سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

مُتعثرون في انتظار «العون»

آراء

هناك مُتعثر يقبع خلف القضبان بسبب مبلغ مالي لا يتجاوز الـ24 ألفاً، وأخرى مُعسرة عليها مطالبات بـ36 ألف درهم، وبسببها تقضي فترة من حياتها في السجن، وغيرهما 105 سجناء لقضايا مالية، يبلغ إجمالي مديونياتهم 24 مليوناً و351 ألف درهم، هؤلاء جميعاً ينتظرون العون، فلا سبيل أمامهم للخروج من السجن سوى دفع المبالغ المترتبة عليهم، وإلا لن يأتيهم الفرج.

هؤلاء ليسوا مجرمين، ولم تسجل ضدهم أي قضايا جنائية، هي الظروف والحاجة وضيق ذات اليد، وحدها من جعلتهم يواجهون هذا الموقف الصعب، لذلك أطلقت «الإمارات اليوم»، ضمن دورها الإنساني والمجتمعي، ودائرة المحاكم في دبي، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، مبادرة «ياك العون»، بهدف تجميع المبالغ المستحقة على هؤلاء المتعثرين مالياً من المواطنين في إمارة دبي، تزامناً مع فرحة رمضان، شهر الخير والرحمة والعطف، وحلول عيد الفطر المبارك، ليفرح هؤلاء بلقاء أُسرهم وأبنائهم، وتنفرج كربتهم، فلا أصعب ولا أثقل من همّ الدَّين، فكيف إذا صاحبه سجن وزنزانة؟!

«محاكم دبي» قامت مشكورة بدراسة ملفات هؤلاء المُتعثرين جميعاً وبصورةٍ دقيقة، من قبل لجنة دراسة الحالات في الدائرة، وتأكدت من أحقيتهم في الحصول على تبرعات من أهل الخير، فهم ليسوا مجرمين، بل ضحايا لظروف قاهرة مرّت بهم، أجبرتهم على البقاء داخل محبسهم، وكما يقول رئيس لجنة محاكم الخير، القاضي عبدالرحمن العمادي: «وراء كل منهم قصة إنسانية انتهت به إلى السجن، لعدم قدرته على سداد ما عليه من ديون أو مبالغ مالية».

المبادرة هدفها إنساني بحت، وهي تهدف إلى مد يد العون لهؤلاء المُتعثرين، وهذا نهج إماراتي خالص، كرّسه قادتنا وكرسته حكومتنا، وكرسته أخلاقنا وقيمنا الأصيلة، كما تهدف إلى نشر ثقافة التبرع ومساعدة الخيرين والمُحسنين في ضمان وصول أموالهم لمن يستحقها، إضافة إلى كونها ترجمة حقيقية لسياسة القادة في العمل الخيري الإنساني، خصوصاً أنها تتزامن مع شهر رمضان، وهو شهر الخير والعطاء، و«عام التسامح» الذي أقرته الدولة ليكون نهجاً عاماً يسير عليه الجميع.

الباب الآن مفتوح على مصراعيه للأفراد والمؤسسات ورجال الأعمال وشركات القطاع الخاص، للإسهام، وتكريس التكاتف في هذه المبادرة المجتمعية الإنسانية، فهؤلاء المتعثرون جزء من المجتمع، والوقوف إلى جانبهم في هذه الظروف الصعبة واجب ومسؤولية اجتماعية، ولن ننسى جميعاً توجيهات وتعليمات وحديث نبيّنا العظيم حين قال: «من فرّج عن مسلم كُربة من كُرب الدنيا، فرّج الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة».

المصدر: الإمارات اليوم