عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

الرياض وواشنطن ومواجهة إيران

الأحد ١٨ مارس ٢٠١٨

قبل أن يلتقي ولي العهد السعودي مع الرئيس الأميركي بعد غد، تتسارع الخطى داخل أوروبا للتوصل إلى صيغة ظاهرها تقييد إيران وباطنها وقف محاولة أميركا إجهاض الاتفاق النووي مع إيران. وصول الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، وسبقه بأسبوع خروج ريكس تيلرسون من وزارة الخارجية الأميركية، يعزز مخاوف الأوروبيين من عزم واشنطن على فرض عقوبات على إيران قد تؤدي في الأخير إلى أن يسقط الاتفاق. واتفاق «JCPOA» الذي وُقِّع عام 2015، ويُعرف بمجموعة خمسة زائد واحد، الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، مع نظام إيران، هو السبب في الفوضى التي نراها اليوم. إيران مقابل تجميد نسبة من التخصيب النووي حصلت على رفع العقوبات عنها، ونتيجة لذلك زادت نشاطاتها العسكرية في المنطقة، واستفادت أيضاً بالعمل على تطوير منظومة صواريخها الباليستية المؤهلة لحمل وإطلاق سلاح نووي. ومنذ ذلك اليوم والجميع يشهد أن الاتفاق تسبب في المزيد من الفوضى والحروب، وزاد من جرأة النظام وتسلطه داخل إيران وخارجها، بخلاف تصور الغرب الذي قال إن طهران ستتخلى عن سياساتها العدوانية وستتحول نحو التنمية والسلام. بوصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وبروز الأمير محمد بن سلمان وإعلان الاثنين أنهما سيقفان ضد إيران إقليمياً، لم يعد للاتفاق تلك القدسية. بإمكان كل أوروبا أن تنحني للمرشد الأعلى في طهران وتكمل العمل معه، لكن واشنطن…

هل يهمّنا خروج الوزير ريكس؟

الخميس ١٥ مارس ٢٠١٨

المدهش في مسألة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، ليس أن الرئيس دونالد ترمب عزله؛ بل الأكثر إدهاشاً أنه صبر عليه لعام وأكثر، والرئيس مشهور بصراحته وانفعالاته. كلٌ يدري أن الوزير لم يكن يرى بالعين نفسها مع رئيسه في عدد من القضايا المهمة؛ الاتفاق النووي مع إيران، وكوريا الشمالية، والتعامل مع روسيا... وبالطبع قطر. إضافة إلى أن الوزير، بجانب اختلافاته مع الرئيس، كان على خلاف مع أبرز قيادات الحكومة؛ من رئيس وكالة الاستخبارات، إلى صهر الرئيس جاريد كوشنر، ومستشار الأمن القومي، وسفيرة ترمب لدى الأمم المتحدة. إنما هل وزير الخارجية مهم وفاعل في منظومة يجلس عليها رئيس قوي، مثل ترمب ومعاونيه؟ أميركا دولة مؤسسات، ولوزارة الخارجية، ووزيرها، دور تنفيذي كبير. وعندما يضع البيت الأبيض السياسات، ويتبنى المواقف، يدع التفاصيل للأجهزة التنفيذية. الوزير أيضاً شخصية مهمة، فهو من فرسان الملك المتقدمين على رقعة الشطرنج؛ يبارز الآخرين، وعليه أن يجلب الانتصارات. وبالنسبة لنا، يهمنا أن تكون علاقتنا جيدة مع كامل أركان الدولة، ما دامت مواقفنا متقاربة مع الرئيس. وبكل أسف؛ سجلّ الخارجية، في فترة تيلرسون، لم يكن يعكس روح البيت الأبيض وسياساته معنا في معظم الملفات الرئيسيّة وعلى رأسها إيران. ولا يزال كثير من قرارات الإدارة السابقة ساري المفعول حيال إيران؛ مثلاً الخارجية تمتنع حتى الآن عن دعم المعارضة الإيرانية وبرامجها ضد النظام…

التاريخ وفقاً لأمير قطر السابق!

الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٨

عند البعض الحقيقة ليست مهمة، الأهم ما يمكن تصويره للناس، وهذا ما تحاول الدوحة فعله؛ حقائق من نسج الخيال، مثل فيلم وثائقي أنتجته زوّر حكاية انقلاب حمد على أبيه الأمير، وزعم تدبير مؤامرة لإعادة الأب إلى الحكم. بسبب فضيحة الانقلاب، ولأنها تنتقص من شرعية الحكم الحالي، لم أتوقع أبداً أن تفتح حكومة قطر سيرة تاريخها الحديث، وهي صاحبة الأسوأ سمعة في الخليج. سيئة جداً إلى درجة يصعب أن تغسلها بأفلام وثائقية مركبة، وشهادات زور، فتاريخها قريب، ومعظم الشهود أحياء اليوم. وسمعة حكومتها أسوأ، حتى دون سيرة الانقلاب، بتحالفها مع إيران، و«حماس»، و«حزب الله»، و«القاعدة»، و«جبهة النصرة»، وبن لادن، والجولاني. بالوثائقي، فتحت الدوحة سيرة الشيخ حمد، الذي لا يزال يحكم قطر من خلف الستار إلى اليوم. وقد بدأت المأساة عندما استولى الابن على حكم أبيه، وهز المجتمع الخليجي كله، لا القطري فقط، في عام 1995. رواية حمد بن خليفة الجديدة للتاريخ تقول إن ثلاث دول اجتمعت وتآمرت ضده، وحاولت تنفيذ عملية انقلابية في العام التالي. إنما في ذلك العام، 1996، ولسبعة أعوام متتالية، لم يكن يحرس قطر سوى قوة دفاع صغيرة، إلى جانب شرطتها. قطر city state دولة من مدينة واحدة، لم يتجاوز سكانها، آنذاك، نصف مليون، ربعهم قطريون. ولم يكن عسيراً على دولة كبيرة، مثل السعودية، تجاورها براً وبحراً أن…

محمد بن سلمان ومعركة لندن

السبت ١٠ مارس ٢٠١٨

فشلت محاولات قطريين وإيرانيين وأتباعهم من معارضين، ومن مخلفات اليسار، في إفشال الزيارة الأولى للأمير محمد بن سلمان كولي للعهد إلى بريطانيا، وتشويه مشروعه السياسي والاجتماعي. معظم السياسيين والإعلاميين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط عبروا بصراحة عن إعجابهم بشخصيته ومشروعه، وعكسوا وجهات نظر إيجابية. وأول من افتتح الساحة وزير الخارجية بوريس جونسون الذي عبر عن رأيه في مقال له في «التايمز»، قال بشكل واضح إن على العالم، وليس بريطانيا فقط، أن يساند الأمير محمد بن سلمان، لأن مشروعه يهم الجميع. ما الذي يستطيع أن يفعله الشيخ تميم، ووالده حاكم قطر الحقيقي، غير أن يمضيا يومهما في التفكير في إنجاح فريقهما لكرة القدم، سانت جيرمان الباريسي، أو العمل على محاولة تشويه صورة الضيف السعودي. مشروع الدوحة البديل، في مقابل الرياض، تسويق جماعة الإخوان المسلمين و«حزب الله» وغيرهما من القوى التي أفسدت المنطقة منذ استيلاء الإسلاميين المتطرفين على الحكم في إيران عام 1979. بريطانيا التي اعتادت على التحفظ والرتابة وتحاشي أخذ المواقف القوية، كانت سريعة وصريحة في التعامل بإيجابية وحماس مع ولي العهد السعودي. عبرت بإيجابية حقيقية معظم افتتاحيات الصحف وبرامج التلفزيون السياسية، ومعظم تعليقات أعضاء البرلمان وبالطبع مسؤولي الحكومة بدرجات مختلفة، كانت مؤيدة للسعودية، ولا أقول معارضة لقطر، لأنها لم تكن أصلاً ضمن نقاشات الجانبين. الحكومة البريطانية أعلنت صراحة تأييدها موقف السعودية…

