سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

نماذج لعقول قهرت المستحيل

آراء

من يعتقد أن هناك حدوداً للعقل البشري، وأن هناك قيوداً على حدوده وإمكاناته، فعليه فقط أن يتتبع ويقرأ ويتمعّن في سيرة وقصص بعض العلماء والعظماء ورجال الأعمال الناجحين، الذين حققوا نجاحات خيالية، كان يعتقد كثيرون من البشر أن تنفيذها أو الوصول إليها أمر مستحيل!

فلتمعنوا النّظر في سيرة توماس أديسون، الذي ولد سنة 1847 في مدينة بولاية أوهايو الأميركية، ولم يتعلم في مدارسها الابتدائية إلا ثلاثة أشهر فقط، وبعدها وجده ناظر المدرسة طفلاً بليداً، متخلفاً عقلياً، فتم طرده من المدرسة، ولم يسمح له بمواصلة الدراسة فيها!

هذا الطفل، الذي حكم عليه التفكير المدرسي بالبلادة والعجز والتخلف، استطاع تسجيل (10093) براءة اختراع، ومازال هذا الرقم، إلى يومنا هذا، هو الرقم القياسي المسجّل لدى مكتب براءات الاختراع في الولايات المتحدة الأميركية.

وكان اختراع الحاكي (المسجل) هو أول اختراع يحصل على براءة اختراعه، وقد باعه بمبلغ 40 ألف دولار، وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت، وبذلك ودّع أيام الجوع، واستغنى عن النوم في الأمكنة الخلفية القذرة، واستطاع أن يتفرغ للاختراع، وأن ينشئ معملاً كبيراً في نيويورك، كان فاتحة المعامل والمختبرات للشركات والمصانع في العالم.

إن قصة توماس أديسون تعتبر من أروع القصص العصامية الكفاحية، وفيها دروس باهرة، ودلالات كبيرة، تبرهن على أن الإنسان النبيه، إذا توقد اهتمامه، فإنه قادر على تعليم نفسه بنفسه، وقد فسّر أديسون سر نجاحه بأن «2% من وحي الإلهام، و98% جهد واجتهاد)، لذا استحق أن يسجل اسمه واحداً من أبرز الخالدين في التاريخ، فقط لأنه لم يستسلم لليأس يوماً!

ومن لا يؤمن بأن الخيال يمكن أن يتحول إلى واقع فليتمعن في قصة نجاح بيل غيتس، مؤسس «مايكروسوفت»، وهو من أشهر وأغنى الرجال في العالم، وتعد شركته من أشهر الشركات في إنتاج برامج الكمبيوتر، وكالعديد من الشركات تأسست «مايكروسوفت» من فكرة، لكن هذه الفكرة كانت بمثابة حلم أو رؤية بعيدة المدى، ففي عام 1968 اتخذت المدرسة قراراً غيّر مجرى حياة بيل غيتس، البالغ من العمر حينها 13 عاماً، فقد تم جمع تبرعات خاصة من الأهالي، وذلك لتتمكن المدرسة من شراء جهاز كمبيوتر مع برنامج معالج البيانات، وقد كان ثالث ثلاثة من الطلاب الأكثر اهتماماً به، وهم بيل غيتس، وايفانس، وبول آلن، الذي كان أكبر من غيتس بسنتين، وأسس معه بعد ذلك «مايكروسوفت»، وكان الثلاثة يجلسون مسمرين أمام الكمبيوتر في أوقات فراغهم، حتى إنهم أصبحوا يفهمون في الكمبيوتر أكثر من أساتذتهم، ما سبب لهم مشكلات عدة مع الأساتذة، وكانوا يهملون دراستهم بسبب هذه الآلة الجديدة.

انغمس بيل في عالم الكمبيوتر أكثر فأكثر، وكان يعمل ساعات طويلة، ويبدأ نهاره الساعة الرابعة فجراً، وقد جاءت نقطة التحول لعصر الكمبيوتر الشخصي، حين انكب بيل غيتس وزميله بول آلن لمدة ثمانية أسابيع على تصميم برنامج basic، فكان هذا الأمر نقطة تحول بالنسبة إلى عالم الكمبيوتر الشخصي، وهو السبب الرئيس لولادة شركة «مايكروسوفت»، التي كان شعارها: «اعمل بكد وجهد، طور في منتجاتك، واربح».

أما الملياردير الياباني، ماسايوشي سون، فهو دليل واقعي على عدم وجود «المستحيل»، فقد ولد لأسرة كورية فقيرة جداً، وكان والده يعمل صياداً. وفي ستينات القرن الماضي كان التمييز ضد المهاجرين الكوريين منتشراً جداً، حتى إن زملاءه اليابانيين كانوا يقذفونه بالحجارة في المدرسة.

تمكن سون من تحويل الشركة الصغيرة التي أسسها عام 1981 إلى تكتل يسيطر على ثالث أكبر شركة للجوال في اليابان، وشركة الاتصالات الأميركية «سبرنت»، والأكثر من ذلك أنه أعاد بناء نفسه، بعد أن خسر 99% من ثروته البالغة 70 مليار دولار، ما جعله أقرب إلى الإفلاس، لكنه باستخدام عبقريته وعقله تجاوز المحنة، وأعاد بناء نفسه، ليستعيدها مرة أخرى، ويصبح أحد أنجح رجال المال والأعمال في التاريخ المعاصر!

المصدر: الإمارات اليوم