سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

مشكلة اليوم.. ستتفاقم غداً!

آراء

صديق عزيز عاد للتو من العاصمة اليابانية طوكيو، يقول: أكثر ما أثار استغرابي في هذه المدينة هو غياب الموديلات الجديدة للسيارات اليابانية، فما أراه في شوارع دبي مثلاً من أنواع السيارات المصنعة في مصانع اليابان، لم أره في شوارع طوكيو، لقد دُهشت حقاً عندما عرفت أن اليابان تصدر تقريباً 90% من السيارات التي تصنعها، في حين أن الشعب الياباني يعتمد على القطارات وشبكات المترو والترام وسيلةً أولى للتنقل، ولا يعتمد على السيارات!

صناعة السيارات في اليابان هي إحدى أكبر الصناعات في العالم وأكثرها بروزاً، وتحتل اليابان أحد المراكز الثلاثة الأولى على قائمة أكثر الدول تصنيعاً للسيارات في العالم منذ ستينات القرن الماضي، وفي السبعينات والتسعينات شهد هذا القطاع نمواً سريعاً، وفي الثمانينات والتسعينات تقدمت اليابان على الولايات المتحدة الأميركية في عدد السيارات المصنعة، لتحتل المركز الأول على مستوى العالم، بحجم إنتاج وصل إلى 13 مليون سيارة سنوياً، ومصانع «تويوتا» وحدها، على سبيل المثال، تنتج سيارة واحدة كل أربع ثوانٍ، ومع ذلك، فإن امتلاك سيارة في اليابان ليس على قائمة أولويات الشعب، والسيارات لا تعتبر وسيلة النقل الأولى في المدن اليابانية!

نتيجة ذلك، لا توجد ازدحامات في مدينة مثل طوكيو تعج بملايين البشر، ونتيجة لذلك الحوادث المرورية قليلة جداً إن لم تكن نادرة، ووفيات هذه الحوادث أيضاً نادرة، ونتيجة لذلك لا يوجد أي تلوث هوائي ناجم من عوادم السيارات، في المقابل تعاني مدينة دبي، وهي أقل بكثير في عدد السكان من طوكيو، ازدحامات مرورية، تزيد في أوقات الذروة لتصل إلى درجة غير معقولة، وأعداد السيارات في الشوارع تزيد بشكل كبير جداً، هذه الأعداد المتزايدة تضغط باستمرار على البنية التحتية، وهذا الضغط تقابله استجابة حكومية على شكل تطوير وتوسعات وجسور وأنفاق في كل شهر، وهذا يعني مليارات الدراهم تضخها الحكومة من أجل تسهيل حركة السير ومكافحة الازدحامات!

اليابان رغم أنها دولة مصنّعة للسيارات، إلا أن السيارات في الطرق قليلة، ونحن هنا في الإمارات نحتاج أيضاً إلى أن نجعل وسائل النقل الجماعي هي الخيار الأفضل لمئات الآلاف من البشر بدلاً من السيارات، نحتاج إلى أن نقلل من أعداد السيارات المتزايدة من خلال تشريعات وقوانين جديدة تحد من منح تراخيص القيادة لكل مقيم مهما كانت مهنته، وتحد من حرية امتلاك المقيمين لأي عدد من السيارات من دون قيد أو شرط، نحتاج إلى أن نوجِد نظاماً لامتلاك السيارات حسب الوظيفة والراتب، ليس في ذلك ظلم أو تمييز، لكنها الحاجة إلى التنظيم، والحاجة إلى حياة أفضل مع سيارات أقل!

زيادة أعداد السيارات مشكلة عالمية، وتحدٍّ كبير أمام المدن الكبيرة، وسلبيات هذا الأمر أكثر بكثير من إيجابياته، والمجتمع بشكل عام متضرر من ذلك، في حين أن وكلاء وتجار السيارات هم الفئة الأكثر استفادة من هذه الأعداد المتزايدة، وهذه الفئة من دون شك ليست أغلبية عظمى، بل أقلية قليلة العدد!

المشكلة تتفاقم، وستظل تتفاقم إن لم تبدأ الجهات المعنية، الاتحادية والمحلية، في تطبيق حلول غير تقليدية لتقييد الحصول على رخص القيادة، والحد من التملك العشوائي للسيارات، وتوجيه فئات كثيرة لوسائل النقل الجماعي بدلاً من السيارات، قد لا يشعر كثيرون اليوم بخطورة هذا الأمر، لكن إذا استمرت زيادة أعداد السيارات كما هي في الإمارات، فإن الجميع من دون استثناء سيشعر ويعاني هذه المشكلة، عندها ستكون الخيارات المطروحة حلولاً أقل بكثير مما نملكه اليوم!

المصدر: الإمارات اليوم