هل ينجح ترمب في ما فشل فيه الآخرون؟

الثلاثاء ٠٦ مارس ٢٠١٨

كل رئيس أميركي جاء للبيت الأبيض جرب حظه، طرح أو حاول طرح مشروع للسلام بين العرب وإسرائيل إلا باراك أوباما الذي أشغلته قضايا المنطقة الأخرى. في مطبخ دونالد ترمب، الرئيس الأميركي، نشم رائحة المهمة المستحيلة، مشروع سلام جديد. كلّف به أقرب الأشخاص إليه، مستشاره وصهره جاريد كوشنر، وعين أيضاً مبعوثاً خاصاً لهذا الغرض اسمه جيسون غرينبلات، وبدأت الرحلات المكوكية بخياطة المشروع الجديد. من دون ملامح كافية لن نستعجل الحكم عليه، بالنجاح أو الفشل. كلنا نعرف أن لا أحد نجح بعد، حتى صار ظهور سلام شامل مثل ظهور طائر العنقاء، إحدى الخرافات المستحيلة الثلاث. مع هذا نُبقي على باب التفاؤل مفتوحاً، مَن يدري فقد تصيب، مثل الفوز باليانصيب، فرصة نادرة لكنها محتملة. ألفت النظر إلى أن ظروف النجاح موجودة اليوم. المناخ الإقليمي تحديداً، مهيأ أفضل من أيام كامب ديفيد في السبعينات، وأفضل من زمن مؤتمر مدريد للسلام في مطلع التسعينات، وكذلك اتفاق أوسلو الأشهر. وبالتأكيد أفضل من مناخ مشروعات السلام اللاحقة في طابا، واي ريفر، ووادي عربة، وغيرها. أما لماذا نرى الطقس السياسي اليوم ملائماً لمشروع سلام كبير فهو بفضل المشهد الكبير من التغييرات التي أصابت المنطقة العربية. فقد خرج من اللعبة أكثر الناس عداءً، وتخريباً لمشروعات السلام الماضية، صدام حسين ومعمر القذافي وبشار الأسد، والمنظمات الفلسطينية اليسارية، وتم إقصاء الإخوان…

لعنة أم نعمة النفط؟

الإثنين ٠٥ مارس ٢٠١٨

في السعودية تاريخان مهمان، اليوم الذي أسس فيه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن مملكته، والثاني اليوم الذي اكتشفت فيه «ستاندار أويل أوف كاليفورنيا» الأميركية النفط على أرض الدولة الجديدة. ثمانون عاماً تمر على اليوم الذي غيّر مستقبل السعودية عندما أتت محاولات دامت خمس سنين فاشلة أخيراً ثمارها في البئر رقم سبعة، الذي أطلق نافورة هائلة من الزيت الأسود في عنان السماء. ولو لم يوحّد الملك عبد العزيز هذه الدولة الواسعة الإرجاء لكنّا اليوم أمام العديد من الدويلات المتصارعة في داخل شبه جزيرة العرب، ولو لم يكتشف البترول لكان مصير الدولة قاسياً بسبب ظروفها الصحراوية الطبيعية، وشظف العيش من حيث ندرة الماء والكلأ. سبق الأميركيين، البريطانيون في التنقيب الذين ملوا وغادروا السعودية، كانوا مقتنعين بعدم وجود البترول، وتخلوا عن التعاون مع مملكة عبد العزيز، إلى درجة أن المعتمد البريطاني في الهند أجاب ذاته على خطاب الملك الذي اقترح عليه التعاون، قائلاً إنهم ليسوا راغبين وعليه أن ينشغل بنفسه وشؤونه عنهم، وأن كل ما يهم الإمبراطورية ألا يتعرض أحد من جانبه لحركة الملاحة لأسطولها في مياه الخليج. بعد أن صده بجفاء ذهب الملك إلى الأميركيين الذين لم يكن لهم علاقة بالمنطقة، وجاءوا من آخر الدنيا ليجرّبوا حظهم. ويروى أنهم زعموا للبريطانيين أنهم جاءوا للتنقيب عن المياه لدعم السكان المحليين؛ حتى لا…

