عثمان الصيني
عثمان الصيني
كاتب سعودي

مشكلات المبتعثين في أمريكا

آراء

نحن بالتأكيد لسنا مجتمعاً ملائكياً، وكل بئر تحتوي على رملها وحصاها، ولذلك من الطبيعي أن نجد في كل جماعة وعصر مخطئين ومذنبين، وعليه جاء الحديث الشريف «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، ومن يأخذ حالة تقع في مجتمع أو بيئة معينة ويحاول تعميمها على الجميع ويبني على تعميمه أحكاماً ويستخلص من أحكامه مطالبات مسبقة، هو إنسان لديه أجندته الخاصة التي يسعى من خلال أحكامه المتعسفة وتهويلاته المرعبة إلى الوصول إلى أمور في ذهنه ليس من بينها بالتأكيد حسن الظن، والنظرة الواقعية للأمور، والرغبة الحقيقية الصادقة في الإصلاح، ولم يخل حتى مجتمع النبوة الزاهر والقرون الخيرة من مذنبين ومخطئين ووالغين في المشكلات، ولهذا السبب نزلت الشرائع ووضعت التنظيمات، وهذا هو حال المجتمعات الإنسانية بما هي إنسانية.

وحين تقول الدكتورة موضي الخلف نائب الملحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن للشؤون الثقافية والاجتماعية للمدينة، إن إجمالي مشكلات المبتعثين في الولايات المتحدة لا تزيد على 1600 حالة من إجمالي عدد المبتعثين الذين يقدر عددهم بحوالي 80 ألف مبتعث، فإن هذا يعني أن اثنين فقط من كل مائة مبتعث يقعون في المشكلات، وهي نسبة ضئيلة جداً إذا أخذنا في الاعتبار الفئة العمرية التي ينتمي إليها المبتعثون، وهم من جيل الشباب الذين يمتازون بفورة الحماس والاندفاع مقارنة بالكهول والشيوخ الذين يميلون أكثر إلى التروي والهدوء والحكمة، وكذلك وقوع هذه المشكلات في بلد لا يتساهل كثيراً في الأخطاء ولا يعتمد على أسلوب بوس اللحى ورمي العقل وعبارة «تكفا» التي تهز جبالاً، ويدقق كثيراً في مشكلات السعوديين ويطير بها في وسائل الإعلام، والغريب هو أنه على الرغم من شفافية الملحقية في هذا الأمر وإيرادها للموضوع بالأرقام فإن دعاوى التغريب وفساد المبتعثين والانحراف وغيرها من الاتهامات التي تصل إلى حد القذف مازالت تتكرر إلى الآن في الشبكات الاجتماعية وفي بعض المنابر على الرغم من الإنجازات العلمية العديدة التي قدمتها نماذج مضيئة من طلابنا وطالباتنا في الخارج من اكتشافات وإبداعات وشهادات، وتفوق نسبهم نسب مقترفي المشكلات، ومع ذلك مازلنا نطير في العجة ونفرح بالجنازة لنشبع فيها لطما.

 نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٩٤) صفحة (١٥) بتاريخ (٢٣-٠٩-٢٠١٢)