كاميرون: تعطيل الحكومة الأميركية خطر على الاقتصاد العالمي

أخبار
حارس حديقة في واشنطن يعلق لافتة تشير إلى إغلاق كل الحدائق الوطنية أمس بسبب تعطل نشاطات الحكومة

حذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، من أن تعطيل الحكومة الفيدرالية الأميركية قد يهدد الاقتصاد العالمي الهش.

وقال كاميرون لإذاعة «بي بي سي»: «إن عجز الولايات المتحدة عن ترتيب خطط إنفاقها وخطط تقليص عجزها سيشكل خطرا على الاقتصاد العالمي»، وذلك بعد فشل الكونغرس الأميركي في الاتفاق على ميزانية، مما يحتم تطبيق أول آلية لتعطيل الحكومة الفيدرالية منذ 17 عاما.

وحذر المحللون الاقتصاديون من أن التعطيل الذي يلزم 800 ألف موظف فيدرالي بأخذ عطلة، وبإغلاق متاحف وحدائق وطنية حتى حل الخلاف، قد يبطئ النمو في أكبر اقتصاد عالمي.

وقد انخفضت أسعار مزيج برنت الخام إلى 108 دولارات، أمس، مقتربة من أقل مستوى في سبعة أسابيع بفعل مخاوف من أن يؤدي توقف أنشطة للحكومة الأميركية إلى هبوط الطلب على النفط، في حين يعزز تراجع التوترات بين أميركا وإيران بشأن برنامج طهران النووي احتمالات زيادة الإمدادات.

وبدأ توقف جزئي لأنشطة الحكومة الأميركية اليوم، للمرة الأولى في 17 عاما، مما قد يؤدي إلى إعطاء نحو مليون عامل إجازة غير مدفوعة الأجر، وإغلاق متنزهات وطنية، وعرقلة مشاريع بحثية طبية. ويتوقع المحللون أن يحد حل سريع للأزمة من الاتجاه النزولي للنفط.

وبحسب «رويترز»، قال كومرتس بنك: «حتى الآن لم يكن هناك رد فعل يُذكر من الأسواق لانهيار مفاوضات الميزانية الليلة الماضية، وما نجم عنه من إغلاق جزئي لمؤسسات عامة. من الواضح أنه ما زالت ثمة توقعات لتسوية سريعة، لذا فإن التأثير على الطلب على النفط سيكون محدودا في أكبر دولة مستهلكة له في العالم».

وتراجعت عقود خام برنت 40 سنتا إلى 107.97 دولار للبرميل. وانخفضت أسعار عقود النفط الخام الأميركي 16 سنتا إلى 102.17 دولار للبرميل.

من جانبه، تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في عام ونصف العام، مقابل الفرنك السويسري الذي يعتبر ملاذا آمنا ونزل قرب أقل سعر في ثمانية أشهر أمام سلة عملات، أمس، وسط قلق الأسواق من أول إغلاق جزئي لأنشطة الحكومة الأميركية في 17 عاما.

وتأثرت العملة الأميركية بتوقعات أن تضر الأزمة بالاقتصاد وتدفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى تأجيل سحب التحفيز النقدي.

واكتسب التراجع قوة دفع في المعاملات الأوروبية، حيث نزل مؤشر الدولار 0.4 في المائة إلى 79.864، وهو أقل مستوى له منذ 13 فبراير (شباط).

وأدى ضعف الدولار إلى ارتفاع اليورو لأعلى مستوى في ثمانية أشهر عند 1.3589 دولار. واستفادت العملة الموحدة باحتمال أن تجتاز حكومة رئيس الوزراء الإيطالي انريكو ليتا اقتراعا لسحب الثقة، اليوم (الأربعاء).

وسجل الفرنك السويسري أعلى مستوى في عام ونصف العام عند 0.89925 فرنك للدولار على منصة التداول (إي بي إس).

وفقد الدولار 0.3 في المائة ليسجل 97.853 ين ويعاود التحرك باتجاه أدنى مستوى في شهر 97.50 ين، الذي سجله أول من أمس (الاثنين)، بحسب بيانات «إي بي إس».

وارتفع الدولار الأسترالي بعد أن أبقى بنك الاحتياطي الأسترالي (البنك المركزي) سعر الفائدة الرئيس عند مستوى قياسي منخفض يبلغ 2.5 في المائة، ولم يشر إلى احتمال إجراء خفض جديد.

وقفز الدولار الأسترالي واحدا في المائة إلى 0.9416 دولار أميركي.

في المقابل، ارتفع الذهب أمس بعدما فشل الكونغرس الأميركي في تفادي إغلاق جزئي للأجهزة الحكومية، لكن المكاسب كانت محدودة لاعتقاد المستثمرين أن الأزمة ستسوى قريبا. وانتهت المهلة في منتصف الليل دون التوصل لاتفاق لتبدأ أجهزة اتحادية تقليص الخدمات بما قد يؤدي لمنح نحو مليون عامل إجازة من دون أجر.

وحقق المعدن الأصفر مكاسب طفيفة بفضل جاذبيته كملاذ آمن.

وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.42 في المائة إلى 1332.80 دولار للأوقية (الأونصة)، بحلول الساعة 09:57 بتوقيت غرينتش.

وصعدت الفضة 0.55 في المائة إلى 21.76 دولار للأوقية والبلاتين 0.28 في المائة إلى 1402.70 دولار والبلاديوم 0.24 في المائة إلى 723.22 دولار للأوقية.

وقد أوقفت الدولة الفيدرالية الأميركية، صباح أمس (الثلاثاء)، نشاطاتها لأول مرة منذ 17 عاما، وفق آلية تعطيل ستطال مئات آلاف الموظفين، بعدما عجز الكونغرس عن تخطي الخلاف المحتدم حول الميزانية.

