مؤسس ورئيس «المنتدى الاقتصادي العالمي»: 2013 عام التحديات في الشرق الأوسط.. لكنه واعد

أخبار

يجتمع قادة عالم السياسة والأعمال والإعلام في دافوس ابتداء من مساء اليوم، حيث تنطلق أعمال «المنتدى الاقتصادي العالمي» الـ43 تحت عنوان «الديناميكية المرنة» للبحث عن حلول لتحديات عدة تواجه العالم، على رأسها الأزمة السياسية وتشجيع النمو الاقتصادي. ومن المتوقع أن يحضر أكثر من 50 زعيما سياسيا من دول عدة مؤتمر هذا العام، على رأسهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء التونسي حمادي جبالي ورئيس الوزراء المغربي عبد الإله ابن كيران. وهناك تركيز في برنامج المنتدى هذا العام على قضايا الشرق الأوسط وخاصة الملف السوري. ولكن هناك قضايا أخرى من المتوقع أن تثار، منها الأوضاع في روسيا، التي سيتحدث عنها رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في خطاب أمام المشاركين. وهناك عوامل عدة تجعل «المنتدى الاقتصادي العالمي» أهم الاجتماعات على أجندة الأعمال العالمية كل يناير (كانون الثاني) خلال العقود الأربعة الماضية، ولكن ربما أبرزها مؤسس ومدير «المنتدى الاقتصادي العالمي» كلاوس شواب، الذي استطاع أن يبني المنتدى ويجعله مؤسسة ناجحة لجذب أبرز قادة العالم، تولد أفكارا وظواهر تؤثر على قطاعات سياسية واقتصادية واجتماعية عدة. وعشية انطلاق المنتدى، أجرت «الشرق الأوسط» حوارا مع شواب حول «المنتدى الاقتصادي العالمي» لهذا العام، وفيما يلي نص الحوار:

> يعقد المنتدى السنوي هذا العام تحت عنوان «الديناميكية المرنة»، ما الفكرة وراء هذا العنوان التي تريدون إيصالها للعالم؟

– نحن نواجه واقعا جديدا. بالنسبة لمؤسسات من أي قطاع في المجتمع – سواء كان الاقتصاد أو الحكومة أو الأكاديمية أو المجتمع المدني – الديناميكية المرنة أصبحت الوضع المعتاد عليه. إذا كانت مؤسسة مرنة، يعني ذلك أنها تملك القدرة على التأقلم على الأطر المتغيرة، وقادرة على مواجهة الصدمات المفاجئة والتعافي منها مع مواصلة السعي لتحقيق أهداف أساسية. بالنسبة للحكومات، على سبيل المثال، ذلك يعني بناء المؤسسات القادرة على تحمل الصدمات الخارجية مع تطوير طرق لتفعيل الاقتصاد. بالنسبة لعالم الأعمال، ذلك يعني حماية المؤسسة من مخاطر، مثل الفساد أو التغيير المناخي أو عدم الحصول على الموظفين الموالين، بينما تكون تلك المؤسسات قادرة على مواصلة الاستثمار ونمو المؤسسة.

الواقع الجديد الذي نواجهه يشمل أزمة عالمية اقتصادية مطولة، خاصة لأن اقتصادات رئيسية تشهد حالة تقشف اقتصادية. والنمو المستقبلي في هذا السياق الجديد يتطلب الديناميكية – الرؤية الجريئة وحتى العمل الجريء. والقيادة في عام 2013 تحتاج إلى الديناميكية والمرونة سويا، لا صفة من دون أخرى، ولهذا خرجنا بهذا المحور.

> مع تصاعد المخاطر وعدم الاستقرار على أصعدة عدة، كيف يمكن لشركة أو دولة أن تبقي على ديناميكيتها بينما تحافظ على أمنها؟

– لم يعد الأمر كافيا لدولة أو شركة أن «تدير» المخاطر، بل على المؤسسات أن تتأقلم مع المخاطر، فمع المرونة يمكنهم مواصلة الاستثمار والمجازفة والابتكار. وهذا بالضبط ما نحتاجه إذا كان العالم سيتمكن من التقدم في خطة نمو مستدامة.

