عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

خط الزلازل من سوريا إلى روسيا

الأربعاء ٢٦ فبراير ٢٠١٤

الفرحة عارمة هنا بعد إسقاط الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش مع أن غالبية العرب تجهل موقع أوكرانيا على الخريطة، إنه انتقام إلهي من روسيا التي لعبت دورا قبيحا وكبيرا في دعم شرير سوريا ثلاث سنوات وشاركته في مذابحه ضد المدنيين. روسيا لم تفق بعد من الزلزال، وتعجلت برفض النظام الجديد، ووصفت الانتفاضة المسالمة بأنها تمرد مسلح. وجاء الرد سريعا بإلغاء الروسية كلغة ثانية للبلاد التي يوحد فيها أوكرانيون روس، والاتجاه للغرب اقتصاديا، متجاهلة أن موسكو قد أقرضت النظام السابق 15 مليار دولار قبل شهرين. السؤال: هل إشغال موسكو في أزمة أوكرانيا، البلد الأكثر أهمية لها، سيضعف إيران وسوريا؟ من المؤكد أن القيادة الروسية تورطت في وضع صعب جدا، بفعل ما حدث في الجارة المهمة لها استراتيجيًّا، وهذه ستأكل الكثير من وقتها وجهودها وانتباهها. والأزمة الأوكرانية في بدايتها وستكبر لأن الغضب الشعبي ضد موسكو سيدفع إلى المزيد من التوتر بدليل أن من أول القرارات التي أصدرها النظام الجديد إلغاء الروسية كلغة ثانية رغم وجود روس أوكرانيين. تصريحات المسؤولين الإيرانيين ضد ما حدث في أوكرانيا تنبئ عن قلق حقيقي. إضعاف روسيا بإشغالها سيضعف موقف إيران التفاوضي مع الغرب، وسيفقدها حليفها الذي استخدمته في قضاياها الإقليمية. وهذا ينسحب على سوريا لكن بدرجة أقل، حيث إن النشاط الروسي في معظمه يقوم على تصدير السلاح لنظام…

المؤامرة.. النظرية التي لا تموت

الأحد ٢٣ فبراير ٢٠١٤

في نظر البعض صدام لم يغزُ إيران إبان حكم الخميني إلا بتوريط خارجي له، ولم يغزُ الكويت إلا بإيحاء من سفيرة أميركا في بغداد. وفي نظر البعض أيضا أن ثورة الليبيين ضد القذافي فعل أجنبي، وكذلك إسقاط مبارك مصر مؤامرة، وأن «الإخوان» وصلوا بترتيب أميركي، و«الإخوان» يعتقدون أن السيسي انقلب عليهم بتآمر غربي، والنظام السوري يردد منذ ثلاث سنوات أن الغرب وراء الثورة عليه، والثوار يصرون على أن هناك مؤامرة لمحاصرة ثورتهم من أجل الإبقاء على الأسد. الصديق الأستاذ إياد أبو شقرا، كتب في هذه الجريدة قبل أيام أنه آن الأوان أن نعترف بوجود مؤامرات تدبر وراء ما يقع في منطقتنا. والزميل إياد ليس الأول الذي يرى متآمرا خلف كل أزمة، بل هذا هو الرأي الشائع منذ عقود في محيط المثقفين وعززته أدبيات شاعت في الستينات والسبعينات، مثل كتاب «لعبة الأمم» لمؤلفه مايلز كوبلاند. وأنا لا أريد أن أنفي تماما نظرية المؤامرة، لأن جزءا من نشاط الأجهزة الأمنية والسياسية السرية الإقليمية والدولية تغيير الأوضاع لصالح دولها، إنما هناك الكثير من المبالغة في قراءة التاريخ المعاصر وفق هذه النظرية. ويوجد خلط كبير بين استغلال الأحداث للدفع لها أو تغيير اتجاهاتها، وبين طبخ الأحداث نفسها. مثلا سقوط شاه إيران في عام 1979 كان شبه حتمي نتيجة لاضطراب الأوضاع في طهران، الغرب فضل…

