ناهض حتر: آخر الخيط لا أوله!

آراء

جريمة بكل المقاييس تلك التي حدثت أمس أمام قصر العدل في عمان وقتل فيها – عن سابق عمد وترصد – الكاتب الأردني ناهض حتر. وهل الأردن العزيز بحاجة لمزيد من المشكلات والتحديات والإرهاب؟

أما وقد وصلت قضية الكاتب اليساري حتر الى المحكمة فكيف يمكن للباحثين عن أعذار وتبريرات للجريمة أن يناموا مطمئني الضمير؟ أسوأ من الجريمة نفسها تبرير الجريمة، أم أن “الهمجية” أصبحت ثقافة سائدة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية حيث يعبر الغاضب عن غضبه بالقتل والنحر والتفجير والإرهاب؟ وكيف لبعضنا أن يعود لتكرار الإسطوانة إياها: داعش لا تمثل الإسلام بينما فكر داعش – بأشكال ودرجات مختلفة – ما زال سيد المشهد؟

نعم.. لا داعش ولا قاتل ناهض حتر يمثلان سماحة الإسلام ورحمته التي لا يعرفها المتشددون والمتعصبون والمتطرفون، ولكن السؤال الكبير هو كيف لقطاع واسع من شباب الأمة أن يرى الوجه الإنساني والحضاري للإسلام بينما المتشددون هم سادة المشهد عبر خطبهم ومنصاتهم التحريضية؟

الجريمة التي ارتكبها قاتل حتر هي آخر الخيط لا أوله، فما سبقها من عوامل أسهمت في تشكيل فكر القاتل هي الخطر الحقيقي، فكيف لنا أن نوقف الكارثة ما دامت المؤسسات الدينية – الرسمية تحديداً – في أكثر من بلد تدور في حمى فكر التشدد والانغلاق والإقصاء؟ لم تعد الدعوة لإصلاح أو تقنين الخطابات الدينية هماً يتناوله المثقفون والكتاب (للأسف بعضهم صُنف ضمن قوائم المغضوب عليهم اجتماعياً وسياسياً) ولكنها أصبحت ضرورة بقاء لا بد للمؤسسات الرسمية أن تتعاطى معها كمهددات حقيقية للأمن الوطني والسلم الإجتماعي.

هذا الخطاب التحريضي يُقوض مفهوم الدولة الذي بدونه تتحول الحياة إلى فوضى وتصبح البلدان كالشتات، وربما غنائم يتقاسمها الأعداء من كل صوب. فلو كان قاتل حتر يفهم ويحترم مفهوم الدولة لما ذهب الى المحكمة، وهي رمز من رموز الدولة، ليصوب رصاصه وجهله نحو الضحية، وكأنه يرسل رسالة غبية مفادها أن لا قيمة للمحكمة بكل قضاتها ومحاميها وإجراءاتها. ولو أن كل فرد في المجتمع سعى لتصفية حساباته – أياً كانت – مع خصومه بنفس طريقة قاتل حتر لتحولت البلدان إلى جحيم من الفوضى والرعب والانهيار.