أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن متحف اللوفر أبوظبي يعبر عن نهج اﻹمارات في تواصلها الثقافي، وسعيها لتكون جسر معرفة وتسامح مع كافة شعوب العالم، وأنه واحة جامعة للفن والثقافة.
وقال سموه عبر «تويتر»: «تعزز الإمارات حضورها الثقافي على مستوى العالم مع افتتاح «اللوفر أبوظبي» في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل».
وأضاف سموه: «متحف اللوفر أبوظبي يعبر عن نهج اﻹمارات في تواصلها الثقافي، وسعيها لتكون جسر معرفة وتسامح مع كافة شعوب العالم».
واختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالقول: «متحف اللوفر أبوظبي ثمرة شراكة للعلاقات الاستراتيجية المتطورة مع فرنسا، وتعبير عن الثقافة الإنسانية التي تجمعنا».
جسر جديد للحوار يمتد من جزيرة السعديات
المتحـف يفتـح أبـوابـه للعالـم 11 نوفمبـر
تدشن العاصمة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل جسراً جديداً للحوار الحضاري مع العالم بافتتاح متحف اللوفر أبوظبي في جزيرة السعديات.
والمتحف هو الأول من نوعه في العالم العربي برؤية عالمية، ويسلّط الضوء على أوجه التشابه والقواسم المشتركة للتجربة الإنسانية عبر مختلف الحضارات والثقافات.
يشمل الافتتاح، الذي أعلن موعده في مؤتمر صحفي أمس في جزيرة السعديات مجموعة واسعة من البرامج العامة التي تتخللها سلسلة من الندوات وعروض الأداء والحفلات وغيرها من عروض الفنون المرئية، بقيادة نخبة من الفنانين العالميين من الجيلين الكلاسيكي والمعاصر.
وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة: «إن متحف اللوفر أبوظبي يعد رمزاً ثقافياً استثنائياً، احتفالاً بإنسانيتنا المشتركة مع جمهورية فرنسا، ويمثل أحدث الابتكارات في التقاليد الطويلة والعريقة من الوعي الثقافي التي ترعاها القيادة الرشيدة في الإمارات، وهو أيضاً في الوقت نفسه يعد نصباً تذكارياً للصداقة العميقة والدائمة بين الإمارات وفرنسا».
وأكد أن «متحف اللوفر أبوظبي سيكون مفتوحاً لسكان العالم، وكما أن اللوفر يشكل جوهرة تتوج باريس، فإن اللوفر أبوظبي سيتمتع بنفس الميزة من خلال جذب الملايين من الزوار أيضاً».
وأوضح أنه على الرغم من أن المتاحف هي إضافات حديثة نسبياً للمجتمع البشري، فإن تقدير الجمال له تاريخ إنساني متميز إلى الأبد.
وأكد أن «الإمارات تمثل نموذجاً يحتذى به في التعايش بين الثقافات المختلفة التي يمثلها الملايين من الذين يعيشون فيها. وهذا التعايش يخلق ثقافة عالمية من الاحترام المتبادل». وأشار إلى أن سكان الإمارات عنصر أساسي من زوار اللوفر الذين يبحثون عن المعرفة وفهم الآخرين.
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وشركة التطوير والاستثمار السياحي «يجسد اللوفر أبوظبي رؤية الإمارات الراسخة بأنّ تقدم الأمم وتطور حضارتها يُبنيان على التنوع الثقافي والتسامح وتشجيع الحوار المشترك والانفتاح على الآخرين،خاصة أن أسلوب سرده يؤكد تواصل العالم منذ القدم. ويستكمل المتحف مسيرة طويلة بدأها الآباء المؤسسون للإمارات في الحفاظ على التراث الوطني والثقافي وصون قيمته».
واعتبر أن «اللوفر أبوظبي يعد واحداً من أهم مكوّنات استراتيجية العاصمة الثقافية الرامية إلى الحفاظ على هوية دولتنا وتراثها العريق وتاريخها الطويل، مع تحفيز الإبداع وفتح آفاق جديدة للابتكار الثقافي».
وأكد أن «الجهود الواسعة المبذولة في تعزيز البيئة الثقافية النشطة تشكل رافداً مهماً من روافد تنويع الاقتصاد الوطني للدولة، وتطوير مجتمع حيوي وعصري يُشار إليه بالبنان، ليكون متحف اللوفر أبوظبي إحدى ركائز المجتمع ومصدراً حياً يستلهم منه الجيل القادم من رواد الثقافة والعقول المبدعة والمفكرين، ليكون لهم دور فعال في ترسيخ قيم التسامح والتعايش التي تُعرف بها دولتنا العزيزة».
