هم زائلون والقدس باقية

آراء

يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يهرب من لجان التحقيق والاستجواب إلى القدس، متعلقاً بالقشة التي يراها في يد اللوبي الصهيوني، علها تنقذه بعد أن ضاقت الحلقة حول رقبته.

العالم كله أصبح في كفة، والولايات المتحدة في كفة أخرى، وقد تكون كفة القطب الأوحد صاحب القوة والنفوذ والهيمنة، هي الراجحة، حيث لن تتعدى الاعتراضات الرسمية من دول العالم البيانات والتصريحات وعدم تأييد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ومن ثم نقل السفارة الأميركية إليها، وتأتي الدول العربية في المقدمة، فأحداث المنطقة استنزفت الجهود وشتتت العقول.

وأضاعت كل الفرص لاتخاذ موقف جماعي حازم، فالظروف التي تمر بها منطقتنا أكبر من الالتقاء حول قرار واحد في قضية من قضايانا، ومع ذلك نعتبر ما سمعه ترامب من القادة العرب الذين اتصل بهم هو الحد الأدنى المتاح حالياً، وأيضاً التصريحات التي صدرت حتى الآن من الدول العربية الأخرى، ومن الاتحاد الأوروبي أيضاً وبريطانيا، وكان القلق هو العامل المشترك في أغلب المواقف.

الواضح أن ترامب لم يقرأ التاريخ جيداً، ولم يعرف القيمة الروحية للقدس عند الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وعند المسيحيين، ولم يخبره أحد عن الأباطرة والملوك الذين سقطوا تحت أعتاب القدس وأسوارها على مر العصور، وما زالت اللعنة تلاحقهم في قبورهم لتجاسرهم على الأرض المباركة، فهذه ليست أرض السلطة الفلسطينية أو محمود عباس، وليست خاضعة لألاعيب السياسة، ولا تنقل ملكيتها باحتلال غاشم أو بقرار متغطرس.

القدس فوق الجميع، هم زائلون وهي الباقية، بمساجدها وكنائسها وبعروبتها، طرقاتها لا تقبل بالدنس، وأحجارها لا تلامسها يد نجسة من محتل مغتصب، الحق منقوش فوق أرضها وعلى جدرانها، ومن اشترى لنفسه صفحة سوداء في تاريخ البشرية يتحمل نتائج أفعاله في حياته وبعد مماته، لينضم إلى ريتشارد الذي كان «قلب الأسد» قبل أن تحطمه القدس، وإلى «بلفور» الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، والقائمة طويلة، تسودها أسماء لا تذكر بالخير، وقد كنا نظن أن دونالد ترامب أذكى من الذين سبقوه من الواهمين!!

المصدر: البيان