مهارات حياتية

آراء

لأن الحياة رحلة ومغامرة قد تكون محفوفة بالمخاطر فلابد أن يتسلح لها الإنسان ويستعد منذ الصغر، حتى يتمكن من التغلب على تلك المخاطر والصعوبات. ويُفترض أن يقوم كلٌ من الآباء والأمهات والمدرسة والمجتمع بالمساهمة في إكساب الأطفال مجموعة من المهارات التي لا غنى عنها لينجح الإنسان في حياته، تلك هي «المهارات الحياتية»، التي لابد أن يكتسبها الإنسان على مدار حياته. ويعتبر أحد أسباب تقدّم الأمم هو دمج تلك المهارات الحياتية في نظام التعليم وعدم تركها للظروف، فيتم إكساب الطلاب في مؤسسات التعليم منظومة متكاملة من المهارات والسلوكيات تتوافق مع المراحل العمرية المختلفة، مثل مهارات التفكير الناقد، والتفكير الإبداعي، والوعي الذاتي، وكذلك مهارة اتخاذ القرار.

وحتى لا يصبح الموضوع عشوائياً تسعى الكثير من المؤسسات الدولية لوضع معايير تحتوي على الحد الأدنى الذي ينبغي إكسابه للأطفال واليافعين، حتى تستمر رحلة اكتساب المهارات الملائمة لاحقاً، خصوصاً أن هذه المنظومة قد تختلف من بلد لآخر أو من ثقافة لأخرى، ومن المنظمات التي تهتم بهذا الموضوع منظمة اليونيسيف، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقد قامت «اليونيسيف» بوضع نموذج مبسّط لأهم المهارات التي يجب أن يكتسبها الإنسان تشتمل على أربعة محاور، هي بالترتيب: مهارات إدارة الذات، المهارات الإدراكية، المهارات الاجتماعية ومهارات العمل المشترك. وتندرج تحت المحور الأول مجموعة المهارات التالية: الوعي الذاتي، تقدير الذات والثقة بها، تأكيد الهوية والمسؤولية ومقاومة الضغوط. أما المحور الثاني فيشمل: التفكير الإبداعي، التفكير النقدي، اتخاذ القرار، وحل المشكلات. ويغطي المحور الثالث مهارات الإصغاء، التواصل، تفهّم وقبول الآخر، توكيد الذات، والاحترام. وأخيراً يغطي المحور الرابع مهارات التحري الإيجابي (وهي التعلم من التجارب الناجحة)، التخطيط، عمل الفريق والقيادة، وأخيراً الاشتراك في أنشطة التحسين. يأتي تحت كل مجموعة من المهارات شرح وافٍ ومفصل عن كيفية اكتساب المهارات مع الكثير من دراسات الحالة وقصص النجاح.

لقد حاولت بعض الدول العربية تدريس مادة «مهارات حياتية»، لكن تم التعامل مع هذه المادة بسطحية شديدة، واعتبارها «غير مهمة»، وفي بعض المدارس كانت تستخدم حصة هذه المادة لأي غرض آخر أو اعتبارها «فسحة». إن نجاح أي نظام تعليمي يترجم في نجاح مخرجات هذا النظام وإكساب الخريجين المهارات والسلوكيات والقيم اللازمة لأن يشقوا طريقهم في الحياة بنجاح، فيفيدوا أنفسهم ومجتمعاتهم وأوطانهم، وليس مجرد أوعية تحتفظ بالمعلومات حتى موعد الامتحان لتجترّ المعلومات في كراس الإجابة، وتلقي بعد ذلك بالكتاب في سلة المهملات، فهل يمكن النظر في أمر هذه المادة مرة أخرى؟

المصدر: الإمارات اليوم