سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

مشكلة الازدحامات لن تحلها «هيئة الطرق» وحدها

آراء

الجسور والتقاطعات وكل مشروعات توسعة الطرق، لا يمكن أن تشكّل يوماً علاجاً جذرياً لمشكلة الازدحام والاختناقات المرورية في دبي، هي جميعها حلول مؤقتة، لفترة زمنية مؤقتة، تعود بعدها الحال إلى ما هي عليه، بل تزيد مناطق الازدحام سوءاً، ويزيد بطء حركة السير، وذلك لسبب بسيط، هو أن أساس المشكلة ليس في جودة وسعة استيعاب الطرق، بل في زيادة عدد السيارات بنسب عالية جداً، وفي فترات زمنية متقاربة، ومهما عالجنا النتائج فإننا لن نصل إلى حل من دون معالجة سبب المشكلة.

هيئة الطرق والمواصلات في دبي تبذل جهوداً لا يمكن إنكارها، وتصرف مليارات الدراهم على إعادة تأهيل الطرق، وإنشاء الجسور والتقاطعات، لفك كل الاختناقات الموجودة، لكنها منفردةً لن تستطيع حل هذه المعضلة، فهي ليست الطرف الوحيد في المعادلة، كما أن بقية الأطراف لا تسهم بشكل جدّي في الحل، لذا فإن أي إجراءات ميدانية تقوم بها الهيئة على الأرض لن تؤتي ثمارها ما دام بقية المسهمين في زيادة الازدحامات بعيدين عن الإسهام في الحل!

لدينا معضلة في كل الطرق المؤدية من الشارقة إلى دبي صباحاً، والعكس مساءً، وهناك سائقون يجلسون في سياراتهم لأكثر من ساعتين في طريق الذهاب، ومثلهما في العودة، وهناك مواطنون ومقيمون في مناطق سكنية لا ذنب لهم، يضطرون إلى عدم الخروج من منازلهم، بسبب محاولات السائقين الهروب من ازدحامات الطرق عبر دخول المناطق السكنية المحيطة بالطرق العامة المؤدية للشارقة، ولربما هذه الطرق هي السبب الرئيس لاختناقات كل الشوارع والجسور والأنفاق بدبي في ساعات الذروة، فما الحل في ذلك؟

«هيئة الطرق» بذلت كل ما يمكن بذله، وسّعت جميع الحارات في طرق الإمارات ومحمد بن زايد والاتحاد، وأوجدت تقاطعات وطرقاً على طول هذه الشوارع، لنقل الحركة المرورية وفك كل عنق الزجاجة، وأوجدت بدائل قدر استطاعاتها، وفي إطار الصلاحيات الخاصة بها، لكن المشكلة تتفاقم عاماً بعد عام، فما الحل في ذلك؟

دعونا نبحث عن لب المشكلة، ويمكن تلخيصه في أسباب عدة، منها: لجوء مئات الآلاف من الموظفين في دبي للسكن في الشارقة وعجمان وأم القيوين وحتى رأس الخيمة، هرباً من ارتفاع أسعار الشقق والعقارات في دبي، مقارنة ببقية الإمارات المذكورة، فهل «هيئة الطرق» هي المسؤولة عن ذلك، أم كل الشركات العقارية التي تبني آلاف الوحدات السكنية من فلل وشقق فاخرة، من دون أن تفكر يوماً في استهداف ذوي الدخل المتوسط من الموظفين الذين يشكلون أغلب المقيمين في دبي، وتعتمد عليهم كل القطاعات الاقتصادية؟ ولو أن مئات الآلاف هؤلاء من الموظفين وجدوا ما يناسب دخولهم من وحدات سكنية لفضلوا البقاء في المدينة، بدلاً من قضاء أكثر من أربع ساعات يومياً خلف مقود السيارة!

كما يجب علينا عدم إغفال الزيادة الرهيبة في أعداد السيارات، فالمجال مفتوح على مصراعيه، لأي شخص وكل شخص، مهما كانت طبيعة عمله أو دخله، للحصول على رخصة، وشراء أي عدد يرغب من السيارات، من دون قيود أو شروط، وهذا قلما نراه في أي من دول العالم التي تسعى لمكافحة الاختناقات والازدحامات المرورية، فما الذي يمكن أن تفعله مشروعات الطرق والجسور الضخمة، مقابل أعداد أكثر ضخامة من السيارات تُسجّل وتُرخّص وتخرج للشوارع بشكل يومي؟!

الجميع متضرر من الازدحامات المرورية، الأفراد والمؤسسات الخدمية العامة والخاصة، والاقتصاد الوطني، والمدينة بأسرها، لذا يجب أن يسهم الجميع في حل هذه المشكلة، ولن تستطيع الهيئة وحدها تقديم حلول سحرية سريعة النتائج، ما لم يضع الجميع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

المصدر: الإمارات اليوم