ووصفت فرانسواز نيسين، وزيرة الثقافة الفرنسية، افتتاح المتحف بمرحلة مهمة في تعزيز أواصر التعاون الثقافي بين الإمارات والجمهورية الفرنسية بعد 10 أعوام من توقيع الاتفاق الحكومي بين البلدين.
وقالت: «يعد متحف اللوفر أبوظبي أحد أهم المشاريع الثقافية الطموحة على مستوى العالم، وساهم التصميم المعماري المميز لجان نوفيل في إبراز المتحف في أحسن صورة».
وعبرت عن فخر فرنسا بالدور الرئيسي الذي تلعبه في إنشاء متحف اللوفر أبوظبي والإشراف عليه، من خلال توظيف خبرتها في مجال إدارة المتاحف وإعارة الأعمال الفنية من مجموعاتها الوطنية، وذلك على مدى العقود العديدة المقبلة.
وأضافت: «بفضل الرؤية العلمية والثقافية المبتكرة التي يحملها المتحف، والتي جاءت نتيجة الجمع بين خبرات 13 متحفاً ومؤسسة وطنية فرنسية عملت بإشراف وكالة المتاحف الفرنسية، سيقدم متحف اللوفر أبوظبي لزائريه تجربة فريدة من نوعها، رحلة لم يسبق لها مثيل عبر أعمال فنية من مختلف الحضارات تهدف للكشف عن القواسم المشتركة بين التجارب الإنسانية».
وأكدت أنه بناء على ذلك «يأتي متحف اللوفر أبوظبي حاملاً في طياته رسالة تسامح وسلام للعالم، ومؤكداً التزام بلدينا الراسخ بتعزيز الثقافة والتعليم باعتبارهما الحصن المنيع أمام خطر التطرف».
وقالت الوزيرة الفرنسية:«يتضمن الأسبوع الافتتاحي للمتحف حدثين مهمين تنظمان في إطار البرنامج الثقافي الفرنسي-الإماراتي، والذي أطلقته دولتانا قبل ما يزيد على عام، وتدعمه الطاقة الإبداعية الناتجة عن متحف اللوفر أبوظبي».
واختتمت بالإعراب عن أملها «في أن يسهم متحف اللوفر أبوظبي في تعزيز هذه الطاقة الإبداعية، ويشجع على طرح توجهات جديدة، ويعزز التفاهم المتبادل، ويقوي دوماً الروابط الوثيقة التي تجمع بين الإمارات وفرنسا».
وقال جان لوك مارتينيز، مدير متحف اللوفر في باريس ورئيس المجلس العلمي في إدارة وكالة متاحف فرنسا: «إن هذا الإعلان المشترك يسلط الضوء على اكتمال هذا المشروع الرائع الذي يفتخر اللوفر بربط اسمه وروحه به، وهو إنشاء أول متحف عالمي في العالم العربي. وأنا مسرور جداً لدخولنا المرحلة النهائية من المشروع مدفوعين بروح الحوار التي تتماشى تماماً مع الطبيعة الحقيقية لمتحف اللوفر، وأتمنى أن يحمل المتحف من موقعه في جزيرة السعديات مهمة توعوية عالمية ملهمة للأجيال القادمة».
وقال جان نوفيل، المهندس المعماري لمتحف اللوفر أبوظبي: «يفتح المتحف أبوابه في غضون شهرين، فبعد كذا عام من الدراسات والإنشاءات، سيكون بوسع الزوار دخول هذا المكان المفعم بالأضواء والرائع الذي يجمع بين العديد من الثقافات البشرية التي يتجاوز مداها البحار والعصور».
وأوضح أن «الهندسة المعمارية للمتحف تسهم في حماية كنوزه والإشادة بهندسة المدينة العربية وطابعها المميز، الذي يتسم بتداخل الأضواء والأشكال الهندسية. وتحت قبته الضخمة، يحاكي المتحف الطابع الزمني المؤقت الذي يفصل حتماً بين الساعات والأيام وانقضاء حياتنا».
نور النخيل يظلّل لقاء الحضارات
وضع تصميم متحف اللوفر أبوظبي، المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل، الحائز جائزة بريتزكر العالمية. وصمم نوفيل المتحف الذي تحيطه مياه البحر تحت قبة فريدة من نوعها، ليبدو كأنه «متحف مدينة».
