مرّ العالم في العقد الأخير بالعديد من الأحداث والمتغيرات والتحولات وحتى التحورات، ولا تزال عدد من الدول العربية تعاني حتى اليوم آثار وتبعات ما يسمى بالربيع العربي «المشؤوم» الذي عاثت فيه جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية فساداً وتدميراً في تلك الدول، وانتشرت الجماعات الإرهابية كداعش والنصرة والقاعدة والحوثي في مناطق مختلفة كالعراق وسوريا واليمن، كما عانى العالم بعض الأزمات الاقتصادية، وواجه أكبر أزمة وبائية لم يتوقعها العالم أجمع وحطت تداعيات الوباء «كورونا» على البشر والحكومات والاقتصاديات.
وما إن بدأ العالم يتعافى من أزمته الصحية إلا وقد بدأ يواجه أزمة أخرى «الحرب الروسية- الأوكرانية» التي ألقت بتداعياتها على العالم وليس فقط على الدول المتصارعة. للحرب آثار مدمرة على الإنسان والمجتمعات والاقتصاد والبيئة وتؤثر آثارها السلبية على الجميع فالعالم مترابط ومعتمد على بعضه البعض.
الحرب الروسية- الأوكرانية منذ بدايتها، تسابق للحديث عنها وتحليلها ووضع السيناريوهات المستقبلية لها العديد من الخبراء والمحللين والمستشرفين السياسيين والمفكرين، فمنهم من يرى أنها نهاية نظام عالمي وبداية نظام جديد ومنهم من يرى أنها استنزاف ومستنقع للدب الروسي وغيرها الكثير من السيناريوهات والتوقعات.
كما كان 2019 و2021 عامي تحورات كورونا فربما 2022 عام تحورات المفاهيم الغربية
هنا لن أتطرق للوضع الحالي ولا للسيناريوهات المستقبلية المتوقعة للحرب، بل هنا أطرح تساؤلات لكم: هل نحن في مرحلة كشف حقيقة واختبار مصداقية الشعارات والمفاهيم والمصطلحات الغربية، كالديمقراطية وحرية التعبير وتقبل الرأي الآخر؟ هل رسّخ الغرب هذه الشعارات والمفاهيم في مجتمعاتهم ومؤسساتهم حتى ينشروها ويفرضوها على الدول والمجتمعات الأخرى؟ بل هل هم مؤمنون حقاً بها أم هي مجرد شعارات لتحقيق مصالح وأهداف معينة؟
كتبت في الثامن من مارس الماضي في صحيفة الرؤية مقالاً بعنوان: «الإنسانية والعنصرية في الأزمات» ذكرت فيه أنه من المزعج -لي ولغيري من الناس في العالم- ما تداولته وسائل الإعلام العالمية ذلك القبح الإنساني بالمقارنة في قضية إنسانية بين الأوكرانيين وغيرهم من الشعوب، وتلك الممارسات والكلمات والأفعال العنصرية سواء من سياسيين أو إعلاميين والتي شاهدها معظمنا.
منذ أيام سمعت محللاً سياسياً على منصة يوتيوب يقول إن «يوتيوب» حذرهم من الحديث في الشأن الأوكراني والمطلوب الانحياز لطرف معين دون الآخر، إذا أين هي حرية التعبير؟ أم أنهم لا يريدون أن نرى إلا ما يرون ولا نسمع إلا ما يسمعون؟ أم أن المفاهيم الغربية كالديمقراطية وحرية التعبير هي «تحورات جديدة»، فكما كان 2019 و2021 عامي تحورات كورونا فربما 2022 عام تحورات المفاهيم الغربية.
المصدر: الرؤية