سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

نهاية الصبر تجاه سياسات قطر

آراء

مخطئ من يعتقد أن تصريحات تميم هي السبب المباشر في قطع العلاقات مع قطر، بالتأكيد تميم نسف بتصريحاته قمم الرياض، وسلخ فيها قطر من مجلس التعاون الخليجي، وهي بالفعل أمر مشين، لكن علينا أن ندرك أن التصعيد وتفاقم الأمور إلى الحد الذي وصلت إليه، لم يكونا وليدي اللحظة، ولا ردة فعل سريعة تجاه التصريحات.

ما حدث أمس هو نهاية صبر خليجي بلغ مداه 21 عاماً، صبر تجاوز كل الحدود والخطوط الحمراء، لم تترك السعودية والإمارات طوال هذه السنوات وسيلة أو محاولة لثني قطر عن نهجها العدائي الغامض، وغير المفهوم، تجاه إخوانها في دول المجلس والعالم العربي بشكل عام، إلا وطرقتها، لكن كانت النتيجة واحدة، هي تعنت واستمرار في الإضرار بالأمن القومي الخليجي، وكذب ونكث عهود، لذا فإن آخر الدواء الكي، ولا علاج للسرطان سوى الاستئصال، فلا تلومونا يا قطر ولوموا أنفسكم!

الأمر لا علاقة له بتصريحات مفبركة أو حقيقية، هذا تسطيح لمشكلة عميقة امتدت جذورها سنوات طويلة، هذه المشكلة بدأت مع انتهاج قطر سياسات غامضة وغريبة تصب في خانة تقويض أمن واستقرار الدول المجاورة وغير المجاورة، هذه السياسات الداعمة للإرهاب، التي تعمل من خلالها قطر على تمويل واحتضان ودعم التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية في جميع بقاع الوطن العربي، واستمرارها بكل تعنت في السير بعنجهية في الطريق ذاته رغم المحاولات الخليجية، ورغم اتفاقية الرياض التي وقعت عليها قطر، ونكثت عهدها سريعاً غير مكترثة بالأضرار الجسيمة التي تسببت فيها في أنحاء جسد الوطن العربي الكبير، ولم تكتفِ بذلك بل بدأت بغرز خنجرها في ظهر إخوانها وجيرانها في دول المجلس، ما جعل الصبر ينفد!

لم تستوعب الحكومة القطرية أنه لا يمكن للسعودية والإمارات والبحرين ومصر أن تقف صامتة إزاء تحركاتها المشبوهة، التي تهدد أمنها واستقرارها، ولم تستوعب أن الحكمة والتروي في اتخاذ القرارات لم يكونا ضعفاً، كما لم تستوعب السياسة القطرية أنه في ظل الأزمات المتفاقمة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، واتساع رقعة الإرهاب الذي راح يضرب في كل مكان، لم يعد بالإمكان التغاضي عن سلوكيات حواضنه والجهات التي تدعمه، من بينها قطر، سواء كان عن طريق الدعم بالمال والسلاح، أو توفير المنابر والمنصات التي تروج له، أو توفير المأوى لأصحاب الأفكار المتطرفة التي تفرق ولا تجمع، وتهدم ولا تبني!

كان لابد من الحزم، وهو الخيار الوحيد الذي تركته قطر أمام دول الخليج، وهذا الحزم يقضي بضرورة تعديل مسار السياسة القطرية، نظراً للأضرار البالغة التي تعانيها المنطقة جراء هذه السياسة، وممارسات القيادة القطرية المتهورة غير محسوبة النتائج، فلا يوجد بلد ولا جهة عاقلة في العالم يمكن أن تدعم التطرف والإرهاب، أو تتغاضى عن أفعال الإرهابيين المشينة، مهما كانت مبرراتها، كما أن المنطقة العربية، وبالذات إقليم دول الخليج، لا يحتمل مزيداً من التوترات والدمار، يكفي ما لدينا من أشباه دول في كل من العراق وسورية واليمن وليبيا، ولدينا أطماع وتدخلات إيرانية ماثلة للعيان في البحرين وغيرها من الدول العربية، ولدينا تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، وتحديات اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط، ووحدة الموقف والصف من أهم شروط مواجهة كل هذه الأخطار، ودول الخليج لن تسمح بأن تكون قطر خطراً إضافياً، بدلاً من أن تكون عوناً لدرء كل هذه الأخطار!

نأسف لحال الشعب القطري كثيراً، وندرك تماماً أنهم متضررون من سياسات حكومتهم التي أدت للوقيعة بين شعوب المنطقة، ونفرق تماماً بين الشعب القطري الذي نكن له كل احترام وتقدير وبين حكومة قطر التي لم تحترم تعهداتها، ونكثت عهودها، وتسببت في شق الصف الخليجي والعربي.

المصدر: الإمارات اليوم