وعلى الرغم من مفاوضات مكثفة وليلة كاملة شهدت تبادل نصوص بين مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ومجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لم يتم إقرار أي مشروع ميزانية قبل حلول استحقاق السنة المالية الجديدة 2014 التي بدأت في منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء (4:00 ت.غ.).

وعلى خلفية هذه العرقلة القائمة، أمر البيت الأبيض قبيل منتصف الليل الوكالات الفيدرالية ببدء تنفيذ آلية وقف نشاطاتها جزئيا، وفق إجراءات كانت تهيأت لها.

وأعلنت سيلفيا ماثيوز بورويل مديرة مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض في مذكرة: «ليس لدينا للأسف مؤشر واضح بأن الكونغرس سيتحرك في الوقت المناسب حتى يوقع الرئيس على ميزانية قبل انتهاء مهلة الغد في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2013».

وتابعت: «على الوكالات الآن تنفيذ الخطط لتعطيل نشاطاتها بشكل منتظم في غياب الأموال».

وحاول أوباما القيام بمبادرة أخيرة الاثنين، إذ حذر من أن شلل الدولة الفيدرالية ستترتب عنه «عواقب اقتصادية فعلية على الناس في الحياة الحقيقية وبشكل آني».

وبعيد منتصف الليل، كتب الرئيس في تغريدة على موقع «تويتر»: «أقدموا فعلا على ذلك. مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب فرضوا للتو تعطيلا حكوميا حول (أوباما كير) بدل إقرار ميزانية حقيقية».

وكان أوباما اتهم في وقت سابق الجمهوريين باحتجاز أميركا رهينة لمطالبهم السياسية «المتطرفة»، بينما رد خصومه باتهام حلفائه الديمقراطيين بالغطرسة.

وقال أوباما في كلمة تلفزيونية وجهها من البيت الأبيض: «لا يمكنكم الاستحصال على فدية من أجل القيام بعملكم، القيام بما يفترض بكم القيام به في مطلق الأحوال».

وقال: «إن فصيلا واحدا من حزب واحد في مجلس واحد من الكونغرس في فرع واحد من الحكومة لا يمكنه تعطيل الحكومة برمتها، لمجرد شن معركة جديدة على نتائج انتخابات»، في إشارة إلى إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية.

وقال باينر في كلمة ألقاها في المجلس: «لم آتِ إلى هنا لتعطيل الحكومة. الشعب الأميركي لا يريد تعطيلا حكوميا، وأنا أيضا لا أريده».

ويشكل فشل الكونغرس في التوافق ذروة صراع متواصل منذ 33 شهرا حول الميزانية بين الديمقراطيين والجمهوريين، الذين استعادوا السيطرة على مجلس النواب في يناير (كانون الثاني) 2011 مع انتخاب عشرات من أعضاء حركة حزب الشاي المحافظة المتطرفة.

ويدور المأزق الحقيقي حول نظام «أوباما كير» الصحي، وهو التسمية التي تطلق على إصلاح النظام الصحي الذي أقره باراك أوباما عام 2010، وكان أبرز إنجازات ولايته الرئاسية الأولى.

ويسعى الجمهوريون لربط أي اتفاق على ميزانية بتأخير بدء تطبيق إصلاح الضمان الصحي أو تفكيكه أو إلغاء التمويل له.

ويتهم الجمهوريون الرئيس برفض التفاوض بنية طيبة معهم، بينما يقول البيت الأبيض إن «أوباما كير» بات قانونا نافذا، ولا مجال لمنع وضعه حيز التنفيذ لتأمين ضمان صحي لجميع الأميركيين.

وأصدر الرئيس مساء الاثنين قانونا يضمن دفع رواتب العسكريين في الوقت المحدد مهما حصل.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، لا تظهر أي بوادر تشير إلى تسوية سريعة لهذا المأزق، بينما يحذر خبراء الاقتصاد من انعكاس العرقلة على الانتعاش الاقتصادي الهش، في حال استمر تعطيل الجهاز الفيدرالي عدة أسابيع.

وستضطر جميع الوكالات الفيدرالية من وزارة الدفاع إلى وكالة حماية البيئة، إلى تخفيض موظفيها بشكل فوري إلى الحد الأدنى الأساسي، وفي بعض الأحيان إلى نسبة 5 في المائة، مع استثناء الأمن القومي والخدمات الأساسية من آلية التعطيل، الأمر الذي سيضع نحو 800 ألف موظف يعتبرون غير أساسيين من أصل أكثر من مليونين في عطلة غير مدفوعة الأجر، إلى أن يتفق الكونغرس على تخصيص ميزانية لتمويل عمل الدولة الفيدرالية.

وقال هاري ريد رئيس الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ: «من العار أن ينتهي الأمر بهؤلاء الأشخاص الذين انتخبوا لتمثيل البلاد، أن يمثلوا حزب الشاي والفوضويين»، معتبرا أن «هذه ضربة غير ضرورية لأميركا».

وفي المقابل، كتب الجمهوري تيد بو في حسابه على موقع «تويتر»: «وصلنا إلى هنا لأن الرئيس والديمقراطيين في مجلس الشيوخ أرادوا هذه النتيجة منذ البداية».

غير أن البعض أقروا بأن الرأي العام سيلقي اللوم على الجمهوريين، وقال السيناتور جون ماكين مساء الاثنين إن الجمهوريين «سيعتبرون الجهة التي عرقلت وتسببت بوقف أنشطة الدولة الفيدرالية».

ومن المقرر أن يستأنف مجلسا النواب والشيوخ أعمالهما، أمس، ولخص المتحدث باسم هاري ريد الوضع بالقول: «عودة إلى خانة الانطلاق».

المصدر: لندن – «الشرق الأوسط»