واشنطن وثلاثية النفط وإسرائيل والإرهاب

الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠١٤

الولايات المتحدة ليست في حاجة لنشر بوارجها في منطقة الشرق الأوسط لبيع تليفونات «آيفون»، أو سيارات «شيفروليه»، أو فرض مقاهي «ستاربكس». فأسواقنا أقل قيمة لبضائعها، وأصغر من أن تخوض حروبا لها. إنما هناك ثلاثة أسباب جيدة ستبقي على الولايات المتحدة في منطقتنا، مهما شعر البيت الأبيض بالملل، أو الإحباط، أو الفشل. ثلاثية: النفط، وإسرائيل، والإرهاب أقوى من كل الدوافع الداعية لحزم الحقائب، والهروب من هذه المنطقة المشتعلة باستمرار. في 30 أبريل (نيسان) عام 1975 سقطت العاصمة سايغون، ورحل الأميركيون من فيتنام الجنوبية، فكان وداعا طويلا. ولم يعودوا إليها بعد ثلاثة عقود إلا تجارا وسياحا. كانت حربا وخسرها الأميركيون، وبدلا من الإصرار والقتال قبلوا بالهزيمة، وطووا صفحة من تاريخهم، ولم يعد يرد اسم فيتنام إلا في أفلام هوليوود وذكريات متقاعدي الحرب وجرحاها. الآن، الأميركيون يعدون لمغادرة أفغانستان، وسبق أن رحلوا من العراق، ورفضوا الدخول في سوريا، واكتفوا بالحرب على «القاعدة» من خلال أسطول طائرات الدرون اللابشرية. فهل تستطيع الحكومة الأميركية حقا أن تطفئ النور، وتغادر، وتعيش بسلام؟ الفوارق كبيرة بين حروب فيتنام وكمبوديا، وبين معارك العراق وأفغانستان وإيران و«القاعدة». أهمها أن الهروب لن ينهي الحرب كما أنهاها في سايغون، إلا في حالة واحدة، عندما توجد ترتيبات شرق أوسطية تنهي الصراعات، وهذا أمر عسير المنال في منطقة صراعاتها كوكتيل متفجر، ما بين…

لماذا يحاربون العالم من سوريا إلى بورما؟!

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠١٤

في السعودية، وفي عدد من دول المنطقة هنا، تجري مطاردة فكرية، سياسية، أمنية، منذ عشر سنوات تقريبا تلاحق الجماعات المتطرفة التي تتبنى العنف، مع هذا الرقم يزيد. فقد أثبتت «القاعدة»، الفكرة، والتنظيم، والنشاطات، والأفراد، أنها حالة مرض معدية في كثير من أنحاء المنطقة. وسيطول الشرح حول كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه، بين تحليل اجتماعي سياسي يصفها بحالة تمرد، ومن يجزم بأنها نتيجة طبيعية لمآسي المنطقة، وهناك فريق يعتبرها نتاج فكر محلي متطرف يقتات على ما حوله. الأكيد، أننا أمام ظاهرة تتضخم، بمقاييس «القاعدة» نفسها عندما هدمت برجي التجارة في نيويورك عام 2001. كانت حينها بضع مئات وفي دولة واحدة، أفغانستان، واليوم صارت جيوشا بعشرات الآلاف من المقاتلين. كبرت جغرافيا من بلد إلى نحو عشر دول يقاتلون فيها يوميا. وبالتالي، السبب ليس كما كان يقال، الوجود الأجنبي أو الظلم الديني، بل هي حالة مرض تنتشر، والعلاج ليس بالملاحقة الأمنية، بل في التربية والثقافة. وعندما قررت الحكومة السعودية أن تسير خطوة جديدة بتجريم الانخراط في حروب المنطقة، أو التحريض أو الدعم، حسمت جزءا مهما من الجدل الثقافي. هل ما يفعله نظام مجرم مثل الأسد في سوريا يبيح للشاب السعودي الغاضب أن يركب الطائرة وينضم للمقاتلين ضد النظام، نصرة للمظلومين؟ استطاعت الجماعات المتطرفة إقناع الكثيرين بأنه واجب الفرد، لا الدولة، وخطفت عواطف…

