محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

2 يوليو … يوم للعدالة وكرامة الإنسان

آراء

رغم الهجوم المنظم والتشكيك الممنهج من قبل أتباع “الإخوان” في قضاء الإمارات، فإن ذلك لم يهز من ثقة المواطن الإماراتي في قضائه ورجال القانون، وفي العدل الذي يتوسمه في هذه المؤسسة المستقلة بحكم القانون والدستور، والمواطن الإماراتي مستعد اليوم أكثر من أي يوم سابق لتقبل ما سيحكم به القاضي في قضية “التنظيم السري”. ويبدو أن هذا ما يزعج “الإخوان” الذين يزدادون إحباطاً يوماً بعد يوم، وهم يرون فشلهم المتراكم أمام حب شعب الإمارات لوطنه وقيادته ومؤسساته الدستورية والقضائية والتنفيذية.

ما يقوم به بعض مؤيدي المتهمين، وما يروجه تنظيم “الإخوان” عن الإمارات خطأ استراتيجي جديد سيتحمله “إخوان الإمارات” الذين تؤكد الأحداث أنهم يفتقدون إلى أبسط قواعد الفهم السياسي، فضلاً عن الفهم الاجتماعي والأخلاقي. ففي الوقت الذي يوجه فيه تنظيم “الإخوان” في مصر تحديات في استمرار بقائه في الحكم، بعد فشله الذريع في إدارة البلاد، فإن أتباع هذا التنظيم في الإمارات لا يزالون يحلمون بـ”المستحيل”، فإن كان لدى بعض النخبة، أو عامة الناس شيء من الثقة بأن أتباع هذا الفكر، يمكن أن يضيفوا شيئاً للدول إذا حكموها، فبلا شك أن الجميع موقن اليوم أن هذا الأمر لم يعد وارداً، وإن أقصى ما يمكن أن يقوم به هذا التنظيم على وضعه الحالي هو إدارة تنظيم سري في الخفاء يدير ويحرك أتباعه بنظام “السمع والطاعة العمياء”.

أما العمل مع الآخرين، وبأسلوب ديمقراطي، وفي مناخ من الاختلاف والتعددية، فإن هؤلاء أبعد ما يكونون عنه، وغير قادرين على ذلك، وهذا غير مستغرب مع مجموعة شعارها “إذا لم تكن معنا، فأنت ضدنا”. وإذا كنت ضدنا، فأنت ضد الإسلام والشريعة والدين، وبالتالي فأنت ليبرالي علماني شيوعي ملحد، وأنت تعرف أين مصير هؤلاء في الآخرة!

لذا قد يكون التوقف عن تلك الحملات التي أثبتت فشلها خيراً لتلك المجموعة.

مجتمع الإمارات الذي كان في إلقاء القبض على هذه المجموعة مصدوماً، وغير مصدق أن من أبناء الإمارات من يمكن أن يكون ضد وطنه أصبح اليوم يدرك وبشكل واضح أن فئة من أبناء هذا الوطن، ضلت طريقها وهي اليوم تحاسب. وأصبح يدرك أن مجتمعنا ليس مثالياً، فكما أن هناك الملتزمين تجاه وطنهم، فإن هناك من ضل الطريق.

عندما تصدر الأحكام يوم الثلاثاء المقبل، لابد أن نتوقع أن الأحكام لن تعجب الجميع. سواء من هم مقتنعون ببراءة الجميع، أو من هم مقتنعون بإجرام الجميع، وهنا لابد ألا ننسى أن ليس دور القضاء إرضاء أي شخص أو طرف، وإنما دور القضاء هو تطبيق القانون وإقامة العدل بين الناس، وفي المقابل، فإن بعض المنظمات الدولية متحفزة لذلك اليوم، وبعضها للأسف متحيز لطرف على طول الخط، لذا لو جاءت الأحكام على غير ما يريدون، فهم متأهبون للهجوم بكل الوسائل وكل الاتجاهات، بعكس بعض أهالي المتهمين الذين يلتزمون بموقف وطني موضوعي يُحسب لهم.

احترم موقف أغلب أهالي المتهمين الذين أثبتوا أن الولاء للوطن وللقيادة فوق كل شيء، واحترم أولئك الرجال والنساء الذين عندما وضع الوطن في كفة، ووضع أقاربهم في الكفة الأخرى اختاروا كفة الوطن، دون أن يتخلوا عن أقاربهم. احترم أولئك الرجال والنساء الذين أعلنوها واضحة، أن ثقتهم في قضاء بلدهم لن تهزها مشاعرهم وعواطفهم تجاه أقاربهم، وأنهم سيحترمون أحكام القضاء مهما كانت قاسية وفي الوقت نفسه، سيقفون إلى جانب أقاربهم وأرحامهم في محنتهم.

أما أقارب وأهالي الموقوفين ممن يرفضون كل ما يحدث ولا يريدون إلا أن يقتنعوا بأن ذويهم أبرياء، فلابد أن نلتمس لهم بعض العذر، ولكن على هؤلاء أن يدركوا أن الوطن فوق الجميع، وأن مصلحة البلد فوق مصالحنا جميعاً.

بالنسبة للمواطن الإماراتي ذاك اليوم القادم، هو يوم لتحقيق العدالة التي هي غاية الجميع، وذاك يوم للتأكيد على كرامة الإنسان على أرض الإمارات، فكل فصول المحاكمة التي شهدناها أكدت أن كرامة الإنسان فوق كل شيء، وهي مصانة على أرض الإمارات حتى المتهم له كرامته التي تصان، بل وحتى من تتم إدانته، فإن له كرامته التي تُصان رغم الجزاء الذي يناله.

البعض يتساءل ماذا سيحدث بعد أن تنتهي المحاكمة، ويعلن القاضي حكمه، وما سيحدث ببساطة هو أن جميع أبناء الإمارات سيواصلون مسيرة البناء والإعمار، وسيتكاتفون جميعاً من أجل حماية وطنهم ومكتسباته، والبعض من أبناء الإمارات سيحاولون مساعدة أولئك الذين حادوا عن الدرب من أجل إعادتهم إلى الصواب… بعد هذا اليوم ستكون الإمارات عصية أكثر من أي وقت مضى على “الإخوان”، ومن “خاونهم”، وستكون الأرض التي تلفظ كل من لا يحترم قوانينها، ويمارس على أرضها ما يتعارض مع أنظمتها.

في المقابل، بعد الثاني من يوليو، سيواصل البعض هجومه على الإمارات وتهجمه عليها، وستستمر محاولات البعض في اختلاق المشكلات في الإمارات وحولها. ولن يتوقف البعض عن إبراز سلبيات البلد وتضخيم الأخطاء فيها، وستبقى الإمارات كما هي دائماً ترد على منتقديها بالأفعال وبمزيد من الإنجازات، فالشجرة التي تستمر في الإثمار سيستمر البعض في رميها بالحجارة.

الأمر الأهم الذي سيتأكد منه البعض بعد أن نقلب صفحة هذه القضية، هو أن “محاولة استغلال سماحة وطيبة هذه الأرض، وأهلها مكلف جداً”، مكلف أكثر مما يمكن أن يتوقع.

المصدر: صحيفة الاتحاد