شباب أميركا ومشاهيرها يجرؤون على انتقاد إسرائيل

منوعات

Screen-Shot-2014-07-17-at-12.25.06-AM

قبل أسبوعين، عندما دخل القصف الجوي الإسرائيلي على غزة أسبوعه الثالث، أعلنت صحيفة «واشنطن بوست» وتلفزيون «إي بي سي» نتيجة استطلاع مشترك أوضح، لأول مرة، أن أغلبية الأميركيين (51 في المائة) تنتقد إسرائيل. وأن أكثر الناقدين هم الشباب (18 – 39 عاما) وأن الفرق بين تأييد الشباب وكبار السن وصل إلى عشرين درجة وهو رقم قياسي بل إن البعض قال: إنه إذا اقتصر الاستفتاء على مرحلة الشباب ما بين 18 و32 عاما، كان الفرق سيصل إلى ثلاثين درجة.
وأظهر استطلاع في الشهر الماضي أن نسبة كبيرة من الشباب الأميركيين في الفئة العمرية ما بين 18 – 29 ألقوا باللائمة على إسرائيل وهو ما يوضحه موقع «جويش برس» قائلا بأن جيل الشباب في أميركا الذي ولد بعد حرب الأيام الستة وما بعدها من موجة قوية من التأييد لإسرائيل، هذا الجيل هو أقل تحمسا للدولة العبرية عن الجيل الأكبر سنا وأكثر لوما لها بسبب العدوان على غزة. وأرجع الخبراء التغيير إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت الصور والمعلومات متاحة للجميع، فعبر نشر صور للضحايا في غزة خلال فترة الحرب تحول التعاطف بشكل كبير إلى غزة.

لكن هذه النتيجة كانت عن ضرب غزة لا عن تأييد الأميركيين للإسرائيليين فتظل الأغلبية العظمى من الأميركيين مؤيدة لإسرائيل. حتى قبل عشر سنوات تقريبا، كان تأييد الفلسطينيين لا يزيد عن عشرة في المائة. لكن، وخاصة بعد حرب الإرهاب، وغزو أفغانستان والعراق، وغزو إسرائيل لجنوب لبنان، ولغزة، أكثر من مرة، ارتفع تأييد الفلسطينيين إلى نحو 15 في المائة (أحيانا قليلة إلى 18 في المائة).

ويظل الأميركيون يؤيدون إسرائيل أكثر من الألمان (في استطلاع خلال حرب غزة، قالت نسبة 70 في المائة من الألمان بأنهم لا مع الفلسطينيين ولا مع الإسرائيليين). وأيضا، في فرنسا (في استطلاع خلال حرب غزة، قالت نسبة 74 في المائة بأنها لا تعطف لا على الإسرائيليين، ولا على الفلسطينيين).

هكذا، يظل الأميركيون أكثر الغربيين الذين يؤيدون إسرائيل، لكن الجديد في الأمر تزايد ظهور الأصوات المنتقدة. وخلال ضرب غزة، ظهر هذا التأييد وسط ممثلين وممثلات الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية. خاصة كبار السن منهم. ربما لا يقدر النجوم الشباب على نقد إسرائيل خوفا من عراقيل أمام طموحاتهم السينمائية والتلفزيونية، حيث يؤثر المؤيدون لإسرائيل على النشاطات الفنية في هوليوود، ونيويورك لكن الأمر يختلف مع معجبيهم فمع زيادة مواقع الاتصالات الاجتماعية وشعبيتها، صار عدد من مؤيدي ومعجبي هؤلاء الممثلين والممثلات (من الشباب) ينتقدونهم إذا أيدوا إسرائيل تأييدا أعمى.

من بين الذين أيدوا إسرائيل بضراوة الممثلة الفكاهية العريقة جوان ريفرز التي التقطها مصور موقع «تي إم زد» للأخبار الفنية وهي تخرج من المطار وسألها مراسل الموقع عن رأيها فيما يحدث في غزة، مشيرا إلى ارتفاع عدد القتلى وسط الفلسطينيين. فما كان من ريفرز إلا أن انفجرت في وجه الصحافي قائلة: «القتلى؟ يستحقون أن يقتلوا. هم الذين بدأوا الحرب. أرجو ألا تجعلني أحس بأي عطف نحو هؤلاء».

لكن تعليقاتها ووجهت بموجة من الاستنكار الحاد على الإنترنت وهو ما دفعها لإصدار بيان قالت فيه: «أنا حزينة لأن الكلام الذي قلته نقل بصور غير صحيحة، وبصورة مبالغ فيها (رغم أن كلامها كان مسجلا بالفيديو). أنا قلت بأن الحرب شيء فظيع. وأن كثيرا من المدنيين يقتلون فيها من دون ذنوب اقترفوها».

وأضافت: «نحن الأميركيين نعرف ذلك جيدا. الآن، بعد سبعين سنة على القنبلة التي أسقطناها في هيروشيما، وقتلت مئات الآلاف، نظل نحس بالذنب».