ماكين: مختل من يصدق أن الأسد سيرحل

الأحد ٠٢ فبراير ٢٠١٤

السيناتور الأميركي جون ماكين هو من أوائل الذين جعلوا قضية الشعب السوري قضيته، وكان يحذر من أنها لن تختفي بمجرد أن تدير الولايات المتحدة ظهرها لها. وقد ثبت أنه محق في كل ما تنبأ به، وحذر منه. تنبأ بأن العنف سيخرج عن السيطرة من قبل النظام، ونبّه إلى أن عدم دعم المعارضة سيجعل النظام يرفض التفاوض ويتمادى في ارتكاب جرائم وحشية، لأنه سيعتبره ضوءا أخضر للتصرف بلا حدود. وحذر من أن الفوضى في سوريا ستجتذب الجماعات الإرهابية، وأن ترك الجيش الحر يصارع وحده جيش الأسد المدجج بكل الأسلحة الثقيلة سيكون خسارة للعالم. ووصف تدخل روسيا وإيران وحزب الله بأنه توسيع خطير يجب عدم السكوت عنه في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، وأنه سيصدّر الحرب إلى بقية الشرق الأوسط. تقريبا كل ما عبر عنه أصبح حقيقة. فسوريا اليوم دولة فاشلة، ومرتع للإيرانيين، وحزب الله، وميليشيات عراقية، و«القاعدة»، و«داعش». حرب استخدم فيها النظام كل المحرمات، فقصف المدن والقرى بالطائرات، والمدافع، والدبابات، والأسلحة الكيماوية، والبراميل المتفجرة، ورغم هذا القتل الممنهج والمدعوم من الروس وإيران لم يفعل المجتمع الدولي شيئا لردعه. حرب سوريا اتسعت وصارت تهدد أمن تركيا، واستقرار لبنان، وتخيف الأردن، و«داعش» الإرهابية تسرح بين العراق وسوريا، وتدرب آلاف الشباب للقتال لاحقا خارج سوريا. أمس عاد السيناتور ماكين للاحتجاج قائلا: «لقد نبهت إلى أن…

الجهاد ضد دعاة «الجهاد»

الخميس ٢٣ يناير ٢٠١٤

الزميل الأستاذ داود الشريان فتح النار على دعاة الجهاد، الذين عرفناهم يضحون بأبناء غيرهم. ومع أن الكثيرين انشغلوا بالجدل حول دلالة كلمة الجهاد نفسها دينيا، ومحل استخدامها سياسيا، إلا أن الجانب الأهم أن بعض الدعاة سارعوا ينفون: «نحن لم ندعُ للجهاد، ولم نحرض أحدا». حتى إن أحد الدعاة المتطرفين كتب يعلن براءته، قال إن من اتصل به من الشباب يطلب الفتيا للسفر للجهاد في سوريا، نهاه وحضه على عدم الذهاب! وإنه كان حريصا على أن يبين للشباب المتحمس الغاضب أن في سوريا ما يكفي من الرجال الراغبين في القيام بواجب محاربة نظام الأسد! وإن كانوا صادقين فهو توجه محمود، وتبدل مهم. إنما هناك دعاة متورطون، يريدون نقل الملامة على الحكومات، معهم في نفس الخندق، وبعضهم يدعي أنه واجبهم الديني، وهؤلاء بالطبع أخطر. الهدف ليس التشهير بالدعاة، بل وضع الأمور في نصابها. هل من حرض وأرسل شابا سعوديا أو كويتيا للقتال في سوريا وعاد في كفن يعتبر شريكا في قتله، أم أنه مجرد واعظ، والتحريض وعظ ديني، لا يتحمل قائله أية مسؤولية؟ التحريض والتعبئة جريمة مهما كانت لغتها، دينية أو وطنية، فيها دفع الغير إلى ارتكاب جرائم القتل. والفارق بين الجهاد وجريمة القتل في التشريع والقرار. لك أن تدافع عن بلدك، وأهلك، في غياب وجود نظام شرعي ومدني. الدعاة ليسوا أصحاب…

