مها الشهري
مها الشهري
كاتبة صحفية / صحيفة عكاظ

متلثمة… لا تكلمني

آراء

كم أود أن كل سيدة تقول لرجل من موظفي الهيئة يعترض على شكل حجابها «متلثمة، لا تكلمني» أو «متسترة، لا تكلمني»، وشاهدنا مقطع فيديو تم نشره على «يوتيوب» يقص حكاية سيدة تعرض لها أحد رجال الهيئة، ويتحدث عن الواجب الذي عليها ستره من جسدها بينما الفتاة تلبس لثاماً ومتسترة في عباءتها وترد عليه بقولها: «نعرف الستر قبل نعرف الهيئة»، فمن الملحوظ أن بعض رجال الهيئة ما زالوا يعتدون على خلق الله، بحجة إجبارهم على التستر الذي يفترضونه، بينما تبرر التصريحات للمسؤولين في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند نزول أية مشكلة بأنها تصرفات فردية ولا تُنسب إلى نظام المؤسسة، وهذا في حين أنهم ينتهكون حرمات الناس وأعراضهم، وقد يجد كل معتدٍ منهم من يبرر أفعاله ويبرئ نفسه، في حين لا يتضح للمجتمع أنه نال عقوبة!

ظهرت المرأة بمظهر تلك المحترمة التي تتسوق، لأجل نفسها وأطفالها، واختارت اللباس الذي يوجبه عليها ضميرها وأخلاقها من دون أن يظهر عليها أي شيء مريب، اللهم إنها «تتلثم»، على رغم أنها لو كشفت وجهها كاملاً فلا ضير في شرع الله، فمما يبدو أن هناك خلافاً شرعياً في وضع اللباس على المرأة، ومن هنا يتوجب على الهيئة أن توضح ماهية اللباس الشرعي الذي يفترض تعميمه على استخدام النساء في المملكة، ومن ثم يوضع كوثيقة للنساء القادمات من الخارج، وأعلم أنه يتعذر ذلك، فعلى بعض رجال الهيئة ترك النساء يلبسن ما يرينه مناسباً وساتراً من غير مضايقات.

هذا النظام الذي يفرضه بعض منتسبي الهيئة كبركة الماء التي يسبح فيها بعض من يسمى بالشيخ والمحتسب، فبعضهم يقضي على الناس بحسب تصوراته، غير أن العموميات الفضفاضة التي يعملون عليها هذا البعض أنهكت حياة الأفراد في المجتمع وأرهقتهم، فهم يصارعون مجتمعهم بلا ذنب يذكر سوى تقييد الناس وحبسهم داخل تصورات يرونها هم فقط «صحيحة»، وذلك بموجب تفتيش الهواتف والتشكيك الباطل بأخلاق الناس الذي ما أنزل الله به من سلطان، إزاء لباسهم ومظاهرهم الخارجية التي لا تتفق مع طريقة التفكير التي يعملون بها.

تضاعفت حالات المواجهة بين المجتمع وبعض رجال الهيئة، ووصلت إلى حد إطلاق النار والطعن بالسلاح، وتاريخهم يمكن الحصول على إقراره ومعرفته، وهذا وضع خطر لا نريد استمراره ولا يريدونه، ومن الجيد أن النساء أصبحن يشاركن في هذه المواجهة، فلم يعد المجتمع يتقبل ما يفعلون، ولم يعد الاعتداء الذي يفتعله بعض رجال الهيئة مقبولاً، ولا يمكن أبداً تفسيره بتصرف فردي كما يصرح رئيسهم في كل مرة، ومن المهم أن النساء تحديداً بدأن يعين بحقوقهن وما يتوجب عليهن تجاه أنفسهن في اللباس والتعاملات، وأصبح من الممكن أن ترد إحداهن على موظفي الهيئة بكل ثقة، بينما عليهن التمسك بذلك في ظل غياب القانون، وكم أتمنى أن يتعرف بعض رجال الهيئة على مستوى صلاحياتهم في حياة الناس، وأن الكثير منهم يعتدي على الناس بالباطل، وفق السلوكيات التي ينتهك بها حق الإنسان في هذا المجتمع باسم الله ودينه.

المصدر: صحيفة الحياة