إعلامي سعودي وكاتب صحفي
سمو وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف تنقل بشكل سريع وملفت بين عدة مناطق سعودية في يوم واحد، ومن حائل والقصيم والأحساء وفي الرياض مقر اقامته ومكتبه الرئيسي ذهب لتقديم واجب العزاء في منسوبي قوات الأمن وزيارة المصابين منهم، كما تقديم واجب العزاء لذوي ضحايا حادثة الأحساء، والالتقاء باعيانها وزيارة مصابي الوطن. خط زيارات الوزير من شمال البلاد لشرقها هو رسالة واضحة على تتبع فعل الإرهاب وخارطة تحركه بعزم واصرار معلن لا يلين.
وهناك -تحديدا- حيث حادثة الاحساء حل ضيفاً إلى جانب شيعة الأحساء الكرام ورموزها وحكمائها من أجل تأكيد وحدة الصف السعودي رغماً عن المتطرفين الذين اختاروا توقيتا وزمنا نوعيا للفتنة واشعالها في البلاد.
فهم حين اختاروا الاحساء اعتقدوا أنهم ينفذون عملية نوعية لأن الهدف واضح جداً، وهو تحويل الصراع الشيعي السني في البلاد من مجرد سجال كلامي مهما كان ساخنا وفضا، إلى قتال ومواجهات،وفوضى في البلاد، كما فعل ويفعل الدواعش التكفيريون في أكثر من بلد عربي. واختاروا أكثر المدن السعودية تسامحاً، وتوقيتا زمنياً دقيقاً لمناسبة شيعية خاصة.
النجاح الأمني يعيد سيرته الأولى والمتكررة هذه المرة فقد تم القبض سريعا على (15) شخصاً ومقتل (2) ممن لهم علاقة بالجريمة الإرهابية بقرية الدالوة بمحافظة الأحساء، كما أسفر المسح الأمني لمجمع الاستراحات بمحافظة بريدة للبحث عن المتورطين في الجريمة الإرهابية في حق الوطن كله،عن العثور على جثة أحدهم ، ليصبح إجمالي القتلى من المتورطين في الجريمة الإرهابية (3) أشخاص.
دائما ما يجد المتطرفون والإرهابيون والتكفيريون أعذاراً متجددة ومتطورة لأفعالهم الشنيعة من الفتاوى الدينية والتي يتوفر لهم دائما من يمارس عسفاً مقصوداً أو عن جهل للنصوص، أو عبر نبش السيرة الدموية من التراث والأقوال من أجل تبرير قبح افعالهم. حتى في اسلوب تبرير القتل والارهاب بشكل ساذج وجاهل لا يدل الا عن توحش في النهاية.
ثم هناك الحكاية التي تبدأ من المتلونين المحرضين من منابرهم على الارهاب والطائفية والعداوة والبغضاء، و لا يترددون عن تغيير جلودهم عند أول ردة فعل قوية من الرأي العام الرسمي والشعبي نتيجة لحدث او حادثة صادمة ،كما يفعلون اليوم أمام جريمة وحادثة الأحساء، ومرة اخرى كما في كل مواجهة مع الارهاب يتحول ممولو الإرهابيين فكرياً ومادياً ونفسياً إلى اعداء لهم في العلن ولبعض الوقت!
تكتيك يجب ان لا يخدعنا كثيراً من اصحاب خطاب الكراهية والتقسيم للمجتمع .والامل ان ترتد هذه الجريمة على فاعليها وغاياتهم القذرة، وتكون نقطة تحول لنبذ الطائفيين ودعاة التطرف ومعاقبة رموز الفتنة والتحريض.
الآن وبعد سنوات من الحرب على الارهاب والتفوق الأمني المتقن ،لازلنا نجد ان الحرب الفكرية لم تحقق ما يستحق ، إن لم تكن اخفقت تماما. لأن بعض المتلونين هم من تصدروا التصدي للإرهاب والإرهابيين.
في الحرب على الإرهاب والتطرف وسلامة البلاد والناس لا مجال للمجاملة، او للمناطق الرمادية، فليس هناك إلا سلطة واحدة هي سلطة الدولة والحكم،ولا يمكن لاي احد ان يمارس القتل والإرهاب والعقاب تحت أي مبرر فكري أو شرعي أو نفسي.
كل اعتداء، وكل تحريض، وكل دعوة لكراهية الآخر يعد إرهاباً، وكل خطيب يدعو ويحرض على غير عرقه أو مذهبه من منبر ما هو إلا إرهابي.
الحرب على الإرهاب لا يمكن ان تتجزأ أو ننظر اليها كضرورة طارئة، انه تاكيد على حق الدولة ومؤسساتها في رعاية شعبها بكل أطيافهم، دون الخضوع لمزاج داعية أو مدرس أو كاتب أو تراث مشوه.
المصدر: الجزيرة السعودية
http://www.al-jazirah.com/2014/20141109/ar6.htm