مثل ريفرز، أيد عدد آخر من نجوم الفن الأميركيين إسرائيل منهم هوارد شتيرن، نجم إذاعي وتلفزيوني عريق ومشهور، ومؤيد لإسرائيل منذ عقود الذي قال ردا على سؤال لمستمع يسأله لماذا لا يدين ضرب إسرائيل للفلسطينيين: «أنا تعبت من هذا الهراء. أنا تعبت من هؤلاء الأغبياء والسفهاء (الذين ينقدونه لتأييده لإسرائيل). من يعادي إسرائيل فهو يعادي أميركا. إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. إنها صديقنا الوحيد. إنها مستعدة للقتال والدفاع عما هو صواب، لا عما هو خطأ».

وقال بيل ماهر، مقدم برامج تلفزيونية فكاهية عريق، في رسالة في موقع «تويتر»: «التفاوض مع حماس مثل التفاوض مع امرأة مجنونة تحاول أن تقتلني. أقبض على يدها بيد، وأضربها كفا بيدي الثانية».

لكن، مثل غيره، واجه بعض الانتقادات في برنامجه التلفزيوني. وردا على النقد، قال: «إذا أطلق والدك، أو أخوك، أو عمك تلك الصواريخ إلى داخل إسرائيل، هل تتوقع حقا ألا يرد الإسرائيليون عليهم؟» وفي مقابلة في برنامجه مع نجم فني يؤيد إسرائيل أيضا، قال ماهر، في إساءة واضحة للمسلمين: «حصل 155 يهوديا على جائزة نوبل؟ كم مسلم حصل عليها؟ أعتقد واحدة، أو اثنتين، فقط».

وخلال ضرب إسرائيل لغزة، سير نجوم مؤيدون لإسرائيل مظاهرة في لاس فيغاس. ومن بين الذين تحدثوا فيها النجم السينمائي جون فويت والد النجمة أنجلينا جولي الذي شن هجوما عنيفا على الرئيس أوباما، وقال: إنه لا يؤيد إسرائيل التأييد المطلوب. وأضاف: «بدلا من أن يطلب من حماس وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، يقول لإسرائيل ألا تضرب الذين يطلقون هذه الصواريخ».

الملحوظ هو زيادة عدد النجوم الذي غامروا وانتقدوا إسرائيل علنا أو ضمنيا منهم بينلوبي كروز وخافيير باردام وريانا وسيلينا غوميز والمغني ريان مالك ومادونا والممثل مارك روفالو. أغلبهم واجهوا انتقادات من زملاء لهم أو من متابعيهم على الإنترنت وأيضا تأييد آلاف آخرين من معجبيهم، ولكن الانتقاد كان له التأثير الأقوى حيث تراجع عدد كبير منهم وآخرون حاولوا توضيح موقفهم بأنهم مع السلام بين الشعوب. وبعضهم ثبت على موقفه مثل المخرج جوناثان دَمي الذي قال لوكالة أسوشييتد برس «الأمر ببساطة يتعلق بأرواح بريئة وهدم ثقافة»، والكوميدي جون ستيوارت مقدم برنامج «ذا توداي شو» الذي ثبت على انتقاده لإسرائيل ولأوباما ولكنه حاول توضيح موقفه قائلا: «مجرد الحديث عن إسرائيل أو التساؤل عن جدوى أو الجانب الإنساني لسياسات إسرائيل لا يعني أنني في صف حماس».

وأيضا الموسيقي روجر ووترز الذي قال مؤخرا: «الصديق هو من صدقك. على أصدقاء إسرائيل أن ينصحوها بأن الذي تفعله نحو الفلسطينيين، إذا تقدر على تبريره اليوم، ليس في مصلحتها في المدى البعيد».

ولكن الجديد هذه المرة هو أن الضغط على النجوم لم يقتصر على الجانب المؤيد لإسرائيل بل أصبح للجانب المعارض لسياسات إسرائيل تأثير أيضا وهو ما ظهر من اعتذار ريفرز وأيضا، للمفاجأة، من البيان الذي وضعته شركة ستار بكس، الموضوعة على قوائم المقاطعة التي يوزعها مؤيدو القضية الفلسطينية، على موقعها قالت فيه بأن لا الشركة ولا رئيسها التنفيذي هوارد شولتز يمولان أو يدعمان الجيش الإسرائيلي وذكر البيان «هناك شائعات بأن ستار بكس أو هوارد يقدمان دعما ماديا للحكومة أو الجيش الإسرائيلي وهي عارية من الصحة».

وقال شولتز بأن شركته انسحبت من إسرائيل عام 2003 «لأسباب خاصة بالعمل». لا لأسباب سياسية، لأن «ستار بكس لا تتدخل في السياسة».

المصدر: واشنطن: محمد علي صالح – الشرق الأوسط