعلان ميزانية العام المقبل 2014، فهذا الحدث السنوي ربما يختلف عن أي حدث اقتصادي آخر، ومرد ذلك أن الميزانية السعودية تحمل الطابع التنموي للدولة بأكملها، وينتظر المواطن السعودي ما تحمله من جديد، فاتحاً أشرعته ليبحر مع احتياجاته ومتطلباته، فهو يرى أن الحكومة هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن توفيرها، ليفاجأ في نهاية الأمر بأن انتظاره طال لكن متطلباته غدت صعبة المنال.

ومع أن الميزانية تحمل في طياتها كل عام من الإيجابية الكثير للمواطنين، فإن اللغة التي تكتب بها لا تعكس ترجمتها لأهداف تنموية تنسجم مع الخطط الخمسية، وهو الأمر الذي يعود بالسلب على استقبال المواطنين لها، حيث لا يرون فيها سوى تكرار لأرقام جامدة لا تعود عليهم بالفائدة المباشرة، وهنا لا بد أن نعذر الناس، فميزانية لا تلبي تطلعاتهم وأمانيهم لن تجد منهم القبول والرضا، والعكس صحيح عندما تلامس الميزانية احتياجاتهم بشكل مباشر وصريح، مع عدم إغفال أن الفجوة تتسع ما بين الميزانية والخطط التنموية، وهو ما يوسع الفجوة أيضاً بين المواطن والميزانية.

وحتى تكون الميزانية أكثر مصداقية لدى المتلقي، ينتظر منها أن تكون أكثر واقعية في عرضها وفي أهدافها لكل وزارة ومؤسسة حكومية، ومن الضروري أن تضع المواطنين، وبالأرقام، في صورة ما تحقق من قضايا رئيسة قد يكون استمرارها بالوضع الحالي فيه خطر على الاقتصاد الوطني، على سبيل المثال: تنويع مصادر الدخل، رفع الإنتاجية، الاستغلال الأمثل للطاقة والماء، آخر التطورات في سوق العمل، إضافة إلى توقعات كل وزارة للعام المقبل مثل: عدد الوظائف التي ستخلق لدى القطاع الخاص، عدد الوحدات السكنية التي ستسلم للمواطنين، نسبة البطالة بين السعوديين، وهكذا يكون هناك أهداف لكل وزارة واضحة ومعروفة ومحددة، وفي نهاية العام يكون من السهل قياس ما الذي تحقق لكل وزارة وما لم يتحقق، ونسبة الإنجاز مقارنة بالأهداف، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يقال فيها للوزير المحسن أحسنت، ولمن أساء: احذر لقد أسأت.

بغير تحديد أهداف كل وزارة بشكل محدد وربط الأداء بتحقيقها، أو على الأقل جزء منها، سيظل المواطن بعيدا كل البعد عن أجواء الميزانية، وتجربتنا خلال السنوات القليلة الماضية تؤكد هذا الانطباع، فعلى الرغم من تحقيق فوائض كبرى، ونمو اقتصادي فاق التوقعات، والسيطرة على التضخم، وزيادة الصادرات النفطية وغير النفطية، وتقليص الدين العام، وزيادة الإنفاق الحكومي، إلا أن كل ذلك لم يشفع للميزانية بالاقتراب من هم المواطن المباشر، خاصة في ظل غياب المحاسبة والمساءلة وتقييم الانحراف الذي يحدث في الميزانية من قبل وزارات بعينها، وهو الأمر الذي يكرر الأخطاء نفسها في ميزانية كل عام.

المواطن في انتظار تقديم الوزراء خطط عمل سنوية يمكن معها ضمان كفاءة الأداء وتحقيق الأهداف على أرض الواقع وليس فقط على الورق، وعلى وزرائنا الأفاضل المبادرة بإعداد هذه الخطط وعرضها على الجمهور فور الإعلان الرسمي عن الميزانية، فالأرقام مهما كبرت وبلغت حداً قياسياً قد لا تعني شيئاً لمواطن لم يوظف ابنه ولم يسكن في منزله أو لم يرصف الشارع أمام منزله، مطالب بسيطة لمواطن له حقوق على بلده، فلماذا تتحول عاماً بعد الآخر وكأنها أحلام ينتظرها المواطن سنين طوالا؟!

المصدر: الإقتصادية