أطلقت فرنسا وبلجيكا وألمانيا أمس حملات اعتقال واسعة شملت عشرات المتشددين المشتبه بهم بعد أكثر من أسبوع على الاعتداءات الإرهابية التي أسفرت عن سقوط 17 قتيلا في باريس. واعتقلت الشرطة الفرنسية 12 شخصا يشتبه في انهم قدموا دعما لوجستيا لمنفذي الاعتداءات وخصوصا بالأسلحة والسيارات. بينما استجوبت الشرطة البلجيكية 13 مشتبها به، بعد ليلة سابقة قتلت فيها إرهابيين واعتقلت ثالث. فيما داهمت الشرطة الألمانية 12 منزلا ومسجد، واعتقلت اثنين بشبهة الانتماء لخلية جندت مقاتلين للسفر إلى سوريا.
جاء ذلك، في وقت دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أمس إلى رد جماعي وحازم في مواجهة الإرهاب وشدد على ضرورة تحسين التعاون الدولي وتقاسم اكبر للمعلومات الضرورية حول تحركات المتطرفين وأي دعم أو تمويل يمكن أن يحصلوا عليه، وأيضا زيادة مكافحة التهريب وخصوصا تهريب الأسلحة. وقال «إن هناك إجراءات أخرى ستتخذها بلاده فيما يتعلق بالمقاتلين الذين يذهبون إلى ميادين القتال، كما اكد أهمية تشديد الرقابة على الحدود وبدء العمل بسجل أوروبي لتبادل المعلومات عن المسافرين ومراقبة من ينتقل من والى الشرق الأوسط.
وأعلن مكتب الادعاء في باريس أن الشرطة اعتقلت 12 شخصا يشتبه انهم قدموا العون لمتشددين. وقال وزير الداخلية برنار كازنوف «إن الموقوفين في المجمل معظمهم معروفون لدى الشرطة بارتكاب جرائم.
وقالت مصادر قضائية إن الموقوفين هم 8 رجال و4 نساء وقد اعتقلوا في باريس وسيستجوبون حول اي دعم لوجستي محتمل قد يكونوا قدموه لمنفذي الاعتداءات خصوصا لجهة الاسلحة والسيارات. وقالت شركة السكك الحديدية إن محطة قطارات في باريس أخليت لمدة ساعة تقريبا في وقت الذروة الصباحي لكنها لم تذكر تفاصيل عن طبيعة التهديد.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن هذه الحملة تظهر تصميم الدولة التي تعمل بلا هوادة لوضع يدها على كل الذين يمكن أن يكونوا شركاء في الاعتداءات الوحشية». لكنه نفى أي رابط مباشر في المرحلة الراهنة بين اعتداءات باريس وعملية مكافحة الارهاب التي جرت في بلجيكا. فيما قال هولاند إن بلاده تعمل بشكل وثيق مع جيرانها لاسيما بلجيكا في الوقت الراهن لمكافحة الإرهاب، مشددا على ضرورة أن يكون هناك رد صارم وجماعي ضد الإرهاب. واضاف «كل بلد يجب أن يأخذ كل الإجراءات اللازمة لمكافحة الإرهاب وهناك إجراءات أخرى سنتخذها فيما يتعلق بالمقاتلين الذين يذهبون إلى ميادين القتال يتدربون ثم يعودون إلى بلداننا للقيام بما هو أسوأ».
والتقى أولاند أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي بذل كل ما في وسعه لحمل الفرنسيين على نسيان التمثيل الضعيف لبلاده في المسيرة التاريخية الأحد في باريس للتنديد بالإرهاب. وقال وزير الخارجية الأميركي الذي يتحدث اللغة الفرنسية «أننا نشاطر الشعب الفرنسي ألمه». وقال «يجب أن لا ينخدع احد: فما لا يفهمه الإرهابيون ولا يستطيعون فهمه هو أن الشجاعة واللياقة لن يستسلما أمام الترهيب والتخويف». وأضاف «لن ندع انفسنا نقع في اليأس».
وفي بلجيكا، تواصلت حالة التأهب غداة عملية للشرطة لتفكيك خلية إرهابية وشبكتها اللوجستية في فرفييه. وأعلنت النيابة العامة أن الخلية كانت على وشط قتل عناصر من الشرطة على الطريق العام وفي مراكز الشرطة. وأسفرت العملية عن توقيف 13 شخصا. وأوضح مسؤول النيابة تييري فيرتس خلال مؤتمر صحفي أن بروكسل ستطالب بتسليم بلجيكيين أوقفا في فرنسا في إطار هذا التحقيق. بينما قال مصدر في الشرطة الفرنسية ان المطلوبين أوقفا في شامبيري (وسط شرق فرنسا) بناء على معلومات من السلطات البلجيكية.
وكانت الشرطة البلجيكية داهمت الخلية الإرهابية مساء أمس الأو حيث قتل اثنان من المشتبه بهم بعد ان ردوا باطلاق النار على الشرطة، واعتقل ثالث. وقال فيرتس «كانوا يستعدون للانتقال الى الفعل، خلال بضعة ايام كحد أقصى»، وأضاف انه كانت بحوزة هذه المجموعة اربع بنادق كلاشنيكوف ومسدسات وذخيرة وبدلات للشرطة وهواتف محمولة ووسائل اتصالات ووثائق مزورة ومبالغ كبيرة من المال. وقال مسؤول آخر في النيابة هو اريك فان در سيبت إن المجموعة وبعض أعضائها قاتلوا في سوريا، كانت تخطط لهجمات في كل بلجيكا. لافتا إلى أن العملية أتاحت توجيه ضربة كبيرة للإرهاب في بلجيكا.
واعلن رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال أن بلاده على استعداد لاستدعاء الجيش لتعزيز امنها، وقال اثر جلسة لمجلس الوزراء إنه تم إقرار 12 إجراء لتحسين مكافحة الإرهاب، بينها انشاء عنابر خاصة في سجنين، احدهما في منطقة الفلاندر والآخر في الجانب الفرنكوفوني، بهدف عزل المعتقلين المتشددين ومنعهم من التأثير على باقي السجناء. كما اعلن انه سيتم توسيع الحالات التي تتيح سحب الجنسية للذين يحملون جنسيتين. كما توقع سحب جوازات السفر وبطاقات الهوية موقتا عندما يطرح الشخص خطرا على النظام العام والأمن. بينما سيتم تجميد أرصدة الاشخاص المتورطين في تمويل الإرهاب.
وفي برلين، جرت مداهمات. وتم اعتقال تركيين احدهما يشتبه بانه يقود مجموعة من المتطرفين كانت تخطط لارتكاب عمل عنيف وخطير في سوريا والثاني كان يهتم بمالية المجموعة. وأعلن الادعاء العام الألماني أن الشخصين المتشددين كانا نواة لخلية لوجستية تدعم أنشطة إرهابية لتنظيم داعش المتطرف، لكنه أضاف «أنه ليس هناك علاقة للشخصين بهجوم باريس».
عواصم (وكالات)