ويمكن للزوار الاستمتاع بالمشي على طول المنتزهات والممرات المطّلة على مياه البحر، التي تظلّلها قبة قطرها 180 متراً، مؤلفة من حوالي 8000 قطعة معدنية على شكل نجوم، مما يتيح لهم الاستمتاع بـ «شعاع النور» المستوحى من ظلال أشجار النخيل المتداخلة في واحات الإمارات.
ويعرض اللوفر أبوظبي مجموعة مقتنيات وأعمال معارة من أعرق المتاحف في فرنسا، تستمد أهميتها من بُعدها التاريخي والثقافي والاجتماعي، وتروي قصصاً من مختلف الحقب التاريخية التي مرت بها البشرية.
وتضم هذه المجموعة أعمالاً متنوعة بداية من القطع التاريخية، وصولاً إلى الأعمال التكليفية العصرية المصمّمة للمتحف حصرياً لتبرز مواضيع وأفكاراً مشتركة تعكس في مجملها أوجه التشابه والتبادل بين الثقافات والحضارات المختلفة حول العالم، متجاوزة بذلك الحدود التاريخية والجغرافية.
وبذلك يصبح اللوفر أبوظبي مغايراً للمتاحف الأخرى، التي تفصل عادة بين الأعمال والمقتنيات، بناء على الحضارة التي أنشأتها. وإضافة إلى صالات العرض يوفر المتحف معارض، ومتحفاً للأطفال، ومتجراً ومقهى للزوار.
أول معرض خاص 21 ديسمبر
يقام أول معرض خاص في المتحف تحت عنوان: «من متحف لوفر لآخر: نشأة متحف اللوفر» في 21 ديسمبر/كانون الأول المقبل. ويتضمن المعرض 3 أقسام يرصد فيها تاريخ تطوّر متحف اللوفر في باريس، كما يسلط الضوء على العديد من المقتنيات الملكية في قصر فرساي، خلال عهد الملك لويس الرابع عشر في القرن الـ17، مروراً بحقبة تحويل هذا القصر إلى أكاديمية وصالونات مخصصة للفنانين، وصولاً إلى إنشاء متحف اللوفر الحديث.
ويحتوي المعرض على حوالي 145 من اللوحات والمنحوتات والأعمال الفنية الزخرفية، وغيرها من القطع المهمة من مقتنيات متحف اللوفر، وقصر فرساي. ويتولى مهمة التقييم الفني في المعرض كل من جان لوك مارتينيز، مدير متحف اللوفر، وجولييت تري، القيّمة الفنيّة لدى قسم الفنون التصويرية في متحف اللوفر.
الفن بمنظور جديد
وفق مانويل راباتيه مدير متحف اللوفر أبوظبي، فإنه: «يعتمد أسلوب سرد عالمياً فريداً ورؤية ثاقبة تستكشف تاريخ الفن وفق سياق جديد؛ لذا يُعد المتحف منصة تتيح لزوّاره فهم ثقافتهم والانفتاح على الثقافات الأخرى. وتساهم الإضافات واللمسات المعماريّة الرائدة للمتحف في إثراء مجموعته من الكنوز والأعمال الفنية الاستثنائية التي تقدم لمحة عن النتاج الثقافي المتنوع للبشرية وتمهد الطريق لمزيد من الحوارات البناءة».
30 عاماً
بموجب اتفاقية تعاون بين حكومتي الإمارات وفرنسا في 2007، يستعير متحف اللوفر أبوظبي اسم متحف اللوفر في باريس لمدة 30 عاماً، على أن يستمر العمل على المعارض المؤقتة 15 سنة، وتُعار الأعمال الفنية لمدة 10 أعوام.
أسعار التذاكر
يبلغ سعر تذكرة دخول المتحف 60 درهماً، تنخفض إلى 30 درهماً لمن هم بين 13 و22 عاماً وللعاملين في مجال التعليم في الدولة، والمشاركين في المحاضرات وورش العمل. والدخول مجاني لمن هم دون 13 عاماً، وأعضاء المجلس الدولي للمتاحف ICOM والمجلس الدولي للمتاحف والمواقع ICOMOS، والصحفيين وأصحاب الهمم ومرافقيهم.
«فرانس برس»: ماكرون فـي الافتتاح
من المقرر أن يشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح المتحف، حسب وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس) أمس.
ونقلت الوكالة عن محمد خليفة المبارك رئيس هيئة أبوظبي للسيـــاحـــة والثــقـــافة قــوله إن «المتحف يوجه رسالة تسامح».
