جمال خاشقجي
جمال خاشقجي
كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية

5 % زيادة للإعلام الجديد

آراء

حيث إنني مشغول بتأسيس محطة العرب الإخبارية في زمن تتغيّر فيه ملامح وقواعد وأدوات الإعلام كل خمس دقائق، فقد اغتنمت الفرصة أن كنت أمام السيد بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت ومطور البرامج الشهير خلال قمة أبو ظبي الإعلامية، فسألته كيف أوزّع ميزانية تأسيس المحطة الإخبارية بين التلفزيون التقليدي والإعلام الجديد؟

قبل أن أذكر إجابته في نهاية المقال، كان تقديري أن علينا تخصيص 75% للتلفزيون التقليدي و25% للإعلام الجديد، والمقصود هنا هو الإنفاق على المحتوى الذي وإن كان في أصله خبر وتعليق وتحليل ورأي، إلا أن ثمة أكثر من طريقة وأسلوب لصياغته وتوزيعه، التقليدي هو ما ترونه الآن على شاشات الإخباريات العربية، بينما يجلس أحدكم على كنبته المفضلة، و هو أيضاً ما تشاهدونه على شتى الأجهزة المحمولة، ولكن المحتوى الجديد هو الذي يصاغ ويسجل، ليتوافق مع مواقع الإنترنت والأجهزة الزكية، فمشاهدتك لبرنامج «يا هلا» لعلي العلياني على آي فون لا تعني أنه إعلام جديد ما لم تعد صياغته أو ينتج متوازياً بشكل غير ما يبث على التلفزيون.

هل كنت واضحاً؟ لا أعتقد، إنها مادة لن تراها على التلفزيون مثلما تراها وتتفاعل معها على غير التلفزيون، وكذلك هي مادة كانت على التلفزيون، ولكنك تراها في وقتك المناسب على هاتفك، أو حتى على تلفزيون تفاعلي، أعتقد أنني عقّدت الصورة أكثر.

باختصار الإعلام بات معقداً، ولا يزال في حالة سيولة ولم يستقر بعد، فأدوات الإرسال والتلقي تعددت وتداخلت، ما يجعل المهمة صعبة مثلما أجد صعوبة الآن في شرح أفكاري، فلا توجد دورة إرسال وتلق واحدة، ولا اثنتان أو ثلاث، إنها دورات عدة، تتغيّر باستمرار بتغيّر التقنيات وتوفرها، وكذلك عادات المستهلك، والأخير مهم جداً، فبينما يحاول المنتج أن يلاحقك، تصر على تغيير عاداتك في المشاهدة.

فمثلاً، دخول أجهزة الجيل الرابع وارتفاع سرعة الإنترنت سيغيران عادات المشاهدة، وسيشجعان المطورين والمبرمجين وكذلك المنتجين التقليدين على التوسع في ساحة الإعلام الجديد.

أعتقد أنني وجدت التعريف المناسب لشرح فكرتي، هدف أية قناة تلفزيونية هو أن تلاحق المشاهد، لتصل إليه أينما حل، أمام التلفزيون، أو يتابع الأخبار على شبكات التواصل الاجتماعي، تارة من على هاتفه أو جهازه اللوحي، أو في مكتبه أمام كمبيوتر متعدد القدرات. فنفس المادة الخبرية يجب أن تتوفر بأشكال مختلفة، فعلى الكمبيوتر يمكن أن يتوسع المحرر في مادته، ولكن على المحمول يجب أن يختصرها، فأكثر المواد مشاهدة هي الأقصر، وبالتالي على القناة التلفزيونية أن تعيد إصدار مادتها التي بثت في أربعين دقيقة إلى بضعة كليبيات لا تزيد عن دقيقة ونصف الدقيقة، وإن لم يفعل المنتج هذا سيفعله المستخدم.

القضية الثانية هي كيف تستطيع القناة التلفزيونية أن تحصل على دخل من مادتها المنتجة التي تأخذ سبيلها في بحر الإنترنت عجباً؟ ثمة أدوات لذلك طورتها جوجل وساحتها الواسعة لمقاطع الفيديو «يوتيوب».

وسط هذه الأفكار المتداخلة والمتغيرة، وصلني جواب السيد جيتس وهو أن علي أن أخصص 30 في المئة على الأقل للإعلام الجديد و70 في المئة للبث التقليدي، مشيراً إلى أن هاتين النسبتين ستتغيران باستمرار لصالح الإعلام الجديد طالما استمر المستهلك في هجرة الإعلام التلفزيوني التقليدي إلى الجديد.

المهم يجب أن أعود لميزانية العرب الآن، وأضيف 5 في المائة على ما خصصته للإعلام الجديد، نراكم قريباً على شاشة التلفزيون وبضع وسائل إعلامية أخرى.

المصدر: مجلة روتانا