> ما أولوياتكم الرئيسية لاجتماع هذا العام؟

– لدي 3 أهداف شخصية للاجتماع السنوي لعام 2013. أولا: أريد أن أرى تفاؤلا جديدا في الشؤون العالمية، وهذا أمر مرتبط بشكل كبير مع محور الديناميكية المرنة. ثانيا: أريد أن أرى العودة إلى العولمة، هناك شعور بالإرهاق يلاحق فكرة العولمة وتوجد هناك حتى مظاهر رفض لفكرة قدرة العولمة على معالجة التحديات الأكثر خطورة. ولكن أؤمن بأن التعامل بشكل عالمي أصبح ضروريا أكثر من أي وقت سبق، بينما تصبح دول العالم متصلة ببعضها البعض بشكل أكبر وتعتمد على بعضها البعض. علينا أن نعيد شعور الثقة العالمية المتبادلة. وأخيرا أريد أن أرى عقلية تعتمد على العمل المدني والاجتماعي تخرج من دافوس، يجب أن يكون لدينا شعور أكبر بالمسؤولية والمحاسبة الأخلاقية لتصرفاتنا.

> من القادة العالميون الذين تتطلع لاستقبالهم في المنتدى لهذا العام؟

– هناك عدد كبير من القادة من بين المشاركين في المنتدى، بعضهم كان لدي الشرف لمعرفتهم منذ سنوات، وآخرون التقيتهم للمرة الأولى. بالطبع، أتطلع للقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مرة أخرى، والأمير تركي الفيصل وبالتأكيد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. من حسن الحظ، يمكننا أيضا الترحيب برؤساء وزراء ليبيا والمغرب ومصر وتونس في الاجتماع السنوي.

ولكن الأمر الأهم، برأيي، هو الحصول على التشكيلة الملائمة في اجتماعنا السنوي بدافوس. لقد تم إنشاء المنتدى على أن يكون مسرحا يضم شركاء من قطاعات مختلفة، ونجحنا في جذب مشاركين من جميع قطاعات المجتمع – عالم الأعمال والسياسية والأكاديمية والمجتمع المدني – في دافوس. وهذه من نقاط قوة دافوس ومصدر كثير من اللقاءات الملهمة للمشاركين.

> هناك كثير من الذين يخشون من أن عام 2013 سيشهد تراجعا جديدا للاقتصاد العالمي، هل تشعر بهذا القلق؟

– إنني متفائل أكثر من الآخرين حول المستقبل القريب للاقتصاد العالمي. أوروبا ستنجو كجسم سياسي واقتصادي وستتقوى على المدى البعيد من خلال اتحاد مصرفي ومالي. والولايات المتحدة ستستعيد قدرتها على النمو إذا استطاعت المعسكرات السياسية العمل سويا. وستبقى الصين على المسار الإيجابي، والأسواق الناشئة ستواصل نموها. المهم هو أن ينمو الاقتصاد العالمي بالطريقة الصحيحة، وأن يكون النمو مستداما من الناحية الاقتصادية والبيئية، وأن يكون النمو عادلا. البطالة هي التحدي الأكثر خطرا في عصرنا هذا، ومن المهم أن يعالج القادة هذه القضية بسرعة وحسم.

> لقد تحدثت سابقا على ضرورة معالجة احتياجات الشعوب، خاصة الاقتصادية، من أجل تجنب الصدامات وأعمال الشغب، كتلك التي شهدتها أوروبا ودول أخرى. ولكن، ما زالت الفجوة المالية تتصاعد بين الفئات المختلفة والبطالة المتصاعدة تزيد من حرمان أقطاب كبيرة من المجتمعات. كيف يمكن معالجة هذا التحدي؟

– هذه من أبرز القضايا التي تواجهنا. تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2013 حول المخاطر العالمي، الذي نشر قبل أيام، يظهر بوضوح أن الفجوة المتفاقمة بين الأغنياء والفقراء من أهم القضايا التي علينا معالجتها، إذا كنا نريد أن نتقدم على طريق النمو المستدام. فكرة جمع أصحاب المصالح المختلفة التي طورتها قبل أكثر من 40 عاما لم تفقد أهميتها، والمنتدى يحاول أن يمثل هذه المسألة من خلال جمع كافة أقطاب المتجمع – من عالم الأعمال والسياسية والأكاديمية والمجتمع المدني.

> البعض ما زال يرى المنتدى الاقتصادي العالمي منتدى خاصا بالأثرياء الذين يسعون لحماية مصالحهم. كيف ترد على هذا التصور؟

– نعم، توجد هذه الأصوات وستكون دائما مثل هذه الأصوات. على سبيل المثال، صحيفة صفراء سويسرية قالت قبل أيام إن المنتدى بات يثير الضجر لأن هناك حفلات أقل تعقد على هامش البرنامج الرسمي هذا العام، مقارنة بالأعوام السابقة. ولكن هذا بالضبط ما أريده، حفلات أقل، مع زيادة العمل الجدي والنقاش الأكثر جدية. ولكن يبقى دافوس مكان لقاء أصحاب القرار من حول العالم على أساس العمل لتحسين وضع العالم.

