عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

وكأنه لم ينجح أحد!

آراء

نعم، نتائج امتحانات الطلاب التي أعلنها الدكتور علي النعيمي منذ عدة أيام على الهواء مباشرة، كانت صادمة وإن لم تكن جديدة، فكثيرون في حقل التعليم يعلمون أن أوضاع ومستويات الطلاب آخذة في التدهور لأسباب مختلفة، الدكتور النعيمي قال الحقيقة بوضوح: 15 % نسبة النجاح، أي أن 85 % من مجموع الطلاب راسبون!

هذا يذكر بأمرين: الأول بتلك النتائج التي كنا نسمعها تذاع في نتائج امتحانات الثانوية العامة في منتصف الثمانينيات، المدرسة الفلانية »لم ينجح أحد«، والفرق أن عدد التلاميذ في تلك المدرسة النائية غالباً ما لا يتجاوز أربعة أو خمسة طلاب في معظم الأحيان، وهي نتيجة قد تبدو مقبولة ومبررة قياساً بتلك الأيام البعيدة، لكنها غير مقبولة أبداً، بعد كل هذا التطور الذي أصاب جميع بنى المجتمع ومجالاته في دولة الإمارات، وبعد كل ما نراه ونلمسه من اهتمام القيادة ورعايتها لبرامج وخطط وتوجهات مؤسسة التعليم الأولى في المجتمع: وزارة التربية والتعليم.

الأمر الثاني الذي تحيلنا إليه هذه النتيجة هو ذلك التقرير الذي صدر في الثمانينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، إبان عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان، ذلك التقرير الشهير الموسوم بـ»أمة في خطر«، وقد جاء التقرير نتيجة عمل لجنة شكلها مكتب الرئيس مباشرة وتضم خبراء ومعلمين وطلاباً وأولياء أمور وعلماء تربية وسلوك وغيرهم، جابت مدارس الولايات المتحدة وأجرت مقابلات ودرست المناهج والمباني ومستويات المعلمين، ثم كانت نتيجة عملها خلال عام كامل، أن الولايات المتحدة كقوة عظمى عسكرياً وسياسياً تواجه خطراً كبيراً يهدد وجودها وقوتها وقدراتها التنافسية، بسبب تدني مناهج ومستويات التعليم والطلاب، وتحديداً في علوم الفيزياء والرياضيات، ومن هنا جاء عنوان التقرير.

الدكتور علي النعيمي قال في ثنايا مداخلته التي علق فيها على هذه النتيجة المحبطة: »هذه هي الحقيقة ولن نجامل أحداً، أو نضحك على أنفسنا أو نخدع القيادة أو أولياء الأمور، هذه هي نتائج ومستويات الطلاب، وعلينا أن نقف على الأسباب وندرسها ونحللها ونتحمل مسؤوليتنا جميعاً بعد ذلك«، وهو كلام ممتاز نظرياً، لأنه اعتراف واضح بوجود خلل، وتصميم واضح على تداركه، وذلك بتشكيل لجان مختصة لدراسة وتحليل نتائج الامتحانات، لمعرفة أين يكمن الخلل وكيف تتوزع المسؤولية، وأين هي نقطة الضعف الحقيقية؟

بالإرادة يمكن تجاوز هذه العثرة فعلاً، وبالتصميم والمكاشفة، وببرامج حقيقية تركز على التعليم الحقيقي، وليس على قشور التعليم!

المصدر: البيان