عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

وانكشف «حزب الله» !

آراء

الأزمة والصراع في سورية باعتقادي فضحا المنادين بالحرية والديموقراطية والعدالة، فعندما كانت الثورة المصرية مثلاً في أوج مراحلها لم يتوان هؤلاء باتهام نظام الرئيس حسني مبارك بالعمالة للغرب، وكأن من يستمع لهم يعتقد أنهم يعيشون في واحات من الديموقراطية والعدالة في بلدانهم، ولكن بانتصار الثورة المصرية، على رغم كل العثرات التي تعيشها الآن، وانتقال الربيع العربي إلى بلدانهم، خصوصاً في سورية، نجد أن هؤلاء، وعلى رأسهم حزب الله في إيران ومن خلفه ربيبته إيران، يتملصون من مبادئهم التي ضحكوا على بعض السذج في منطقتنا العربية لسنوات وأسسوا لمحور ممانعة عربية ضد العدو الإسرائيلي ودخلوا في حرب معه في 2006، ولكن ما حدث في سورية من ثورة شعبية سلمية تنادي بما كانوا يتغنون به نجدهم يرتدون عن ذلك الخطاب الدعائي المكشوف.

الغريب أنهم لم يصمتوا فقط على ما يحدث في سورية من مذابح ضد المدنيين السوريين، ولكنهم، مع الأسف، أصبحوا جزءاً من الصراع في سورية، فحزب الله، مناصر الضعفاء في العالم، كما يدعي في أدبياته السياسية، أصبح يرسل كوادره للداخل السوري، وأكبر دليل على تورطه ووقوفه مع نظام بشار الأسد، تلك الجنائز التي تقام في لبنان لمن قتلوا في سورية، والغريب أن رئيسه الذي عودنا على خطبه الرنانة وتوزيعه للاتهامات للأنظمة العربية بسبب تخاذلها، كما يدعي في مقاومة المحتل الإسرائيلي، ولكننا نجده يلزم الصمت في هذا الظرف الحساس الذي تمر به المنطقة العربية، بل إنه أصبح رجع صدى للنظام السوري، فكلنا يتذكر في بداية الأزمة السورية، خصوصاً عندما دخلت مرحلة الصراع المسلح يهدد أنه في حال كان هناك تدخل عسكري في سورية وسقط نظام بشار الأسد فالمنطقة برمتها مقبلة على انفجار قد يهدد السلم والأمن في العالم.

الآن حزب الله، ومن خلال تدخله المباشر في الصراع بسورية، يحاول أن ينقل جزءاً من الصراع في الداخل السوري إلى لبنان ليخفف الضغط على النظام السوري، وكلنا يتذكر محاولات بشار الأسد تصدير أزمته إلى تركيا ومع حدوده مع إسرائيل ومع الأردن، إلا أن تلك المحاولات لم تؤتِ ثمارها، الورقة الوحيدة والمستعدة للتضحية للقيام بهذا الدور هي حزب الله في لبنان، ولولا العقلاء في لبنان وفي بعض الدول العربية لتفجر الوضع الأمني في الداخل اللبناني، وهذا ما يسعى إليه نظام بشار.

في هذه المقاربة نجد حركة حماس وقائدها خالد مشعل اتخذت موقفاً أكثر توافقاً مع المبادئ التي تنادي بها، وقد دفعت الثمن بخروجها وإغلاق مكاتبها في العاصمة السورية، وهذا موقف سوف يسجله التاريخ لها.

حزب الله، ومن خلال قنواته الإعلامية، نجده الآن يطرح ما يردده الإعلام الغربي من وجود «القاعدة» والمتطرفين، وأنهم الخطر الذي يجب أن يقف الجميع ضده، هذا الحزب الذي لا يمل من عدائه للغرب، خصوصاً لأميركا نجده اليوم يصطف إلى جانبها ضد الثورة السورية، وهو يعلم أن الثورة السورية هي ثورة شعب مظلوم رزح تحت هذا النظام المجرم لعقود طويلة، هل نقول لعن الله السياسة، أم نشكرها لأنها عرّت المزيفين من أمثال هذا الحزب، وأن القضية في النهاية هي مصالح سياسية تتغير بحسب الظروف، وهذا ما دفع حزب الله لتدخله السافر والوقوف إلى جانب نظام بشار الأسد.

المصدر: صحيفة الحياة