وأثارت مسألة نقل الأعمال الفنية والمحافظة عليها وضمان أمنها قلق بعض الخبراء، لكن المبارك أكد أن «حمايتها أمر حيوي».
وأشارت إلى أنه إلى جانب «اللوفر» على جزيرة السعديات، يقام متحفان هما جوجنهايم والشيخ زايد، فـي مؤشر إلى الأهمية التي توليها السلطات في الإمارات لتطوير السياحة الثقافية في الخليج.
وقال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي «إنه لأمر استثنائي، إنها المرة الأولى التي يطلق فيها مشروع كهذا في الشرق الأوسط»، واصفاً إياه بأنه «معقد وطموح».
حكاية من 12 فصلاً بصمة زايد ملهمة
يتعرف الزوار إلى أسلوب سرد المتحف من خلال مجموعة من القطع الفنية والتحف الأثرية التي تتوزع على 12 فصلاً. وتبدأ جولة الزوار في القاعة الكبرى ليتعرفوا إلى المفهوم الرئيسي للمتحف.
وتسلط هذه القاعة الضوء على أعمال متنوعة من مختلف المناطق الجغرافية التي على الرغم من انتمائها إلى حضارات مختلفة، فإنها تشير إلى تقارب الشعوب بالتعبير عن نفسها بطرق مماثلة في الفن، عند تناول مفاهيم متعددة، من ضمنها الأمومة، أو الجنائز. ورتبت المعروضات بنظام متسلسل تاريخياً ومصنّف بحسب الموضوع والسمة.
ومن خلال التعاون الوثيق مع ورش عمل المتحف الوطني للسيراميك (Sèvres – Cité de la céramique) في فرنسا، قدّم بينوني عمل «بروباجيشن» يعني «انتشار» (2017)، وهو عبارة عن جدار من قطع الخزف التي تشكل دوائر مرسومة يدوياً ذات مركز مشترك. ويستلهم العمل رؤيته من بصمة إصبع الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وفي غرفة مخصصة للأديان العالمية يستعرض المتحف ثلاثة كتب سماوية، من ضمنها مخطوطة من «المصحف الأزرق» وإنجيل وكتاب التوراة، إضافة إلى نصوص بوذية.
أما طرق التبادل خلال القرون الوسطى وحقبة العصر الحديث فتتمثل بتحف فنية متنوّعة من السيراميك. وتستمر رحلة التواصل البشري في المتحف في أعمال آسيا ومنطقة البحر المتوسط، والتواصل بين أوروبا وأمريكا لتتسع دائرة التواصل مع تطوّر العلوم من خلال تأثيرات عدة.
ويعرض المتحف لوحة نامبان اليابانية التي تشكل أول اتصال بين أوروبا والشرق الأقصى. ويعرض المتحف بعضاً من أهم الأعمال العالمية، بدءاً من صور الأمراء والأزياء المتشابهة في بعض الحقب التاريخية، وصولاً إلى التعبيرات الفنية المتقنة، مثل خزانة مصنوعة في فرنسا ومطلية باللون الأحمر والتي تشير إلى الخليط بين التأثيرات الغربية والشرقية للفنان برنارد فان ريزبرق (BVRB، 1696-1766).
وتشمل مجموعة المقتنيات الفنية أعمالاً كلف «اللوفر أبوظبي» فنانين معاصرين بتنفيذها، منهم الفنانة الأمريكية جيني هولزر (1950) التي نفّذت ثلاثة جدران حجرية يكشف عنها عقب افتتاح المتحف. ونحت على الجدار الأول مقتطفات من «المقدمة» لابن خلدون، أما الجدار الثاني فيحمل نصوصاً مستوحاة من لغات بلاد الرافدين (السومرية والأكدية المكتوبة بالخط المسماري) الموجودة على «لوح الأسطورة»، في حين تبرز على الجدار الثالث نصوص مدعمة بالشرح من طبعة عام 1588 لمقالات الكاتب والفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين.
أما الفنان الإيطالي جوسيبي بينوني (1947) فأبدع التحفة الفنية «أوراق النور» (2017) وهي عبارة عن شجرة مصنوعة من معدن البرونز تتفاعل مع فكرة التصميم المعماري للمتحف من خلال مرايا مثبتة على فروع الشجرة، وتعكس هذه المرايا أشعة الضوء الهاطلة من قبة المتحف العملاقة.
