برهنت أبوظبي تمسكها بالحفاظ على المناخ وضمان النمو المستدام خلال “أسبوع أبوظبي للاستدامة”، الذي قدمت خلاله للعالم نموذجاً يحتذى في الخطط التنموية المتكاملة، من خلال إيجاد التوازن اللازم بين أضلاع مثلث الطاقة والمياه والبيئة، من أجل ضمان مستقبل الأجيال الحالية والقادمة، بحسب خبراء.
ولم تقتصر الجهود الحثيثة التي بذلتها أبوظبي في سياق سعيها الدؤوب لضمان التنمية المستدامة على الجانب المحلي فحسب، بل مدت يد العون لمختلف دول العالم، لمساعدتها على المضي قدماً في تبني حلول الطاقة المتجددة، ضمن مبادرات تعكس التزامها بمسؤولياتها أمام المجتمع الدولي.
في هذا الإطار، أطلقت أبوظبي على هامش “أسبوع الاستدامة” مشروعاً ريادياً، يقوم على استخدام مصادر الطاقة المتجددة في عمليات تحلية المياه، ما يضمن تقليل التأثيرات البيئية لتأمين الاحتياجات المائية بأسلوب مبتكر.
ويأتي المشروع بموازاة جهود دولية قامت بها “مصدر”، أثمرت عن إطلاق مبادرة دولية، تستهدف تعزيز أمن الطاقة، لتخفيف عدة النزاعات، وذلك بالتعاون مع معهد السلام الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو”.
وتنص المبادرة على تشكيل مجموعة عمل جديدة حول الطاقة والأمن تهدف إلى دراسة دور الطاقة في إرساء الأمن والاستقرار، وتعزيز الآليات الدولية لتكثيف التعاون والمساهمة في الحيلولة دون وقوع النزاعات المرتبطة بالطاقة.
وقال الدكتور سلطان أحمد الجابر الرئيس التنفيذي لـ”مصدر” خلال فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة الأسبوع الماضي “نواجه مسؤولية مشتركة تفرض علينا تحقيق التوازن الدقيق المطلوب بين النمو الاقتصادي والسكاني ومواردنا المحدودة”.
وأكد أن “هذا التوازن ضروري لبناء مستقبل مستدام وهو يقوم على عنصرين حاسمين ومترابطين هما الطاقة والمياه، فمن دونهما لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية ولا يمكن مكافحة الفقر وتفادي نشوب النزاعات”.
وأضاف أن “في دولة الإمارات التي تمتلك خامس أكبر مخزون نفطي في العالم تؤمن قيادتنا بأن المياه أهم من النفط، ونعتقد أن الطاقة والمياه يستحقان نفس مستوى الاهتمام من زعماء العالم”.
وفي الوقت الذي سعت فيه “مصدر” للاستفادة من التقنيات الفرنسية في تطوير حلول الطاقة المتجددة، وتبادل البيانات والمعلومات للوصول إلى أجدى الحلول في مجال أمن الطاقة، وقامت بتوقيع اتفاقية تعاون مع فرنسا في هذا المجال، أبرمت بالمقابل اتفاقية إطارية للتعاون مع الأردن، لنقل خبرات مصدر في مجال تقنيات الطاقة المتجددة.
وهذا ليس التعاون الأول لمصدر، فهي صدرت تكنولوجيا الطاقة المتجددة سابقاً إلى إسبانيا، بمشروع ريادي لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، فيما تزود “مصفوفة لندن” التي أنجزتها مصدر وتعتبر أضخم محطة طاقة رياح بالعالم، ربع منازل لندن بالطاقة الكهربائية.
ومن المنتظر أن تبدأ مصفوفة “شمس 1” للطاقة الشمسية المركزة في المنطقة الغربية، إنتاج 100 ميجاواط من الكهرباء لتصبح أكبر محطة من نوعها في المنطقة، ومن بين كبرى المحطات على نطاق العالم.
وفي موريتانيا، تخطط مصدر لبناء مصفوفة للطاقة الشمسية توفر للبلاد 10% من استهلاك الكهرباء، إلى جانب خطط لإقامة مشاريع مماثلة في جزر سيشل.
وأعطى ذلك التوازن صدقية لخطط العاصمة التي باتت مصدر إلهام وإعجاب عالميين، الأمر الذي بدا واضحاً على ردود فعل قادة ورؤساء دول ومسؤولين تفاعلوا مع الحلول والحوارات البناءة التي رافقت فعاليات القمة العالمية لطاقة المستقبل والقمة العالمية للمياه ومؤتمر الطاقة المتجددة وجائزة زايد لطاقة المستقبل واجتماعات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” على مدار أسبوع الاستدامة، وجمعت نحو 30 ألف مشارك يمثلون 150 دولة.
وقال فرانسوا أولاند الرئيس الفرنسي خلال مشاركته في الفعاليات “من واجبنا الترويج للطاقة المتجددة وعلينا المحافظة على كوكبنا لتتمكن أجيال المستقبل من العيش فيه.. وتقدم لنا دولة الإمارات نموذجاً يقتدى به في هذا المجال”.
وأضاف “لقد زرت مدينة المستقبل التي تبنيها مصدر، وإننا نشيد بهذه الجهود إذ لابد من امتلاك ثقة كبيرة للاستثمار في الطاقة المتجددة”.
من جانبها، عبرت جلالة الملكة رانيا العبد الله عقيلة جلالة الملك عبد الله الثاني عاهل المملكة الأردنية الهاشمية عن “فخرها بالدور القيادي والعالمي الذي تقوم به أبوظبي في مجال التنمية المستدامة وبمدينة “مصدر” التي يجري العمل فيها كنموذج ريادي لتجارب الطاقة المتجددة والتكنولوجيا”.
ولتأكيد نهج أبوظبي المتكامل في التخطيط للمستقبل، أطلقت مصدر، التي استضافت “أسبوع أبوظبي للاستدامة”، القمة العالمية للمياه في دورتها الأولى، حيث نبهت إلى ضرورة الحفاظ على الموارد وتحسين كفاءة الاستخدام لتأمين مستقبل واعد للأجيال القادمة.
وفي ظل مساعي الحفاظ على الموارد المائية، وافقت لجنة وضع وتنفيذ السياسة المائية والزراعية في إمارة أبوظبي على مقترح إنشاء مجلس أبوظبي للمياه، ليقوم بدور إشرافي وتنسيقي بين الجهات ذات العلاقة بالقطاع، من أجل ضمان تكامل السياسات المائية وانسجام الخطط المستقبلية، ورفعت اللجنة المقترح إلى المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي للموافقة على تأسيس المجلس.
وقالت رزان خليفة المبارك الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي “المستقبل يتطلب تضافر جهود الجهات المعنية من القطاع الخاص والمجتمع المدني لترشيد استهلاك المياه، التي تفوق النفط أهمية وقيمة، كونها تلبي احتياجاتنا الأساسية”.
وأكدت المبارك أن الهيئة ستعمل مع شركائها خلال الأعوام المقبلة على تنفيذ وتطوير خطة عمل جديدة لإدارة المياه الجوفية، تشمل تطوير كفاءة مراقبة وإدارة المياه الجوفية في إمارة أبوظبي، والتركيز على كفاءة استهلاك المياه في قطاع الغابات، عبر استخدام مياه الصرف الصحي في ري الغابات والحدائق.
وقال تود ستيرن المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية “إن دولة الإمارات لاعب رئيسي في مناقشات التغير المناخي في العالم، وقد قامت بجهود حثيثة فيما يتعلق بالاستدامة خلال السنوات الأخيرة”.
المصدر: جريدة الاتحاد