الوطن وحوارات الوطنية

الخميس ٢٢ فبراير ٢٠١٨

كان من بين القادة الذين قاتلوا تحت إمرة قيادة الملك فيصل، رحمه الله، عندما انتصر في استعادة المناطق السعودية الجنوبية، ووصلت القوات السعودية إلى مدينة الحديدة، التي ما لبثت أن تركتها بعد 3 أشهر بعد توجيه من الملك عبد العزيز لتعود إلى حدود الدولة السعودية. وشارك في عدد من حروب التوحيد لاحقاً. هذه سيرة اخترتها لأنها تختصر معاني كثيرة. اللواء سعيد جودت، كان في البداية ضابطاً في الحامية التركية، وهُزم أمام قوات الملك عبد العزيز، رحمه الله. وعندما مثل أمام الملك أمر بفك قيوده وبقية أسرى الحرب، وخيَّره بين أن يعود إلى تركيا أو أن يلتحق بقواته، فاختار اللواء جودت أن يلتحق بهذا القائد العظيم. ومن رفاقه من التحق به ومنهم من عادوا إلى بلادهم. جودت عمل في صفوف قوات السعودية الجديدة ولاحقاً وثق به الملك المؤسس وكلّفه بواحدة من أعلى الوظائف مرتبةً وأهميةً، قائداً للحرس الملكي. الملك عبد العزيز كان شخصية استثنائية، لم يكن ضيق الأفق، ولا متعصباً. حمل رؤية متقدمة على زمنه، وعلى بقية زعماء المنطقة ببناء دولة ذات طموحات كبيرة، وكل من حاربهم وانتصر عليهم ضمهم إلى مؤسسات دولته. الملك عبد العزيز أسس مملكة حديثة تتسع للجميع، وضم في حكومته ومجلسه قادة القبائل ووجهاء المجتمع، أيضاً ضم مصريين وسوريين وفلسطينيين وعراقيين وليبيين وغيرهم. منحهم جنسية دولته وكانوا…

وزير عُماني يزور القدس

السبت ١٧ فبراير ٢٠١٨

ما الفارق بين قطر وعمان؟ وبين سياستي الدوحة ومسقط؟ لماذا نتقبل من يوسف بن علوي بن عبد الله، وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، عندما يسافر لزيارة القدس أو لو يلتقي مسؤولين إسرائيليين، ونستهجنها من المسؤولين القطريين عندما يفعلون الشيء نفسه؟ الوزير بن علوي جال بين القدس وأبو ديس وأريحا، والتقى فاعلين رسميين وشعبيين، وحمل معه البخور العُماني للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة. قام بزيارته في وقت تشن وسائل الإعلام القطرية حملات تحريض ضد من يفكر في أن يقوم بمثل هذه الزيارة، أو حتى يعلق مؤيداً لها. وعندما نرى بن علوي في القدس لا نشعر بالانزعاج لأن السياسيين العمانيين والإعلام العُماني لا يكيلون اتهامات مناقضة لما تفعله سياستهم. أما دولة مثل قطر فهي تقوم بشكل مستمر، منذ عام 1996، بمثل هذه النشاطات الدبلوماسية والتعامل مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه تهدد الدوحة أي حكومة أو منظمة تجرؤ على القيام بمثل ما تقوم به. وسبق لها أن شنت حملة ضد الحكومة المصرية لأن المفتي زار القدس، وضد الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي لأنه علق مرة شاجباً جريمة الهولوكوست ضد اليهود! سلطنة عمان لديها سياستها المستقلة أيضاً، فهي من منتصف التسعينات فتحت مكتباً تجارياً إسرائيلياً في مسقط، ثم أغلقته مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. أما قطر فتُمارس سياسة نفاق مزدوجة؛ تتاجر وتتعامل…

