ميلاد مجيد بالمسرّة والسلام

آراء

يعود وجود المسيحية في الإمارات إلى القرن السادس الميلادي، بحسب اكتشافات أثرية في العام 1992، أولاها الراحل الكبير، الشيخ زايد، رحمه الله، بتسامحه المعهود، عناية خاصة، لتضاف إلى الكنوز التاريخية التي تزخر بها الإمارات، سيما أن بلادنا شهدت استيطاناً بشرياً متواصلاً على مدى نحو 7500 عام.

اليوم، تحتفل الطوائف المسيحية في الإمارات بعيد الميلاد المجيد، وتفتح الكنائس المنتشرة في الدولة أبوابها للصلوات، وتتزين المراكز التجارية والفنادق بشجرة الميلاد، وسائر مظاهر الاحتفال المعتادة، وقد ألفنا هذا المشهد منذ عقود، فتسامح الإماراتيين، قيادة ومجتمعاً، مع أتباع الديانات السماوية والمعتقدات الأخرى طبع أصيل، مستمد من ديننا الحنيف، وعميق في ثقافتنا وموروثنا، ومعلمنا الأول، زايد الخير، من أبرز الرموز العالمية في إرساء قيم العيش المشترك بين البشر، على اختلاف أعراقهم ومعتقداتهم.

حجر الأساس لأول كنيسة في الإمارات وُضع العام 1964 في كورنيش أبوظبي، على أرض تبرعت بها الإمارة لبناء كنيسة «سانت جوزيف» الكاثوليكية، لكن قصر الحصن شهد أول قداس في العام 1958، ويروي الأب أندرو، راعي الكنيسة الإنجليكانية في أبوظبي، أن الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، دعا الجالية البريطانية للاحتفال بعيد الميلاد، وتلاوة الترانيم المقدسة في القصر.

هكذا يحدث في الدول المعتدة بهويتها الحضارية، والمنفتحة على ثقافات الشعوب ومعتقداتها، والإمارات لم تبلغ ما بلغته من علو شأن في الإقليم والعالم، إلا لأن الله حباها قيادة راشدة، ومجتمعاً واعياً، ونحن في طليعة الدول العربية والإسلامية التي تمسكت بأصالتها وشخصيتها الوطنية، واختارت الاعتدال منهجاً وثقافة، فكان أن أصبحت الإمارات وجهة مفضلة لملايين الناس للزيارة والإقامة.

وإلى جانب المسيحيين من مختلف دول العالم الذين يعيشون بيننا، فإن أشقاء عرباً في الإمارات، يحتفلون بعيد الميلاد، ولولا جهالات التطرف والإرهاب لم نكن بحاجة إلى التذكير بأواصر الدم والتاريخ بين العرب المسلمين والمسيحيين، ولولا فتاوى متعصبة من خلايا الظلام في أكثر من بلد عربي لا لزوم للحديث عن جواز تهنئة إخوتنا المسيحيين العرب بعيد الميلاد، كما يفعلون هم في أعيادنا الإسلامية، لأن ذلك من خصالنا ومن شيمنا، مسلمين ومسيحيين.

ميلاد مجيد لإخوتنا في الدم والإنسانية، بالمسرة والسلام، وكل عام والإمارات وطن الأمان والتسامح والمحبة.

المصدر: الاتحاد