مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

ما بعد الفلوجة

آراء

الجدل حول شفافية و«وطنية» الحملة العسكرية التي تقوم بها حكومة العبادي ضد الفلوجة٬ لا ينقطع.

جدل متوقع٬ في ظل الشك العميق بنظافة الحملة من الغرائز الطائفية الانتقامية٬ من قبل الميليشيات الشيعية المشتعلة بنار الحقد الغبي٬ والهمجي٬ ولقطات الفيديو المصورة لصرخات وجرائم هذه الميليشيات موجودة على «يوتيوب». وهي جرائم من نفس النبع الأسود الذي يشرب منه فم «داعش» البخر.

مجرد وجود قاسم سليماني ضمن الحملة العسكرية على الفلوجة٬ هو بحد ذاته وصفة للفتنة والتوتر.

لكن كل هذا لا يلغي أن تنظيم داعش يحتل الفلوجة منذ زمن٬ وأن واجب رئيس الحكومة العراقية٬ وكل أجهزة الدولة٬ تحرير هذه المدينة٬ وكل مدن العراق٬ من شرور هذا التنظيم الخبيث٬» دولة داعش».

كما يجب دعم ومساندة أي جهد تقوم به حكومة العراق٬ لبسط سيادة الدولة وهيمنة القانون على كل ربوع العراق٬ وحسنا فعل السفير السعودي في العراق٬ ثامر السبهان٬ بالكشف عن تأييد بلاده تحرير الفلوجة من «داعش»٬ هذا هو منطق الدولة. وهذه أصلا معركة السعودية الكبرى مع «داعش» و«القاعدة»٬ داخل السعودية وخارجها٬ بشكل يومي تقريبا.

قد تنجح حملة الفلوجة٬ خاصة مع الدعم الجوي الأميركي٬ والأرجح أنها ستنجح٬ لكن من المؤكد أن إدارة ما بعد حملة الفلوجة٬ بطريقة فيلق بدر وكتائب الخراساني وعصائب أهل الحق٬ وغيرها من الجماعات المنغمسة في المياه الخمينية٬ سيعيد «داعش»٬ وربما ما هو «ألعن» من «داعش»٬ في الفلوجة٬ أو أي مكان آخر٬ لأن بيئة ولادة «داعش»٬ ستكون خصبة واعدة!

بكل حال٬ هذا ليس رأي كاتب سعودي٬ من بلد في حالة اشتباك كبير مع إيران٬ وهو وبلده مصنفان مسبقا من قبل البروباغندا الإيرانية٬ بل هو رأي كاتب مصري كبير٬ ونقيب الصحافيين المصريين لسنين خلت٬ مكرم محمد أحمد٬ حيث علق على حملة الفلوجة٬ بمقالة حصيفة في «الأهرام»٬ ومما قاله العميد مكرم: «عملية تحرير الفلوجة ينبغي أن تكون فرصة لمداواة جراح العراق (…) عشائر الفلوجة السنة الذين انتظموا في وحدات للحرس الوطني٬ قاوموا تنظيم القاعدة ونجحوا في طرده من جميع محافظات السنة٬ وبدلا من مكافأة سنة الفلوجة٬ همش رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي كافة مصالح السنة بسبب انحيازاته الطائفية». هذا كلام آت من مصر الكنانة٬ غير المتهمة عادة بكراهية مدرسة «آل البيت»٬ كما هي ببغائيات الكلام الإيراني٬ وتوابعه في بلدان العرب.

الكل ينتظر من حيدر العبادي. نصرة منطق الدولة٬ لا منطق الحزب والطائفة. سنتابع٬ ما بعد الفلوجة٬ فهو الأهم.

المصدر: الشرق الأوسط