خيبة عرب إردوغان

الأربعاء ١٥ يناير ٢٠١٤

المهزومون يحلمون بالمنقذ ولو في آخر الدنيا، يفاخرون بالملك الناصر صلاح الدين الذي مات قبل 900 سنة، ويرفعون صور رجب طيب إردوغان، رئيس وزراء تركيا. هذه حال بعض العرب الذين يخترعون صورا من التاريخ أو الحاضر، ويقومون بزخرفتها لعل وعسى أن تكون ملهم التغيير. لكن بناء صورة مثالية للزعماء عادة تصبح مصيدتهم. هذه المصيدة التي أطبقت على إردوغان بعد أن استمتع بضع سنوات بشعبية في العالم العربي، جراء مواقف جارفة جرفته هو نفسه أخيرا. وقبله هتفوا لرئيس العراق الديكتاتور صدام حسين، ثم هللوا للسيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله. كل هؤلاء كانت لهم شعبية هائلة في الشارع العربي ما لبثت أن خبت بموتهم أو هزيمتهم. إردوغان شخصية تستحق التقدير لإنجازاته على الصعيد التركي. ثم جرب أن يكون طرفا في صراعات المنطقة بموقفه الشهير في دعم السفن التركية التي حاولت كسر الحصار عن قطاع غزة وانتهت بالفشل أمام الهجوم الإسرائيلي. خسر المعركة البحرية لكنه كسب حب الكثير من العرب، مثل صدام الذي أطلق بضعة صواريخ على إسرائيل. أيضا، تبنى إردوغان موقفا متقدما وقويا ضد نظام بشار الأسد في بدايات قمع النظام السوري للمتظاهرين. إنما خابت توقعات الكثيرين بعد نحو عام، لأنه لم ينفذ شيئا من تهديداته لنظام الأسد. كانت الآمال كبيرة من تركيا، كأكبر دولة حدودية مع سوريا، وتملك…

لماذا شطح وليس الأسير؟

السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٣

حزب الله تضاءل حتى تحول إلى مجرد جماعة إرهابية، مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«عصائب الحق». تضاءل من مقارعة إسرائيل إلى جماعة أحمد الأسير. طائفيا وسياسيا، انحدر زعيمه حسن نصر الله إلى ملاسنة فضل شاكر، المطرب الذي تحول إلى التطرف مثله. عسكريا يؤجر حزب الله رجاله وشبابه كبنادق في سبيل الدفاع عن نظام بشار الأسد في سوريا. أما بطولات حزب الله فهي فقط ضد العُزَّل السياسيين والمثقفين المدنيين. أمس، اغتال حزب الله شخصية مدنية مسالمة أخرى، ليضاف إلى قائمة طويلة من ضحايا الحزب. وكل الذين قتلهم حزب الله منذ اغتياله رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري من فريق سياسي واحد منافس له، كلهم لا يملكون ميليشيات، وجميعهم يؤمنون بمدنية الدولة، وبسيادة مؤسساتها. وجميعهم أهداف سهلة، ليسوا مثل ميليشيات أحمد الأسير الذي يرد كل هجوم بمثله، وكل سيارة مفخخة بمثلها. الراحل الدكتور شطح مثله مثل الذين قتلهم حزب الله من قبله، مثل سمير قصير (مثقف)، وجورج حاوي (مثقف وقيادي وطني)، وجبران تويني (إعلامي قتل بسيارة مفخخة)، وبيار الجميل (سياسي شاب واعد يؤمن بالتعايش قتل اغتيالا بالرصاص). كما قتل حزب الله القاضي السابق وليد عيدو وابنه معه، لنفس السبب الذي لأجله قتل باسل فليحان وآخرين من سلسلة قتل سهلة لشخصيات يعرف حزب الله أنها لا تملك القدرة على الرد، ولا مشروعها السياسي يؤمن بالعنف.…

من المتآمر على إردوغان؟!

الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠١٣

توقعنا سقوط رئيس سوريا، لكن يبدو أن العاصفة قد تسقط رئيس وزراء تركيا، المتورط حتى أذنيه في المشاكل. رجب طيب إردوغان فتح النار على كل الناس، حتى حليفه الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي هدده قبل شهر بقوله إن الحكومة سوف «تصل إلى كهوفكم وتمزقكم إرْبا». وأمس اقتحمت الشرطة بيوت وزراء إردوغان، ومزقت سمعة حكومته عندما وجدت أكياسا ملأى بالأموال الإيرانية في بيوتهم، وبدأت سلسلة الاستقالات والملاحقات القضائية، في أكبر تهم بالفساد في تاريخ تركيا المعاصر. فالمحاكمات المقبلة ستؤذي سمعة الرجل الذي كان لا يقهر. وبدل أن يرد إردوغان على التهم نفسها يقول إن هناك مؤامرة خارجية عليه، فمن المتآمر؟ هل هو شريكه السياسي وحليفه غولن، المقيم حاليا في ولاية بنسلفانيا الأميركية؟ أم يقصد الرئيس السوري بشار الأسد؟ أم وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي؟ أم رئيس وزراء إسرائيل؟ الأميركيون؟ الأوروبيون؟ الخليجيون؟ اليونانيون؟ وداخليا، ربما العلويون أو النقشبنديون؟ ما أكثر خصومات إردوغان. الحملة الكلامية لإردوغان منذ شهر تقريبا، أغضبت الداعية الذي ساند رئيس الوزراء لسنوات، واعتبر أقواله مهينة و«تحط من قدر أعضاء الحركة، وعندما ينطق شخص كلمة كهف، فإن من الواضح أنه يشير إلى أننا قردة وغوريلات ودببة وضباع» كما رد غولن، ومع هذا طلب من أتباعه المليون تركي عدم الرد على كلام إردوغان «المبتذل»! وعندما يصف إردوغان اتهامات الفساد…

لمن تعمل «داعش» و«النصرة» و«الجبهة»؟

الإثنين ١٦ ديسمبر ٢٠١٣

قتلوا محمد الحمامي، أبو بصير، من أركان الجيش الحر الذي كان يحارب قوات النظام في اللاذقية، وكذلك العسكريين المنشقين محمد جهار ومحمد القاضي على الحدود مع تركيا. وأعدموا محمد فارس مروش أحد قادة الجيش الحر. أيضا، بوحشيتهم المعروفة حزوا رأس قائد كتيبة بدانا، واستولوا على البلدة. وقتلوا أيضا اثنين من الجيش الحر، كانا يحرسان مستودع السلاح في باب الهوى واستولوا عليه. وقتلوا عبد القادر الصالح قائد كتيبة «التوحيد»، بقذيفة استهدفت مقره. خطفوا العشرات من قيادات وأفراد الجيش الحر، بينهم علي بللو من كتيبة «أحرار سوريا»، والحياني من كتيبة «شهداء بدر»، وفعلوا الشيء نفسه مع قائد الجيش الحر في أطمة. كما خطفوا الأب باولو أحد أبرز القادة المسيحيين المتعاطفين مع الثورة، ومطر أنين في حلب، ثم خدموا النظام دعائيا بخطفهم راهبات معلولا. واختطفوا اثني عشر صحافيا وناشطا إعلاميا، بينهم زملاء نذروا عامين من عمرهم في خدمة الثورة إعلاميا، وقبل أيام أسروا ناشطين حقوقيين هم من وضعوا الثورة على الخريطة، مثل رزان زيتوني. خدموا الأسد بإيذاء أحد أبرز أعدائه، المفكر والمناضل ياسين صالح، بخطف أخيه فارس وزوجته سميرة الخليل. حارب رجال «داعش» و«النصرة»، واستولوا على مناطق للجيش الحر، التي سبق أن حررها من النظام، كالرقة، وأعزاز، وجرابلس، ومسكنة بريف حلب، وأطمة بريف إدلب، وسرمدا، ومقري قوات «الفاروق» و«اللواء 313». وآخر انتصارات «داعش»…

