مصر بلا أهرامات!

آراء

تطالب بعض الأصوات المتزمتة في مصر بإزالة الأهرامات كونها -كما يزعمون- ليست سوى أصنام وجودها يخالف تعاليم الإسلام. هل ترى إلى أين وصلت بنا جاهليتنا اليوم؟ أصوات التطرف في عالمنا تحتقر عقول شبابنا حينما يظنون أن الشاب المسلم سيبدل دينه بمجرد المرور حول الأهرامات أو لمجرد رؤية كنيسة. بعضهم يحذر مبتعثينا للدراسة في الغرب من دخول الكنائس حتى لو كان ذلك خلال رحلة سياحية. أما السبب فهو في “الخوف على شبابنا من دخول المسيحية”. يعني أن عقلك يا أخي المسلم “مخفّة”! فما أن ترى شيئاً جديداً حتى تأخذ به وتبيع ما كان عندك، لو كان هؤلاء يحترمون دينهم وأبناء معتقدهم لما صوروهم بهذه الهشاشة في إيمانهم؛ فمن سيبدل دينه بمجرد دخول كنيسة؟

الدعوة لهدم الأهرامات ليست “نكتة” حتى وإن بدت لبعضنا كذلك، فالفتنة تبدأ أحياناً بكلمة عابرة أو رأي أحمق. المصيبة أن الفلتان الأمني في بلدان الربيع العربي ساهم في تدفق الأسلحة، من ليبيا تحديداً، إلى الجماعات المتطرفة من سيناء إلى السودان ومن مالي إلى اليمن؛ ولهذا لابد من أخذ التهديدات بإزالة الأهرامات -مهما بدت المسألة مضحكة أو مستحيلة- كمقدمة لمرحلة خطيرة تعيد العنف في مصر إلى مربعه الأول. أما وقد توفر السلاح، فما الذي ينقص جماعات التطرف؟ فتوى؟ تلك آخر همومها. فما من جماعة متطرفة إلا وتنتج مُفتيها، والكل ينافس رفيقه في تبرير أعمال العنف والقتل وتدمير الأهرامات.

يا ساتر: كلما ظننا أن باباً من أبواب الجهل قد أوشك أن يُغلق إذا بنا أمام عشرات الأبواب الجديدة لأشكال من الجهل والجنون لم تخطر لنا ببال، وشر البلية ما يضحك!

 المصدر: صحيفة الشرق المطبوعة