هل ساقت المرأة؟

آراء

حتى الآن لم أشاهد امرأة تقود سيارة في طرقات المملكة، سيأتي يوم وأشاهد. قضي الأمر على أي حال، السؤال قبل أن تقود المرأة بنفسها هل سنصنع صواريخ إذا ساقت المرأة، هل تقدمت الدول الإسلامية التي سمحت للمرأة بقيادة السيارة؟، اختفت هذه الأسئلة وأصبح السؤال الآن هل ستختفي ظاهرة سائق العائلات؟ هل ستختفي الغرف الصغيرة التي تفتح على الشارع، أقرب الظن نعم، وجود السائق ما كان يجب أن يرتبط بالمرأة وبالعائلة ولكن بالحاجة وأحياناً من أجل الرفاهية.

للمرأة الحق أن تقود سيارتها بنفسها أو تستقدم سائقاً أو تقطع المسافات على قدميها، هذه سمة الأحرار الناضجين، الحقوق لا تبادل، أسمح لك بهذا شريطة أن أمنع عنك هذا.

معظم الجدل حول السيارة سار على هذا المبدأ، كان الكتاب يهولون من أضرار السائق على الأطفال وعلى المرأة ويبحثون عن أدلة شرعية تؤكد أن وجود السائق مع المرأة في سيارتها غير جائز، بينما الطرف الآخر يقول إن السائق أخف الضررين. من قال بالرأي الأخير كان أكثر اتساقاً مع مبادئه وفهمه لقضيته، لا تقوم أطروحاته على المساومة والتنازلات.

في المساومات التي تقوم على التنازع الفكري يعمد أحد الأطراف إلى سحب خصمه إلى أرضه، قضية سياقة المرأة كانت مثالاً على هذا، من كان يطالب بحقوق المرأة في القيادة في مقابل التنازل عن حقها في استئجار سائق يقدم تنازلاً جوهرياً. قد يبلغ أن يتهم أنه اصطف مع خصمه، لأنه مس قيمة المرأة وإنسانيتها، جعل حياة المرأة مرتبطة بحاجتها فقط وبظرف أخلاقي وهمي، تصبح المسألة مربوطة فقط بالحاجة، إذا انتفت الحاجة انتفى الحق. كمن يقول إذا كانت حالة المرأة الصحية تتطلب السفر للخارج يسمح لها بذلك ولكن ليس من حقها أن تسافر لسبب آخر كالرفاهية. من كان يشنع على وجود السائق دفاعاً عن حقها في السياقة كان يفكر بهذه الطريقة، يشترك مع خصمه في عدم تقدير حقوق المرأة الأساسية أو أنه انزلق في فخ المقارنة فترك قضيته الأساسية وراح يسرد كل ما يستطيعه لتزيين مطالبه حتى أصبحت تأتي على حق آخر، حصر مطالبه في السياقة ولم يعد ينظر إلى حقوق الإنسان ككل، فقد الدافع الأساسي الذي يدخل تحته حقها في السياقة وحقها في السفر وحقها في العمل وحقها في الرفاهية وكل ما أعطاها خالقها من حقوق. ثمة أمور لا تتجزأ، تجزئتها يعني الإخلال بها، عندما نتحدث عن حقوق الإنسان فنحن نتحدث عن شيء واحد جوهري.

المصدر: الرياض