دبي ـ عبدالعزيز الدوسري
تختلف العواصم السياحية في كل بلد عن آخر بطقوسها ومبانيها وحواريها، فبعضها لايزال يحتفظ بتراثه، والبعض الآخر يلاحق “الموضة”، لكن جميع تلك العواصم تتشابه في اجتذاب “النشالين” والنصابين الذين يحاولون سرقة “السيّاح” وسلبهم ما يحملون من دولارات.
وعلى الرغم من أن العواصم تتفاوت في ما بينها حول الأمن، لكن عادة ما تجتذب العواصم أشخاصا اعتادوا أن يعتاشوا على النصب.
ففي العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس يقع السياح في ورطة “النقود المزورة” التي يتداولها الجميع في سيارات الأجرة والمحلات وصالات السينما وغيرها من الأماكن السياحية، ليحاولوا استبدالها بفئات أصلية مع السياح، بالإضافة إلى مهنة النشل المنتشرة في أنحاء المدينة.
هذا في أميركا الجنوبية وهو ذاته في أقصى شرق آسيا التي يمتهن النشالون السرقة من السياح عبر ضرب الكتف بكتف السائح وبحركة سريعة يحصلون على ما في جيبه.
في العاصمة البريطانية لندن تختلف عصابات النشل، والنصب، وتتطور يوما بعد آخر في ظل قوة الأمن ومحاولة رجال شرطة اسكوتلانديارد سد منابع النصب والاحتيال على السياح.
حيل جديدة
ومن ضمن الحيل الجديدة تلتقط امرأة من أوروبا الشرقية سواراً أو خاتم ألماس أو ذهب أمام سائحة خليجية وتوهمها بأنه لها وأن حظها أوقعها معها حيث إنها لا تأخذ أمراً لا يخصّها، وبعض السائحات والسائحين يلتقطون الطعم، حيث تشرح لهم أنها بحاجة إلى ما يسد رمقها فيمنحونها 5 أو 10 جنيهات إسترلينية، لتطلق ساقيها للريح ويكتشف السائح أن السوار أو الخاتم “فالصو” لا يساوي نصف جنيه.
مجموعات أخرى يجعلون امرأة جميلة تمر بجانب السائح، فيقومون بتوبيخه لأنه قام بـ”مغازلة” شقيقتهم، فيبدأ الشجار وكل منهم يجرّه نحوه، ثم سرعان ما يكتشف بعد رحيلهم أن جيوبه خالية من الأموال والهاتف وكل شيء.
يقول أحمد العنزي (بريطاني من أصل عربي) إنه يعيش في لندن من 16 عاماً، وفي كل يوم يسمع عن طريقة جديدة في النصب تنطلي على السياح وبشكل خاص على العرب.
ويضيف في تصريح لـ”العربية.نت” أن بعض عمليات النصب تظل في إطار السرقات الصغيرة التي تعتمد على حركة السياح اليومية، بينما الأخطر من ذلك هو تلك العمليات الكبرى التي تستهدف السياح الأثرياء، وأحياناً يتم النصب عليهم بمئات الآلاف من الدولارات، ومن السهل اكتشاف السياح الأثرياء من خلال الفنادق الفاخرة، بالإضافة إلى أن بعص النصابين والمحتالين على درجة عالية ويوظفون بعض العاملين في الفنادق والمحلات الكبرى لإعطائهم معلومات قيمة كبطاقات الائتمان و”الفيزا” وغيرها من المعلومات، مستذكراً عملية نصب قام بها مجهولون حينما تمت سرقة “خزنة” من أحد غرف النزلاء في فندق 5 نجوم قبل 4 أعوام لسائح خليجي.
أخطر السرقات
وأكد العنزي أن أخطر السرقات “الحسابات الشخصية”، سواء عن طريق سرقة البطاقات الائتمانية أو المعلومات التي تحتويها.
وكشف عن طرق سهلة لسرقة البطاقات، حيث يقول: “بعضهم يقف خلف السائح الخليجي الذي ما إن يضع بطاقته ورقمها السري ويحفظها النصاب، حتى يلقي بنقود ورقية بجانب السائح ليخبره أن نقوده سقطت من جيبه، فينزل السائح للأرض حتى يمد يده ليحصل على النقود ليكتشف أن بطاقته أخذت وأن من خلفه اختفى، بالإضافة إلى أن بعضهم يُوهم السياح أن بطاقته علقت في “الماكينة” فهو قبله كان قد وضع بطاقته وبخفة يد يسحب البطاقة ويتركه حائراً في أمره.
وفجّر العنزي معلومة من العيار الثقيل حينما قال إن بعض الباعة في المحلات الكبرى هم أنفسهم يسحبون معلومات البطاقات البنكية والائتمانية من خلال أجهزة إلكترونية صغيرة تعمل بالمسح عبر ليزر دقيق لحفظ جميع معلومات البطاقة، ثم وضعها في بطاقة جديدة واستخدامها عبر أسماء وهمية.
وأشار إلى أن “باعة متجولين” يحاولون اصطياد السياح عبر حيل جديدة، وبيع أجهزة مثل الكمبيوترات المحمولة وأجهزة التلفونات، لكن ما أن يصل السائح الفندق حتى يكتشف أنه اشترى لعبة أو نماذج غير حقيقية.
ومن جانبها، قالت خولة الراشد لـ”العربية.نت” إنها تعرضت لحادثي سرقة في لندن، رغم أنها من العواصم الآمنة مقارنة بإسطنبول أو جنيف أو غيرها، مبينة أن امرأة من شرق أوروبا تحمل طفلها جعلتها تداعب صغيرها، وبلمح البصر مدت يدها بداخل حقيبتها وسرقت “محفظتها” الصغيرة التي تحتوي على كل أموالها وبطاقاتها.
وتضيف “في المرة الثانية، كنت في محل كبير للتسوق وأضع كل حاجياتي في عربة أدفعها لما خرجت من السوق لم أجد حقيبتي، فهي بالكامل قد سُرقت، ومن خلال بحث الشرطة تبين أن شابة إفريقية دسّت يدها وخطفت الحقيبة بعد توثيق الحدث عبر كاميرا المحل”.
وترى الراشد أن عمليات النصب تكثر خلال الصيف، وفي المناطق الأكثر زحمة مثل شارع أكسفورد أو إدجوار رود أو في ساحة بيكاديللي أو المناطق السياحية، فهنالك بعض النشالين والمحتالين لديهم موهبة خفة اليد، بالإضافة إلى عمليات الاحتيال الأخرى من خلال بيع “الوهم”، مؤكدة أن صديقتها اشترت ساعة رولكس من أحدهم على أنها أصلية بـ5 آلاف جنيه، وكان سعرها الأصلي 25 ألفاً لكنها تفاجأت أنها طبق الأصل.
شرطة اسكوتلانديارد تنتشر بشكل مكثف خصوصاً خلال الصيف، كما أنهم يوظفون في كل عام عدداً من المخبرين والنشالين السابقين لوقف عمليات النصب، ورغم ذلك فإن المحتالين دوماً ما يأتون بالجديد لإيقاع السائح العربي.
المصدر: العربية نت