عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

معارضة حضور المرأة في الملاعب كمتفرجة… ما الجديد؟

آراء

قرار السماح للمرأة السعودية بدخول الملاعب كمشجعة ومتفرجة نسمع عنه هذه الأيام أخباراً متناقضة وكأنه قرار كوني سيغير العالم، فرئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم يُصرح في بعض وسائل الإعلام بتوجه للسماح للمرأة السعودية للحضور بالملاعب السعودية، وبعد فترة قصيرة جداً ينفي ذلك ويقول إن مثل هذا القرار سيادي وليس الاتحاد السعودي لكرة القدم والرئاسة العامة لرعاية الشباب هما من يتخذ القرار، في الوقت نفسه نجد المتحدث الرسمي للاتحاد يدلي بعد ذلك بتصريحات لوكالة الأنباء الألمانية يؤكد فيها القرار والسماح للمرأة السعودية بالدخول إلى الملاعب السعودية كمشجعة، وأن القرار سوف يطبق بشكل تدريجي في بعض الملاعب السعودية، خصوصاً في استاد الملك عبدالله الذي يجري إنشاؤه في مدينة جدة، إذ سيخصص 15 في المئة من مقاعده للنساء، على شكل كبائن عائلية تتمتع بخصوصية تمنع الاختلاط، ولو أننا لم نفهم ماذا يرمي له بالخصوصية المحلية التي، مع الأسف، أصبحت شماعة تؤخر الكثير من القرارات لدينا وتكلفنا الكثير من الجهدين الذهني والمادي في حياتنا اليومية.

أتمنى أن يُتخذ القرار بشكل واضح وصريح وأن يُسمح للمرأة لدينا بالوجود كمشجعة في الملاعب الرياضية بكل أنواعها وليس فقط كرة القدم، فبعض النساء كما الرجال قد يكون لهن اهتمامات بألعاب أخرى غير كرة القدم، أسهل طريقة وأكثرها عملية أن يُخصص جزء من أحد المدرجات للعوائل والنساء والأطفال، كما نشاهده في بعض الدول الخليجية، أما أن تكون حاضرة في كبائن مغطاة لا يشاهدها أحد فكأننا بمثل هذه التوجه نقر بخطأ مثل هذا التوجه.

مثل هذا القرار لا شك أنه سوف يعارضه البعض ممن يقفون ضد خروج المرأة في أي مجال، كما تعودنا منهم دائماً، ولكن علينا ألا نلتفت لمثل هذه الأصوات التي تخلط بين الدين والعادات والأعراف المحلية بكل قضية تخص المرأة، مثل هذه القرارات غير ملزمة لأي إنسان أن يذهب بزوجته إلى الملاعب هي رغبة شخصية للبعض يجب أن تُحترم، وباعتقادي أن احترام الحرية الشخصية لبعضنا البعض هي مفتاح الانطلاق إلى الطبيعة، فلا يمكن أن نقيد المجتمع بأكمله بسبب بعض الأصوات التي تعارض مثل هذه القرارات.

تجربتنا التاريخية مع قضايا المرأة تعطينا مؤشرات وحقائق أن لدينا خوفاً وفوبيا بكل ما له علاقة بالمرأة حتى ولو كان ذلك في مصلحتها ومصلحة المجتمع في النهاية، فكلنا يتذكر تاريخ التعليم للمرأة لدينا والمعارضة التي جوبه بها ذلك القرار، ولكن القرار السيادي والنظرة الواقعية كانت قد سبقت نظرة المجتمع في هذه القضية التي أثبت الزمن صحة توجهها، فلو استمع السياسي وركن لتلك الأصوات لكان وضعنا كمجتمع يرثى له، فلا يمكن لعاقل أن يشكك في دور المرأة لدينا في مسيرة التنمية بكل أشكالها كنتيجة لدخولها التعليم الرسمي في وقت باكر، وذلك القرار يقدم لنا دليلاً بأن السياسي له دور كبير في مسيرة التقدم في مجتمعات ألبست ثوب المحافظة وشلت تقدمها.

يمكن القول إنه في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومشروعه الإصلاحي كانت قضايا المرأة السعودية من أولويات هذا البرنامج، فنجد دخول المرأة إلى سوق العمل وفي أغلب المجالات قد هيئت لها، فقرار وزارة العمل بدخول المرأة العمل في محال بيع المستلزمات النسائية استوعب الآلاف من النساء في هذا المجال، على رغم معارضة البعض له بدعوى ما تتعرض له المرأة من ممارسات في تلك المواقع كالتحرش الذي كنا نسمع عنه ولكن في الحقيقة وعلى أرض الواقع هي حالات لا يعتد بها لإيقاف مثل هذا القرار الجريء الذي فتح أبواب رزق للكثير من النساء في بلادنا وحافظ على كرامتهن وجعل منهن نساء عاملات منتجات في المجتمع، كذلك نجد قرار إعطاء المرأة السعودية حق الابتعاث في برنامج خادم الحرمين الشريفين هو أحد المنجزات التي سوف يذكرها التاريخ المحلي في مسيرة المرأة السعودية فهو قرار يستثمر بإنسان هذا البلد من دون تفرقة وسوف يعود بالنفع علينا ككل، على رغم تسقط ومحاربة البعض منا لفكرة الابتعاث أصلاً، سواء للرجل أو المرأة، ولكن المشروع مستمر ونجد من يعارضه بالأمس يرافق زوجته أو ابنته في بعثتها وهذا حق لا شك فيه ولكن نحن مأزومون من التغيير في حياتنا الذي هو الثابت في كل الأزمان.

دخول المرأة السعودية لعضوية الشورى وللمجالس البلدية هو قرار سيادي لا يقل أهمية عن القرارات الأخرى، ويقدم دليلاً أن القيادة لدينا تملك الرؤية لإعطاء المرأة حقوقها، فنحن مسلمون وكثير من البلدان الإسلامية وصلت بها المرأة إلى رئيسة وزراء ووزيرة ومتسابقة رياضية في المحافل الدولية، فعلينا الانطلاق في مسيرة المرأة في بلادنا.

ختاماً: قرار وزارة التربية بحق ممارسة الرياضة في مدارس، الذي صدر أخيراً، يصب في هذا السياق، ولكن الغريب أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهي معنية بشباب وشابات المملكة، لا نسمع لها رأي أو فعل في ما يخص قضايا المرأة لدينا، بل وصلت الحال بها أنها من أقل الجهات الرسمية التي تعمل فيها المرأة إن كان يوجد ذلك.

المصدر: صحيفة الحياة