خلف الحربي
خلف الحربي
كاتب سعودي

5000 دجاجة فاسدة يوميا

آراء

أكبر خطأ ترتكبه في يوم العطلة أن تكون أول مواطن يصحو من بين الملايين النائمة، سوف تكتشف أن (ما حولك أحد) منذ اللحظة الأولى، لا أنيس لك إلا الجرائد التي تعرض صور وأقوال أشخاص يغطون في نوم عميق، وحتى هذه اللحظة لا أعلم لِم استيقظت قبل الجميع لأقرأ خبرا في جريدة الاقتصادية، منقولا عن رئيس جمعية حماية المستهلك، جاء فيه أن مسحا مباركا قامت به الجمعية في أسواق الرياض كانت من أبرز نتائجه أن كمية الدجاج الفاسد المعروض للبيع وصل معدل خمسة آلاف دجاجة فاسدة يوميا!.

هذا الدجاج الفاسد في العاصمة فقط، حيث يفترض أن تكون أجهزة الرقابة في أقصى درجات اليقظة، ولكم أن تتخيلوا كم دجاجة فاسدة معروضة للبيع في المدن والبلدات النائية، وبالطبع نحن نتحدث عن الدجاج فقط دون غيره من الكائنات الحية والميتة؛ لأن من نتائج هذا المسح المبارك أن نسبة المعروض الفاسد في سوق السمك وصلت 70 بالمائة!، ونسبة تفاوت الأسعار في محلات بيع الملابس النسائية وصلت فوارق بلغ بعضها ألف في المية!.. أي أن أفضل شيء يمكن أن يقوم به القوم النائمون هو أن يواصلوا الشخير لأن في يقظتهم مصائب أكبر.

ليس بعد هذه النسب والمعدلات الجميلة اللطيفة التي كشف عنها مسح ميداني طارئ داعٍ لأن أقول لكم أن نسبة إنجاز جمعية حماية المستهلك صفر بالمائة، ونسبة إنجاز وزارة التجارة مليون صفر تحت قاع البحر، ونسبة إنجاز البلديات مضروبة بالخلاط، ولكن الذي لفت انتباهي هو حجم الدجاج الفاسد الذي يأكله الناس قبل النوم، فينبت لهم ريش مع مرور الأيام، ويصحو كل واحد منهم وقد امتلأ دماغه بالبيض الذي لا يفقس أبدا.

حتى لو امتنع الإنسان عن أكل الدجاج كي لا يلحقه فساده، فإنه مجبر على هضم ألف دجاجة فاسدة يوميا دون أن يشعر، يقرأ عن بدء العمل في مشروع عملاق ويتذكر أنه قرأ عن انطلاقة المشروع نفسه قبل عشر سنوات دون أن يتحول إلى واقع فيعرف أنه ابتلع دجاجة فاسدة رغما عن أنفه، يهرب إلى الواقع الافتراضي فيجد نفسه أمام أطروحات عنصرية وطائفية بغيضة فيبتلع الدجاجة الفاسدة ويعود من حيث أتى، يخرج إلى الشارع فيجد كل الطرق شبه مغلقة فيحاول الطيران على طريقة الدجاج، لكنه سرعان ما يعود إلى الأرض لأن أجنحته خائبة.

يذهب إلى دائرة حكومية كي ينهي معاملة تافهة فيجد نفسه مضطرا لالتهام شاورما الدجاج المبهرة بالفساد، يتجه إلى عمله ويقرر أن يعمل بكل إخلاص فيكتشف في نهاية الدوام أنه يعمل في مزرعة للدجاج للفاسد، يركب سيارته لتتحفه إذاعة الإف إم بأغنية تجاوزت مرحلة ما بعد الهبوط فيلتهم هذا الكتكوت الفاسد على عجل وهو في طريقه إلى البيت، يجلس مع صغاره الذين لا يعرفون شيئا عن المستقبل (منتوف الريش) فتأتي أم العيال بكبسة الدجاج الفاسد فيأكلون وينامون ويحلمون بمجيء يوم العطلة لعل وعسى أن يفقس البيض!.

المصدر: عكاظ