> لننتقل إلى الشرق الأوسط، وهناك وجود كبير للمسؤولين من المنطقة في اجتماع هذا العام. ما الفرص الرئيسية التي تراها في الشرق الأوسط؟

– عام 2013 سيكون عاما يشهد التحديات للشرق الأوسط، ولكن أيضا سيكون عاما واعدا. لقد مرت سنتان فقط على الانتفاضات في كثير من دول المنطقة. والآن المسؤولية تقع على قادة المنطقة في عالم السياسة والأعمال لدفع النتائج الإيجابية في اقتصاداتهم التي تشهد الانتقال والتحول. وخلق فرص العمل الفعالة، وبخاصة للشباب والنساء، ودعم ريادة الأعمال المحلية والاستثمار في البنى التحتية، كلها عوامل أساسية من أجل النجاح في إطار عالمي سياسي متغير على الدوام.

> قبل عامين، كان المشاركون في الاجتماع السنوي يتابعون ثورات تونس ومصر عن بعد من جبال الألب. كيف كنت تتابع أنت هذه الأحداث وسط زحمة الأعمال في الاجتماع السنوي؟

– أود أن أقلب السؤال، كيف يمكن لي ألا أتابع الأحداث في العالم العربي وشمال أفريقيا. الانتفاضات كانت الحدث الأهم على الصعيد العالمي، وكان الجميع يتحدث عنها. وفي ظل الربيع العربي، المنطقة تشهد تحولا اقتصاديا واجتماعيا.. أساسيا، نتائجه لم تحدد بعد. ومن غير الواضح بعد، إذا كانت المنطقة ستتجه نحو الديمقراطية الأوسع والتعددية، أم إذا كانت الصراعات الإقليمية، بينما يزداد التوتر في المنطقة. كثير من الدول تتقدم بإصلاحات مهمة تعالج بعض الفجوات الاجتماعية – الاقتصادية التي أدت جزئيا إلى انتفاضات عام 2011. مثل البطالة بين الشباب وانعدام الشفافية والمحاسبة.

> هذا العام، المشتركون من الشرق الأوسط يأتون إلى دافوس وعلى بالهم الأزمة المتفاقمة في سوريا ويحملون مخاوف من شبح الحرب في المنطقة. هل ترى حلا ممكنا لجلب السلام إلى سوريا؟

– المجتمع الدولي ملتزم كليا بإنهاء الجرائم البشعة والانتقال إلى مستقبل سلمي ومزدهر لسوريا بأسرع وقت ممكن. وهذا ينعكس في جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لهذا العام، التي تقدم مسرحا موضوعيا لمسؤولين سوريين وإقليميين ودوليين على أرفع مستوى من أجل الخروج بطرق لوقف النزاع وبحث سيناريوهات لإعادة إعمار سوريا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. المنتدى الاقتصادي العالمي يأمل في مستقبل سالم وشامل لسوريا يعكس تطلعات الشعب السوري.

> لقد عملت على جذب الأجيال الناشئة في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي من خلال القيادات الشابة ومجموعة «شيبرز» ماذا يمكن أن يزيده الشباب على النقاشات العالمية الحالية والتحديثات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حين حتى القادة السياسيين والمختصين لا يعانون من صعوبة بلورة حلول للتحديات الحالية؟

– هناك نقص في تمثيل الشباب في بحث القضايا العالمية رغم أنهم يمثلون 50% من التعداد السكاني العالمي. من حق الشباب، وهم مبدعون ويفهمون العالم الرقمي ويتأثرون مباشرة بالقرارات السياسية اليوم، أن يكون لهم مقعد على الطاولة. المنتدى الاقتصادي العالمي يساعد الشباب الاستثنائيين على العطاء إلى المجتمع، وأن يتحركوا من أجل القضايا التي تهمهم وأن يقوموا بالتأثير الإيجابي على النقاشات العالمية السياسية. مجموعة الشباب «شيبرز» تمثل جاليات المستقبل، تجلب الشباب الذين تمكنوا من العمل في جاليات منوعة وغير مركزية ومرتبطة إلكترونيا ببعضها البعض.

> ما أكثر لحظة خاصة بـ«دافوس» تذكرها على مدار العقود الماضية؟

– كثيرون يرون دافوس مكان عمل. وهم محقون، ولكن الأهم من ذلك، الاجتماع يعتبر مختبرا للأفكار. الناس يجتمعون هنا ليلاقوا تحديات، ليفكروا بقضايا مع أناس لا يلتقون بهم في بيئة عملهم الطبيعية. هذه هي روح دافوس. رؤية هذه الروح من جديد للمرة الـ43 منذ تأسيس المنتدى الاقتصادي العالمي هي اللحظة الأعظم.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط