خلف الحربي
خلف الحربي
كاتب سعودي

كلنا عريفيون!

آراء

هذه المرة أنا مضطر للدفاع عن موقف الشيخ الدكتور محمد العريفي في وجه من هاجموا تعاطفه المعلن مع تنظيم القاعدة، صحيح أنه يمكن العودة إلى مقاطع الفيديو التي تحدث فيها العريفي عن فساد هذا التنظيم الإرهابي حين كان يقوم بعمليات التفجير في السعودية، ولكن كشف هذا التناقض العجيب بين موقفي الأمس واليوم لن يغير شيئا، فالعريفي منذ أن عرفناه حفلة من التناقضات، نعم أنا مضطر للدفاع عنه ولكن ليس على طريقة أتباعه – المدججين بالبذاءة – بل على طريقتي الخاصة لأنني أرى أن العريفي ليس وحده من يعاني متلازمة (موقف لكل مرحلة) فالكثير من المثقفين والعامة يتخذون مواقف متناقضة لأنهم لا يرون أبعد من اللحظة التي يعيشونها فيكونون أبناء عواطفهم في بعض الأحيان وأبناء مصالحهم في أحيان أخرى ولكنهم في الحالتين لم يكونوا أبناء لقناعاتهم الحقيقية!.

ليس العريفي وحده من يتمايل بحسب اتجاه الريح فالكثيرون يفعلون ذلك، يؤيدون القاعدة إذا ما قتلت المدنيين في الدول البعيدة ويعتبرون مثل هذا العمل الشنيع جهادا ثم ينقلبون على أنفسهم ويعبرون عن غضبهم الشديد إذا ما نفذت القاعدة عملية إرهابية في الداخل ويعتبرون عملها هذا إفسادا في الأرض، وفي الحالتين – التأييد والرفض – لم يفكروا إطلاقا في مشروعها الدموي الظلامي المتخلف.

الكثيرون أيضا شتموا صدام حسين في وضح النهار حين سقطت صواريخه على الرياض والشرقية ثم رفعوه إلى مرتبة الشهداء حين أعدم بطريقة تكشف عن الحقد الطائفي الكامن في نفوس حكام العراق الجدد، وفي الحالتين لم يفكروا في مشروع صدام حسين القائم على المقابر الجماعية في الداخل والمغامرات العسكرية المدمرة في الخارج.

والكثيرون هتفوا لحسن نصر الله حين حارب إسرائيل ورأوا فيه البطل الذي فعل ما لم تفعله كل جيوش بني يعرب ثم انقلبوا على أنفسهم ليعبروا عن سخطهم الشديد منه بعد أن ساند بشار الأسد الذي ارتكب مجازر مروعة ضد أبناء الشعب السوري الشقيق لم تجرؤ إسرائيل على فعل واحد بالمائة منها في جنوب لبنان، وهم في الحالتين لم يفكروا في مشروع السيد حسن نصر الله القائم على تحويل لبنان من قلعة حصينة للحرية والتسامح إلى دويلة لوكيل الولي الفقيه! .

هكذا نحن دائما لا نرى أبعد من اللحظة التي نعيشها فتتقدم الأمم وتتنافس وتتقاسم المصالح وتتبادل المعرفة، بينما نحن لا نزال ندور في مكاننا نعيد تدوير مواقفنا، لذلك قبل أن تلوموا العريفي تأكدوا جيدا أنكم لا تفعلون ما يفعله!.

المصدر: عكاظ