إلهام الجيل الصغير
يتخذ متحف الأطفال من قلب «اللوفر أبوظبي» مقراً له، ممتداً عبر طابقين يستضيفان معارض مؤقتة وورش عمل تفاعلية. ويهدف متحف الأطفال إلى إلهام الجيل الصغير وإشباع فضوله حول كل ما هو غامض وغريب، إضافة إلى تنمية مهارات الصغار الإبداعية ورعايتها.
صمم المتحف ليستقبل الأطفال من 6 إلى 12 عاماً، ويعد وجهة مثالية لرحلات المدارس أو الزيارات العائلية. ويمكن للأطفال والكبار المشاركة في العديد من الفعاليات التعليمية المصممة لفتح الأبواب على عوالم الخيال والاستكشاف.
قبة عائمة من النور والظل
تركزت فكرة المعماري الفرنسي جان نوفيل، عند تصميم «اللوفر أبوظبي»، على قبة فضية ضخمة يبدو من شكلها أنها تطفو فوق مدينة المتحف بأكملها. تبدو خفيفة الوزن، بينما تزن في الحقيقة 7500 طن، وهو نفس وزن برج إيفل. استوحى نوفيل فكرة القبة من الهندسة المعمارية العربية القديمة التي تميّزت بالقباب.
وتتكون القبة من 7850 نجماً، مكرّرة بمختلف الأحجام والزوايا في 8 طبقات مختلفة، وعند مرور الشمس فوقها تنساب أشعتها من خلال الثقوب إلى داخل المبنى، منعكسة على كامل المساحة والجدران.
جوهـر الإنسانيـة بعيـون التـاريخ
عبير حسين
هل زرت من قبل متحفاً تصل هندسته الأرض بالسماء لتحيل قاعاته إلى مكان للتناغم والسكون والتأمل؟ هل جربت يوماً زيارة مكان فريد يمنحك تجربة استثنائية تختبر خلالها العلاقة الغريبة بين الشمس والبحر والفن والعمارة؟ هل تخيلت يوماً متحفاً يؤرخ لإبداع البشرية الذي يتجاوز الثقافات والحضارات والأزمنة والأمكنة باحثاً عما يوحد البشر فتقدم مقتنياته ومعروضاته من عصور ما قبل التاريخ وحتى الفن المعاصر بدون فصل بينها لتحفيز روح الاحترام والفضول والتعلم؟ لن تكون الإجابة بـ «نعم» على الأسئلة السابقة مستحيلة بعد شهرين تقريباً، فبمجرد افتتاح متحف «اللوفر أبوظبي» في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ستتاح هذه التجربة المثيرة التي تبعث على الإلهام لكل الزوار الذين ستنير لغة الفن عقولهم عبر طيف واسع من المعروضات تعكس التنوع الثقافي والحضاري، لتتجاوز زيارته مجرد التجربة الشخصية الفريدة لتصل إلى إثارة حوار داخلي حول الإنسانية والروابط المشتركة التي تجمعنا.
عبر تصميم يجمع بين النور والظل والتأمل والهدوء، صمم المعماري الفرنسي جان نوفيل «اللوفر أبوظبي» على شكل مدينة مصغرة تشبه أرخبيلاً في البحر يمكن لزواره الوصول إليه إما عن طريق البر أو البحر، لتضيف التحفة الفنية المستوحاة من سعف النخيل المتداخل في الإمارات «شعاع النور» لجوسيبي بينوني ألقاً إضافياً على المتحف وهي شجرة مصنوعة من البرونز ثبتت على أفرعها مرايا تعكس الضوء الساقط من قبة المتحف العملاق.
ويمكن لزوار المتحف استكشاف 55 مبنى منفصلاً تحاكي تجربة التجول بين شوارع المدن العريقة، منها 23 مبنى مخصصاً لصالات العرض المستوحاة من المنازل المنخفضة في البيئة المحلية، وتشجع الواجهات الخارجية المطلة على البحر وأفق أبوظبي على التأمل.
وتتزين واجهة المتحف بأعمال لفنانين كبار، مثل: جيني هولزر: وجوسيبي بينوني المنشغل بإبداعات تمزج بين الفن والإنسان والطبيعة.
وإلى جانب مجموعة مقتنياته الثرية، يقدم المتحف 4 معارض فنية مؤقتة كل عام.
