عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

مَن يُلام في قمة بيروت؟

آراء

أطفأت الأنوار على مؤتمر القمة الاقتصادية العربية في بيروت قبل أن تبدأ فيما يشبه إجماعاً على مقاطعته، دون أن يكون هناك تنسيق يذكر بين قادة الحكومات العشرين.

التغيب لم يكن حركة سياسية معارضة للبنان، ولا قيادته ولا ضد برنامج القمة بل العلة أمنية. فالتمدد الإيراني وهيمنته على المؤسسات اللبنانية بلغ مبلغاً خطيراً أقلق الدول الأعضاء التي لم تشأ المخاطرة والمشاركة على مستويات عليا.

قطر كانت الاستثناء بحكم علاقتها المتحسنة مع طهران. وليس صحيحاً أنها من دعمت القمة، بل جاء التمويل ممن غمزهم ولمزهم وزير خارجية لبنان، السعودية دفعت ثلاثة ملايين دولار والإمارات مليونين ونصف المليون، وكذلك دفعت الكويت مليونين ونصف المليون.

الإحباط والشعور بالخيبة من غياب جماعي للملوك والرؤساء العرب عن القمة الذي عبرت عنه أصوات سياسية يفترض أن يوجه للمصدر، حيث الأخطار المحتملة من إيران في لبنان على الحكومات وقياداتها المشاركة.

ففي بيروت أكبر ميليشيا في العالم وأخطرها، حزب الله الذي هو مشكلة اللبنانيين مدى العمر لا الجامعة العربية خلال يوم واحد زمن القمة، فهو من يمنع تشكيل حكومة البلاد ويتحكم في مطارها، ويخيف القوى السياسية المدنية ويفرض سياساته على رئاساتها، ولو لم يكن حزب الله موجوداً، أو لم يكن مسلحاً ربما كان لبنان دولة مستقرة مزدهرة، وبيروت أغنى كل مدن المنطقة، وأقدر على استضافة مؤتمرات العالم لا الجامعة العربية وحسب.

تعصف بالمنطقة سلسلة أزمات نرى كيف أن معظمها تشترك في أن لإيران علاقة بها. وبكل أسف لم يستقر لبنان، ولن يتحقق للفلسطينيين دولة وحياة مدنية، ولا لليمن والعراق وسوريا والبحرين أمل في مستقبل أفضل طالما استمرت سياسة طهران في دفعها نحو الفوضى.

لا أحد يستطيع أن يساعد لبنان على أن يستقر ويزدهر بوجود عامل الاضطراب الخارجي المستمر في تغذية الميليشيات المسلحة المتورطة في حرب سوريا، والتي ورطت لبنان في نحو أربعين سنة تقريبا مع إسرائيل التي منذ تصفية حساباتها مع منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد دولة مواجهة.

أربعة عقود ضاعت على لبنان التي لا يمكن احتسابها من عمر الحرب الأهلية ولا نتيجة لنزاع التوازنات الطائفية وإن كان البعض يريد تصنيفها كذلك.

أزمات لبنان، وفلسطين، واليمن، والعراق، وسوريا مرتبطة بشكل وثيق بطهران التي وضعت أخيراً في زاوية ضيقة في إطار حرب المقاطعة التي صممتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي إن نجحت في تغيير سياسة إيران سيتحرر لبنان وبقية البلدان المستهدفة، وإن فشلت زادت محنتها.

المصدر: البيان