ناصر الصرامي
ناصر الصرامي
إعلامي سعودي وكاتب صحفي

معلوماتنا البترولية.. لا تتحدث العربية!

آراء

لا يمكن للزائر للعاصمة السعودية الرياض أو المغادر منها عبر بوابتها الجوية مطار الملك خالد الدولي، إلا أن يلحظ بشكل واضح جدًا ذلك البناء الضخم الذي يشبه هيكلاً حديديًا هبط من السماء فجأه، بشكله الفضائي وتصميمه العالمي، إنه مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك)، وهو مركز أبحاث عالمي يهتم بأبحاث البترول والطاقة والبيئة وسياساتها المستقبلية. المركز مطور من شركة أرامكو السعودية. يهدف المركز كما يعرف نفسه إلى أن يكون صرحًا لتبادل الخبرات والأفكار المتعلقة بالطاقة والبيئة وخلق إستراتيجيات وسياسات هادفة للسعودية وللعالم انطلاقًا من الدور والثقل الكبير للبلاد في مجال الطاقة والبترول.

نتأمل هذا البناء الذي تطلب وقتًا ليفكك سكان العاصمة وزوارها رموزه وأهدافه وطموحاته الكبرى كما قد تبدو، لكنه لغز ليس صعبًا، إلا أنه يحمل بعض الغموض المعتاد، أقصد غموض المعلومة عن الطاقة والبترول وسياستنا المؤثرة فيه كبلد على محيط الكون كله.

أكتب هذا المقال وأسعار البترول تواصل هبوطها، ثم تتارجح، ثم تهبط إلى نحو سبعين دولارًا، وتوقعات لا تتوقف بهبوطه لنحو الستين دولارًا ربما، نعم ربما، لأننا كمتابعين وقراء لا نملك أي ثقافة بترولية أو مصادر إخبارية محلية قوية، نكتفي بوكالات الأنباء العالمية وترجمة للمقالات من هنا وهناك.

وبمناسبة الترجمة فإن الموقع الإلكتروني-مثلاً- لمركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية يحمل محتوى باللغة الإنجليزية دون أن تتوفر صفحات باللغة العربية، أو أنها قد تكون نسخًا مخبأة أو سرية، -أقول ذلك ساخرًا طبعًا-، لكن ما أعنيه أن معلوماتنا عن أهم مصدر للدخل في وطننا قاصرة جدًا، حتى الوزارة المعنية ووزيرها وكبار تنفيذي أرامكو يتحدثون دومًا للإعلام الدولي أكثر من المحلي، هذا إذا تحدثوا له أصلاً-، بل إن حضورهم المباشر في الإعلام المحلي لا يكاد يذكر، حضورًا يقتصر على حملات العلاقات العامة والصور..!

يحتاج التاجر، والمستثمر، ومن يخطط لميزانية حياته ومستقبله، والدارس والباحث والمعلق، أن يكون لديه حظ من التوقعات وبعض الشروحات التوضيحية، حتى لا تكون مساراتنا الاقتصادية هشة وكأنها وقتية وخاضعة للتوقعات والتخمين واللغط والغلط.

في غياب المعلومة المحلية، نفاجأ كإعلاميين قلة أو ضعف المتخصصين في مجال الطاقة بشكل عام والنفط تحديدًا، عصب حياتنا وتنميتنا ورخائنا.

النفط الذي يغطي أكثر من 90 في المئة من عائداتنا وحجم إنتاجنا المحلي يحتاج إلى أكثر من مركز أبحاث ودراسات، يحتاج – أيضًا- لاستثمار الجامعات في هذا المجال من الأبحاث والدراسات المستقبلية، يحتاج إلى أكثر من كرسي علمي في كل جامعاتنا تقريبًا، فالسعودية تملك أكثر من ربع الاحتياطي العالمي، وكل اقتصادها مرتبط به وبحركته وقيمته واستمراريته. من سوق الأسهم، إلى العقار، البتروكميكل، والصناعات الأخرى، كما المشروعات التنموية المتوسطة والكبرى، كل شيء تقريبًا معني بهذه المادة الساحرة، ثرواتنا التي تحرك طاقة الكون.. لكننا الأقرب نحتاج إلى مصادر تثقفنا، تفيدنا بالمعلومات الحية، وتقدم لنا ولو «همسًا» الإستراتيجية المتبعة والمتغيرات في مساحاتها، والأحداث السياسية من حولها.

توضيحات تمكن المعنيين من فهم الاتجاهات المستقبلية للأسواق والطاقة، ومعلومات أوسع من أجل وجود متخصصين أكثر، ودراسات مستقبلية أوسع في مجال الطاقة، والنفط الذي يروينا وينمينا!

المصدر: الجزيرة السعودية

http://al-jazirah.com/2014/20141209/ar4.htm