مستقبلنا يبدأ من المدرسة

آراء

كان طبيعياً أن تؤدي الثورة التكنولوجية في السنوات الأخيرة إلى فجوة بين محتوى التعليم، وأساليب التدريس الشائعة في العالم العربي، على الرغم من أنّ حوسبة المؤسسات الأكاديمية وعملياتها المباشرة قطعت أشواطاً بعيدة، لجهة تهيئة البنية التحتية في التعليم للتحولات المؤكدة في الفلسفة والأدوات، والمستوى المعرفي للقوى البشرية العاملة في هذا القطاع الحيوي.

ثمة مدرستان في هذا الاتجاه: تقليدية، نجحت في أدوارها المباشرة، وهيأت أجيالاً للتعليم العالي وسوق العمل، وأكسبتهم مهارات ضرورية في التخصصات المختلفة، لكن وسائل التعليم والاستفادة القصوى من التقنية لم تتحقق بالشكل المطلوب، لاعتبارات لها علاقة بتطور العلوم الإنسانية والطبيعية في حاضناتها الثقافية والاجتماعية في الدول المتقدمة، كالولايات المتحدة وكندا واليابان، والمجموعة الاسكندنافية، وارتباطها الوثيق بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.

المدرسة الأخرى بدأت بالظهور مع انتشار شبكة الإنترنت وفاعليتها في إلغاء الحدود، فلجأت مؤسسات أكاديمية إلى «التعلم عن بعد»، وفي سنوات قليلة قفزت التكنولوجيا الحديثة إلى مستويات عليا، وفرضت شروطها على الواقع التعليمي في العالم، فالتطور الهائل في صناعة الصورة غيّر كثيراً من وسائل التلقي، خصوصاً في تدريس البرمجيات والرياضيات والفيزياء والكيمياء، لأن هذه التخصصات تشكل قاعدة ضرورية لاقتصاد المعرفة، المعتمد على التعليم النوعي والابتكار.

في هذا السياق، دشّن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، أمس الأول، منصة «مدرسة» للتعليم الإلكتروني، وتضم خمسة آلاف درس تعليمي بالفيديو، تشمل معظم العلوم الطبيعية، وتغطي المرحلة التعليمية من رياض الأطفال، حتى الصف الثاني عشر.

المشروع، كما قال سموه: «يهدف إلى ردم الفجوة المعرفية في العالم العربي»، ذلك أن «مستقبل المنطقة يبدأ من المدرسة»، فاستخدام الوسائط الذكية يسهم في تغيير أنماط التعلم والتلقي، ويضع الأجيال الجديدة على المسار الحديث لاستيعاب العلوم في إطار التكنولوجيا، فيستطيع الطالب دراسة المساقات ومراجعتها وفهمها من خلال التطبيقات السهلة على الهواتف والحواسيب اللوحية، ومشاركتها وتحليلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

المدرسة التي انطلقت من الإمارات تستهدف تعليماً إلكترونياً باللغة العربية، يصل إلى نحو 50 مليون طالب عربي، في أي مكان في العالم، وهذا تفكير خارج الصندوق في أفضل الطرق يسراً وسرعة في الوصول إلى تعريب التعليم، وتنمية القدرات الذهنية للطلبة العرب، ليكونوا أكثر قدرة وكفاءة على المنافسة في سوق الوظائف، حاضراً ومستقبلاً.

ريادة جديدة للإمارات، تُضاف إلى مبادرات ومشروعات ملهمة، تجسد قدرة المنطقة على استئناف تاريخها وحضارتها، والإسهام في التقدم الإنساني عموماً.

المصدر: الاتحاد