العراق: دول تعمر ودولة تدمر

الخميس ١٥ فبراير ٢٠١٨

جمع العراق وعوداً بثلاثين مليار دولار من دول العالم بإعادة إعماره، والحقيقة لا يوجد متحمسون كثر للفكرة، لأسباب، من بينها الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها كل دول المنطقة، ونظراً لكثرة فواتير الحروب المكلفة جداً. وأعظم من نقص المال، سوء إدارة العراق نفسه. من ذَا الذي يرغب في أن يستثمر ماله في بلد تنتشر فيه الميليشيات وينهشه الفساد؟ الحكومة ضعيفة، والطائفية صريحة، والإرهاب لم يقض عليه وإن هزم في الموصل وغيرها، والتدخلات الأجنبية تزداد - خاصة الإيرانية - علنية! هذه تحديات خطيرة لا يعقل أن نتجاهلها رغم الضغوط الأميركية والأممية لتقديم الدعم. مشكلة العراق ليست قلة موارده المالية بل كثرة مصائبه التي ذكرتها والتي لا يزال يعاني منها. لكن العراق غني بذاته؛ الخامس عالمياً في الاحتياطي المؤكد من النفط، ويجلس على كنز من الغاز، فضلا عن نهريه دجلة والفرات. ولو أنه مستقر أمنياً، وسلطته السياسية متمكنة من إدارة كل الدولة لما تردد أحد في أن يدعم إعماره منحاً وإقراضاً واستثماراً. ولا تغر العراقيين المؤتمراتُ والالتزامات الدولية لأن معظمها أعلنت وقد لا تصل، كما جرى بوعود إعادة الإعمار في أفغانستان والصومال واليمن وغزة ولبنان. الالتزامات لم تدفع لأن هذه الدول لم تخرج من دوامة العنف والفوضى، وتجربة غزة نموذج سيئ، كلما دعمت تم تدميرها بسبب سوء تدبير سلطتها، وعنف ردود فعل…

أبعاد حرب سوريا الإقليمية

الثلاثاء ١٣ فبراير ٢٠١٨

الخلاف الأميركي الروسي في أوكرانيا وغيرها من مناطق التنافس بين القوتين، يتجلى، أيضاً، في سوريا. ومشروع إيران في السيطرة على الشمال العربي إلى حدود تركيا يسير في طريقه، كما كان يحذر منه. وقلق تركيا من انتقال الأزمة إلى أراضيها تحول من مرحلة الدفاع إلى الهجوم في عفرين السورية. وإسرائيل أصبحت طرفاً أساسياً في الحرب هناك. ومن البديهي أن تتأثر المنطقة ودولها بالتطورات المتسارعة وصراعات القوى في سوريا. الدول المعرضة لارتدادات الصراع في سوريا هي كل الدول الواقعة في محيط الأزمة؛ تركيا والعراق والأردن ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك دول الخليج وإيران. وقد عمد الإيرانيون إلى فتح الجبهة اليمنية ضد السعودية من أجل إضعافهم وإخراجهم من الصراع في سوريا وتسهيل انتصارهم هناك. ولا بد أن نقر بأنهم نجحوا في ذلك. واليمن، عدا أنه من إفرازات الصراع الإقليمي الحاد، يؤكد على أن ترك إيران تستولي على سوريا ولبنان والعراق لن ينتهي الأمر عند حدود هذه الدول. سيطرة إيران على لبنان مكنتها من الاستيلاء على سوريا باستخدامها حزب الله الذي قامت بتربيته ليكون قوتها الإقليمية، واستخدمت بعض المؤسسات اللبنانية لدعم عملياتها في سوريا. واستخدمت لبنان أيضاً لدعم وكيلها اليمني، الحوثي. الصراع في سوريا نفسه مفتوح على كل الاحتمالات؛ إما أن تكون الاشتباكات الأخيرة عاملاً إيجابياً، حيث يضطر الفرقاء الرئيسيون إلى التوافق على حلول…

