مواطن «فوق العادة»!

آراء

مع المواطن في دولنا الحق في المطالبة بتنمية اقتصادية وخدمات وتسهيلات ومشاركة في صنع القرار. معه الحق في طرح الأسئلة الملحة والمحرجة في أسباب الفساد وغياب الشفافية وهيمنة البيروقراطية، إلى آخر القائمة. في المقابل، هل يسأل المواطن الكريم في بلداننا نفسه عن دوره في إصلاح أحواله؟

أقابل كثيراً أناس يظنون أن المواطنة بمثابة «المصباح السحري» الذي يحقق كل الأحلام والأماني وأنت جالس أمام التلفزيون أو في مقهى «أرجيلة» على قارعة الرصيف. بعضنا يختزل التنمية بمعانيها الاقتصادية والاجتماعية الضخمة في القدرة المالية على استقدام مزيد من العمالة المنزلية وشراء أحدث الموديلات من الحقائب والسيارات والساعات. لا تفهمني خطأ. من حق الناس أن تفكر في تحسين طريقة حياتها وفي السفر والترفيه والرفاهية. لكننا معنيون بمواجهة حقائق القصور في فهمنا لمعاني المواطنة وما يترتب عليها من مسؤوليات والتزامات.

عندي أن من «الوطنية» أن يعمل الفرد -مهما زادت ثروته أو علت مناصبه- على تطوير ذاته بالقراءة والتدريب وفهم آخر المنجزات. ومن الوطنية أن نسأل أنفسنا عما قدمناه لمحيطنا، من دائرة الأسرة الصغيرة إلى ما هو أبعد، من خدمة وعون وإسهام في مواجهة التحديات مهما كانت صغيرة.

لماذا مواطننا يظن أن على حكومته أن تكون مثل «المربية» التي تؤكله وتشربه وتطبطب على ظهره حتى ينام؟ ومتى يؤمن الفرد في بلداننا أن من واجباته الوطنية الكبرى أن يتخلَّى عن أنانيته في نظرته القاصرة بأنه هو وحده محور الاهتمام، أنا ومن بعدي الطوفان، والمشكلات خارج بيته لا تعنيه وإنما هي مسؤولية «الأم الحنون» التي اسمها «الحكومة»؟

من الحق أن تطالب حكومتك بمزيد من الخدمات والإصلاحات. ولكنك -في ذات الوقت- مسؤول أن تطالب نفسك بمزيد من الجدية في استثمار وقتك وجهدك من أجل تقديم المفيد لك ولمجتمعك.

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٥٣) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠٥-٠٥-٢٠١٢)