عمان.. وجهة نظر مختلفة

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

لا أتذكر متى كانت آخر مرة تصدرت سلطنة عمان الأخبار، لم تكن أبدا في عناوين الأخبار الرئيسة. وهذه ميزة في منطقتنا، حيث لا يحتل عناوينها عادة إلا الأشرار أو الضحايا. إنما تصريح عُماني واحد ضد انتقال مجلس التعاون الخليجي إلى حالة الاتحاد لفت انتباه الكثيرين.. ما عداه القليل قيل أو نقل عن مسقط. في مجلس التعاون، اعتدنا حالتين متناقضتين؛ صاخبة جدا تمثلها قطر، وأخرى هادئة جدا هي عُمان، وقد استوعبهما المجلس، على الرغم من التناقضات الحادة. سلطنة عمان عُرفت بأنها أكثر الأعضاء انسجاما، بل أكثرهم مثالية من حيث العلاقة المستمرة مع الجميع، تقريبا. أما بالنسبة للاتحاد الخليجي المقترح، فلا أعتقد أنه يستوجب الاحتجاج بمثل ما صرح به الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي، في البحرين، قبل أيام. المشروع مطروح منذ نحو عامين، ومن حق أي دولة عضو أن تقبله أو ترفضه، أو على الأقل أن تتمناه. ربما ملاحظاتي البسيطة هي حول مبررات الوزير الذي قال، معللا رفضه، إنه ليس هناك ما يدعو للاستعجال نحو الاتحاد. وهذا صحيح، لولا أن المجلس بلغ من العمر عتيا؛ 33 عاما! وأن الاتحاد المقترح، الذي استكثره، هو أقل حتى من الوحدة التي وردت في ديباجة تأسيس المجلس، قبل ثلاثة عقود. والصيغة المقترحة هي نموذج الاتحاد الأوروبي، الذي لا يلزم أي دولة بما…

المشروع الأخير القضاء على «الحر»

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

منذ 12 شهرا تمحورت استراتيجية نظام بشار الأسد على فكرة هزيمة المعارضة المسلحة بالقوة العسكرية، بتعزيز إمكانياته بالمزيد من الأسلحة وجلب قوات مساندة من إيران والعراق وحزب الله اللبناني. وبسببها نجح في البقاء في الحكم طوال العام الحالي، والمعارك راوحت في مكانها. إنما بكل المدد الهائل الذي حصل عليه لم يفلح في هزيمة المعارضة، التي عادت لتطوق العاصمة، وتقطع طريق المطار، وتنافسه على بقية مناطق البلاد. عمليا، فشل مشروعه ولم يعد سهلا على حلفائه من روس وإيرانيين التضحية بالمزيد من قواتهم وسلاحهم من دون أمل في الأفق، سقوط الأسد مسألة وقت، لكن الوحيد الممكن المزيد من الوقت والمزيد من التكاليف البشرية والمادية. الخطوة الجديدة ليست محاربة الجيش الحر، الذي لا يزال يمثل العمود الفقري للثورة السورية منذ أكثر من عامين، بل تخريبه من الداخل والقضاء على جيش الشعب السوري الثائر. فجأة ظهرت جماعة منافسة «الجبهة الإسلامية»، باعدت بين نفسها وبقية الفصائل الإسلامية المتطرفة، مثل «داعش» و«جبهة النصرة». ثم أعلن ثلاث قيادات من الجيش الحر مع كتائبهم، أحمد عيسى الشيخ وزهران علوش وصدام الجمل، أنهم انشقوا عن الجيش السوري الحر. والأخير نسب إليه كلام لم يمكن لنا التثبت من صحته، أنه انشق لعدم رضاه عن الدعم الخليجي! هذه الانشقاقات، سواء كانت حقيقية أم جزءا من الحرب الدعائية، تعبر عن محاولة لتفريغ…