سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

نوع من أنواع الهدر!

آراء

بطاقات الدعوة التي توجهها بعض الدوائر والجهات الحكومية للمناسبات الرسمية التي تُقيمها، تثير علامات الاستغراب، من فرط ضخامتها وفخامتها، والمبالغة الكبيرة في اختيارها، وصرف الأموال عليها، أو بالأحرى هدر الأموال الحكومية في وجه صرف لا معنى حقيقياً له!

شخصياً أتلقّى عدداً كبيراً من الدعوات لحضور مؤتمرات أو مناسبات تنظمها جهات ودوائر ومؤسسات حكومية، وعدد كبير من هذه الدعوات مبالغ بشكل لافت في شكله، وحجمه، ومكوناته، ما يخرجه تماماً عن الهدف المألوف والمعروف عن معنى بطاقة الدعوة، ويقرّبه أكثر من باب الاستعراض والتباهي وهدر المال، فالدعوة يُفترض أن تكون وسيلة إشهار وإعلان لحضور حدث معين، لا أقل من ذلك ولا أكثر، وهذا الهدف يمكن الوصول إليه عن طريق رسالة لصندوق بريد إلكتروني، أو رسالة هاتفية، أو مكالمة، وقد تكون الأخيرة أكثر وقعاً، ففيها من التقدير الشخصي أفضل بكثير من إرسال دعوات في صناديق ضخمة يصعب حملها والتخلص منها!

قد يعتقد البعض أنه أمر بسيط، ولا يستدعي مناقشته، لكنه ليس كذلك، فالمبالغة في شكل بطاقات الدعوة هي طريقة من طرق هدر المال، وإلقائه في سلة المهملات، تماماً كما تُلقى الدعوات بعد قراءتها، فعملياً ليس هناك جدوى أو أي نوع من أنواع الفائدة من هذا الفعل، ولا أعتقد أبداً أن إجمالي الأموال التي يتم صرفها على هذا البند في مختلف الجهات الحكومية يشكّل مبلغاً زهيداً، بل على العكس من ذلك، لاشك في أن الإجمالي سيكون ضخماً للغاية، خصوصاً مع غلاء أسعار هذا النوع من البطاقات!

كان يمكن تكريم موظفين متميزين وتحفيزهم بميزانية طباعة وإرسال هذه الدعوات، بل لو أننا كرّمنا موظفاً واحداً في الدائرة أو الجهة بقيمة بطاقة دعوة، فهذه بادرة جيدة، وهي أهم وأجدى وأجمل من خسارة عشرات الآلاف من الدراهم على بند عديم الجدوى والفائدة، لو فعلنا أي شيء مهما كانت درجة فائدته، فهو في المقابل أفضل من طباعة الدعوات وتوزيعها، وجميعنا يعلم أن نهايتها ستكون في سلة المهملات!

هناك من سيقول، هدر الأموال وإرهاق الميزانيات في أماكن أخرى، وبنود أخرى، أكثر بكثير من الصرف على الدعوات، وهذا بالتأكيد أمر صحيح، والواجب على جميع المسؤولين في كل مكان المحافظة على أموال الدولة، وعدم إهدارها في أي شيء كان، ونحن إذ نستنكر صرف الأموال على بطاقات الدعوة، فهذا يعني بالضرورة استنكار كل الممارسات والأفعال والظواهر التي يمكن أن تؤدي إلى النتيجة نفسها، بغضّ النظر عن نوع الفعل، وكيفية الهدر، جميعها أساليب مرفوضة، ولكن علينا ألا ننسى أن النار تأتي من مستصغر الشرر، وعلينا ألا نستهين بحجم المبالغ الضائعة جراء هذه الممارسات التي يراها البعض صغيرة، فالبحر أصله قطرة، والقطرة شيء لا يذكر إذا ما قورنت بالبحر!

المصدر: الإمارات اليوم