دبلوماسية إسقاط الطائرات في سوريا

الإثنين ١٢ فبراير ٢٠١٨

في أقل من أسبوعين، أسقط مقاتلون سوريون، مقاتلةً روسيةً، وأسقط أكرادٌ مروحيةً تركيةً فوق عفرين، وأسقط الإيرانيون طائرتين حربيتين إسرائيليتين. ماذا بعد هذه الاشتباكات؟ على التراب السوري ثلاث درجات من القوة. الأميركية ضد الروسية. والإسرائيلية ضد الإيرانية. والميليشيات من «حزب الله» ونحوه ضد «الجيش الحر السوري» وغيره. ويبقى احتمال الاصطدام الإيراني الإسرائيلي هو الأهم، لأن تركيا لن تصعد ولن تتوغل، ويمكن رسم العلاقة معها في منطقة القتال. وربما غيرت سلسلة الأحداث الأخيرة قواعد الاشتباك. فإسرائيل قامت بقصف وقتل إيرانيين مباشرة، بعد أن كانت في السابق توقع العقوبات بميلشياتهم من «حزب الله» وغيره. والولايات المتحدة، أيضاً، قتلت مائة من ميليشيات موالية لإيران، لأنها هاجمت مسلحين أكراداً موالين لها. يبدو أن روسيا وإيران بيتتا لضرب إسرائيل ضمن رسم «قواعد الاشتباك». فإسرائيل غضبت من دخول طائرة درون إيرانية صغيرة أجواءها، وردت بقصف مواقع للحرس الثوري الإيراني، الذي تجرأ على إسقاط طائرتين إسرائيليتين، ورد الإسرائيليون بقصف مواقع إيرانية مباشرة. ومثلما أنكرت واشنطن معرفتها بما فعله حلفاؤها، أنكرت موسكو أي دور لها في إسقاط الطائرتين الإسرائيليتين! أمر مستبعد تماماً. النتيجة حركة دبلوماسية خلف الأبواب المغلقة بين واشنطن وموسكو وإسرائيل وإيران، إما إنها تسعى لتنظيم الخلاف ورسم قواعد الاشتباك، وبالتالي تجنب توسيع المواجهة العسكرية، أو الذهاب إلى مواجهات مباشرة، إيرانية إسرائيلية! معروف أن إيران أضعف عسكرياً…

الحب على الطريقة القطرية

الثلاثاء ٠٦ فبراير ٢٠١٨

لم نعد نسمع كثيراً عن الخلاف مع قطر إلا من طرف واحد، ما يصدر عن مسؤولي الدوحة من مقابلات وتصريحات وإعلانات. أما خصومها فقد التفتوا إلى قضاياهم الأخرى، مثل إيران واليمن وعلاقاتهم الإقليمية والدولية، وهو ما أغضب الدوحة التي تريد أن تجعل خلافها مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين قضية حية تشغل الرأي العام الدولي. إنما الحق السيادي يجعل كل دولة في العالم حرة في أن تختار أصدقاءها، ولمن تفتح أسواقها. منع شركة الألبان «المراعي» السعودية من بيع منتجاتها في الدوحة، ووقف تداول أسهم شركات قطر في سوق الأسهم الإماراتية، وإغلاق الأجواء البحرينية أمام الطيران القطري مسألة تخص هذه الدول. فالولايات المتحدة قاطعت كوبا، وهي على مرمى حجر من ولاية فلوريدا، أقل من مائة ميل فقط، ولأكثر من خمسين عاماً. فما المشكلة إن عاملت هذه الدول قطر كما فعلت أميركا مع كوبا مع اختلاف الظروف، لأن قطر، بعكس كوبا الفقيرة، تملك من الدخل الهائل ما يكفي لإطعام سكان الهند بكل سهولة. وفي سبيل إثارة انتباه الإعلام، كررت قطر رواية أنه كانت هناك نية لغزو قطر وتغيير أميرها وتنصيب بديل له. اتهامات راقت كل بلد زاره الوفد القطري وشكره على الدعم والمساندة، فادعى المسؤولون الإيرانيون في تصريح رسمي أن بلادهم منعت غزواً وشيكاً لقطر! وذهب القطريون وحكوا القصة نفسها في تركيا، فأعلن…