ما يحدث في مصر

آراء

ربما تكون مصر الناجية من بين الدول العربية التي أصابها الخريف العربي أو الربيع العبري، والسبب واضح، أولاً، هو أن الشعب المصري بطبيعته شعب ودود لا يؤمن بالعنف، ومحب لأرضه.. ثانياً، أن النسيج الاجتماعي المصري أكثر تماسكاً من غيره في الدول العربية الأخرى.. ثالثاً، أن النظام السياسي في مصر له جذور عميقة في الالتحام مع الشعب.. رابعاً، أن الدولة المصرية مهما بلغ فيها من التواريخ الحزبية إلا أن السلطة الأبوية لم تزل راسخة في الوجدان المصري، وهي مرتبطة بالتاريخ الفرعوني العريق، وكل هذه العوامل أسست بنياناً قوياً وصارماً في مواجهة النزعات الفردية والأيديولوجية، لذلك رأينا كيف فشل تنظيم الإخوان، وكيف سقط أمام الثوابت المصرية الراسخة، رغم كل ما يمتلكه هذا التنظيم من شعارات تتلاعب بالوجدان الديني. ورغم كل ما فعله هذا التنظيم من أجل تأكيد أهليته في الاستيلاء على السلطة، وكل ذلك ذهب أدراج الرياح، وأصبح مجرد أضغاث أحلام لم تتسق مع الواقع المصري الذي بني على التلاحم، وعدم تقبل الأجسام الغريبة والأفكار النافرة.

اليوم ونحن نشهد الجرائم التي تحدث في مصر، على أيدي عصابات العنف والتكفير، ونشعر بالقلق على مصر، ونحن على يقين بأن ما يحصل هو زبد سيذهب جفاء، وأن ما يفكر فيه الإخوان هي فقاعات لن تصمد أمام الإصرار المصري في قطع دابر الشر، وإحباط هذه المخططات العدوانية، وكشف عوراتها أمام الملأ، وفضحها وكبح جماح من تخندقوا خلف أسوار الكذب والتدليس، وتواروا وراء كتب سيد قطب، وخطابات حسن البنا وسواهما، وأصبحوا يصنفون الإنسان، إخواني وغير إخواني، بينما في حقيقة الأمر، أن الشعب المصري بطبيعته متدين ولا يحتاج من يدبلج له حكايات وقصصاً لا تمت للإسلام بصلة.

مصر أُريدَ لها أن تكون الصومال، أو ليبيا، والهدف واضح، وهو تفتيت الدول العربية وتحويلها إلى دويلات بحجم قطر، وحرق إمكانياتها، وتبديد قدراتها، وتحويل شعبها إلى حشد من الجياع والمشردين والبؤساء. كان هذا هو الهدف، ومن المؤسف أن بعض البلهاء صدقوا وتولوا وتزندقوا وتمرقوا وتشدقوا، وأصبحوا جنوداً مجندة لصالح فكرة شيطانية، رماها المتسلطون، وتلقاها هؤلاء، وأصبحوا يتاجرون فيها على حساب الأوطان والشعوب.. مصر ستبقى قوية، ولن تنهزم أمام التيار الظلامي، مصر مضاءة بوعي أبنائها الأبرار، وتاريخها المشرق وحضارتها المصاغة بحروف من ذهب، والذهب لا يبور. مصر التي نشأت على حب الآخر وضحت من أجله، لن تركع ولن تخنع أمام الزوابع التي يثيرها مجموعة من الناقصين، والذين في قلوبهم مرض، وفي أنفسهم غرض.

المصدر: الاتحاد