تنتمي الأعمال الفنية المعروضة بالمتحف إلى مختلف حضارات العالم مستلهمة أوجه التشابه بين التجارب الحضارية والثقافية الإنسانية. وسيتعرف زوار المتحف إلى «أسلوب سرد خاص» من خلال القطع الفنية والتحف الأثرية التي تتوزع على 12 فصلاً، تبدأ في القاعة الكبرى التي تسلط الضوء على أعمال من مختلف المناطق الجغرافية، وهي، رغم انتمائها إلى حضارات مختلفة تشير إلى تقارب الشعوب بالتعبير عن نفسها بطرق متشابهة عبر الفن خاصة عند تجسيد مفاهيم خاصة مثل: الأمومة أو طقوس دفن الموتى. وترتب المعروضات في «اللوفر أبوظبي» بنظام التسلسل التاريخي، وتصنف بحسب الموضوع والسمة.
تبدأ الرحلة الثقافية لزوار المتحف عند تمثال«أميرة من باختريا»، الذي يعود إلى أواخر الألف الثالث قبل الميلاد، ويعد أحد أروع الأعمال الفنية الشاهدة على حضارة «الأوكسوس» والمزدهرة بين 2300 و 1700 قبل الميلاد في منطقة آسيا الوسطى، التي اشتهرت بنحت أنواع فريدة من المنحوتات الأنثوية المبتكرة التي عرفت بـ«الأميرات الباخترية». وتمتاز منحوتة «اللوفر أبوظبي» بأنها الوحيدة التي نحتت واقفة بينما جرت العادة على نحت الأخريات في وضعية الجلوس. كما تمتاز المنحوتة بدقة التعبير في ملامح الوجه وتعكس دلالة واضحة على الالتقاء الثقافي والحضاري بين منطقة آسيا الوسطى والمناطق المجاورة الذي جسدته تفاصيل لباسها المعروف بـ«الكاونيكس» المحاك من الصوف السومري، بينما نحت الرأس من الكالسيت الأبيض، والثياب من الكلوريت الأخضر.
أما المحطة الثانية للزائر فستكون للمجموعة الجنائزية للأميرة الفرعونية«حنوت باي» ابنة رمسيس الحادي عشر وزوجة باينجم الأول وأم الكاهن الأكبر مين خبر رع، والملقبة بـ«سيدة حريم آمون رع ملك الأرباب». وتكشف المجموعة الطقوس الجنائزية الفريدة التي تميزت بها الحضارة الفرعونية. وهناك المجموعة الجنائزية للأميرة هينتاوي ابنة الفرعون شيشونك من السلالة الـ 22 للفراعنة، ويعود تاريخ رحيلها إلى النصف الثاني من القرن العاشر قبل الميلاد. وتشمل المجموعة جسدها المحنط، و3 توابيت خشبية ملونة، إلى جانب عدد من قطع الكتان والبردي والجص.
وكذلك تضم المجموعة الفرعونية من مقتنيات المتحف عدة تماثيل برونزية لأوزوريس، ومومياء طولها 3 أمتار، إضافة إلى عدد آخر من المنحوتات الحجرية.
وتتميز مقتنيات «اللوفر أبوظبي» من القرون الوسطى بالتنوع والثراء وتتنقل بين إمبراطورية «تانج» في الصين في القرنين الثامن والتاسع، إلى سلالة تشولا جنوب الهند، وصولاً إلى «مملكة غانا» في غرب إفريقيا في القرن الثالث عشر. وتتبع أغلب هذه المقتنيات تأثيرات «طريق الحرير» السياسية والاقتصادية والاجتماعية ودوره في نشر الإسلام في أماكن واسعة من العالم.
ويحتفي المتحف بتراث الإمبراطورية المغولية، إحدى أهم الإمبراطوريات الإسلامية الكبرى إلى جانب مقتنيات تعود للإمبراطوريتين العثمانية والصفوية، ومنمنمات هندية نادرة.
يتجول الزائر لـ«اللوفر أبوظبي» بين عدد كبير من اللوحات الفنية من أشهرها لوحة عثمان حمدي باي «أمير شاب منكب على الدراسة» التي رسمها في 1878، ولوحة «الأولاد وهم يتصارعون» ورسمها بول جوجان في 1888، ولوحات نامبان اليابانية، و«الغجري» للفنان أدوار مانيه، و«جميلة الحداد» لليوناردو دافنشي، وتعد من أهم مقتنيات متحف اللوفر في باريس، إضافة إلى لوحة «البورترية الذاتي لفينسينت فان جوخ». وإلى جانب لوحات الفنانين بيت موندريان والكسندر كالدر تبرز 9 لوحات على قماش الكانفاس للفنان المعاصر سي تومبلي. وغيرها الكثير
المصدر: الخليج