من دروس الربيع

آراء

ولتكن خيبة أمل كبيرة في نتائج الربيع العربي إلى الآن، لكنها تشكل درساً مهماً لمجتمعاتنا التي ظلت رهينة لخطاب ومواعظ وشعارات الإسلام السياسي لعقود. ها هم اليوم وقد وصلوا لسدة الحكم في مصر يناقضون أنفسهم ويمارسون ذات الممارسات السابقة التي عابوها على النظام السابق. كل المؤشرات تقول ذلك. وتلك تجربة مهمة للشعوب العربية لعلها تتعلم أن تتجاوز عواطفها التي استغلها الطامحون في السلطة منذ زمن بعيد.

نشأت أجيال وماتت أجيال وهي تستمع لشعارات مؤثرة تخون الغير وتزعم أنها وحدها الحل! ولعبت جماعات الإسلام السياسي على عواطف الناس ومشاعرها الدينية مستغلة القمع الذي مورس ضدها كي تقنع الجماهير أنها مالكة مفاتيح الحل لكل مشكلات الأمة. وها قد ملكوا الفرصة وها هم يهدرونها حينما غلبت نزعة «الحكم» على حكمة «الإدارة».

المرحلة تتطلب من يدير لا من يحكم. وإن لم تكن إدارة التنمية -بمفهومها الشامل- أولوية ومسؤولية أساسية فكل الشعارات مجرد كلام سياسي فارغ لا يرصف شارعا ولا يفتح مدرسة.

مصر اليوم، وهي لاعب مهم في تحولات المنطقة، تمر بمرحلة حرجة ومهمة نجاحها وفشلها سيسهمان في تشكيل الرؤى والمواقف في العالم العربي في المستقبل القريب. من هنا تأتي أهمية مراقبة ونقد أخطاء المرحلة الراهنة في مصر. أما أولئك الأسرى لأيديولوجياتهم وشعاراتهم الماضية فإنما يتعاطون مع الحاضر بعقلية الماضي. وهم عملياً يحبسون عقولهم في شعارات ليس لها أي حضور في زمن التحديات الاقتصادية الكبرى. شباب المنطقة يبحثون عن حلول عملية وواقعية ومشاركة فاعلة يسهمون عبرها في التعاطي عملياً من قضايا جيلهم وتحديات مستقبلهم. أما صراعات الأيديولوجيا وجدالاتها فلن تقدم سوى الفلس!

المصدر: صحيفة الشرق