عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

ملالا يوسف.. مليونيرة العلم والحرية

آراء

كم نحن مساكين في هذا الشرق البائس، الذي يقتل الملايين من شعوبه منه بأيدي بعضهم، وكله باسم الدين، ويخرج علينا كثيرون منا ليباركوا هذا القتل والتخلف، وتدور العجلة والتخلف والقتل مستمران، إلا أن هناك علامات مضيئة في هذا الظلام، ولكن للأسف من أخذ بأيدي هذه النجوم إلى الشهرة والحياة الطبيعية هو الغرب الكافر في نظر الكثيرين منا.

ملالا يوسف، هذه الطفلة الباكستانية، التي تحدت وعائلتها الفكر المتطرف في موطنها في وادي سوات، ودافعت عن حق الأطفال والمرأة في حق التعليم، في بيئة ترى أن دور المرأة هو خدمة الرجل في البيت.

تلك الطفلة تحدت تلك الظروف وأصبحت ناشطة في موقع «بي بي سي» باللغة الأوردية، نشاطها في حق التعليم، الذي يدعو إليه الإسلام، لم يعجب متطرفين من حركة طالبان، فحاولوا اغتيالها في حافلة مدرستها، وأصابوها في إحدى عينيها.

ومنذ ذلك التاريخ أصبحت ملالا أيقونة عالمية بالدفاع عن الأطفال وحق التعليم في مناطق الحروب والاضطرابات في بلدها وفي سورية وغزة، وجمعت الملايين لمساعدة الأطفال للحصول على حق التعليم، هذه الطفلة تحاول أن تغير الواقع المرير، لوضع المرأة في عالمنا الإسلامي، وتوجت مسيرتها بحصولها على جائزة نوبل للسلام عام 2014.

هذا الأسبوع احتفلت بعض الصحف العربية بانضمام ملالا إلى نادي المليونيرات، ومثل هذا الاحتفال من مجتمعاتنا ووسائل إعلامنا يوضح أننا بالفعل على هامش التاريخ بتغير واقعنا، فمن يقرأ التعليقات على هذا التتويج وتجربة ملالا أن نظرية المؤامرة مازالت مسيطرة على كثير منا، فنجد مقولات أن تبني الغرب لها كان بسبب أن من قام بذلك العمل الهمجي هم من يحسبون على الإسلام، وبذلك فهي حرب على الإسلام، وهكذا تستمر المؤامرة، ولكن لا نجد تساؤلات منطقية عن واقعنا الذي أوصلنا إلى إطلاق نار على حافلة طالبات، وكل مطالبهن هي حق التعليم.

لا شك أننا نعيش أزمة حضارية في عالمنا الإسلامي، ونحاول أن نصدر فشلنا إلى الغرب، ونحن المسؤولون عن جزء كبير من هذا التخلف وعدم الانطلاق في ركب الحضارة الإنسانية المعاصرة، فالغرب لا يمنعنا من إعطاء حقوق التعليم والحرية، بل إنه يتبنى مثل هذه القضايا، لأننا نردد في مؤتمراتنا أن التعليم النوعي وحق المعرفة هي مفتاح الحل لجميع قضايانا الاجتماعية والاقتصادية، ولكن تلك الوعود والتوصيات تذهب أدراج الرياح، وتحل مكانها ثقافة اختلطت فيها العادة مع الدين ليستمر الظلام والتخلف في «شرقنا».

للدلالة على عدم جديتنا في تغير واقع حالنا لم أسمع أن دولة عربية أو إسلامية دعت ملالا يوسف إليها لإلقاء محاضرات في جامعتها أو مدارسها، للتحدث عن تجربتها والرسالة السامية التي تحملها، فمثل هذه الخطوة ستخلق أنموذجاً جاداً لملايين النساء والأطفال في أحقية التعليم تحت أي ظرف من الظروف، بدلاً مما نشاهده من واقع سوق النخاسة للنساء تحت حكم «داعش» في بعض المناطق في العراق وسورية.

المصدر: الحياة