عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

فكرة البطل.. لماذا؟

الثلاثاء ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٤

الناس دائماً يحتاجون إلى وجود الشخص الرمز في حياتهم، سواء اليوم أو غداً أو إلى ما شاء الله، وحدها الروبوتات من لا تحتاج إلى شيء، لأنها لا تشعر بشيء، ولا تتفاعل ولا تتأثر ولا تحمل في دماغها أية أفكار، وفي قلبها أية مشاعر، ليس في دماغ الروبوت سوى الأسلاك والمسامير المتناهية الدقة، والبلاتينيوم اللامع والبارد، وأظن أن أي شخص ينفي ضرورة الرمز والقدوة والمثل الأعلى، لا يختلف كثيراً عن الروبوت، سوى أن الروبوت يحتاج للصيانة والضبط والشحن لكي يعمل! أما البشر، ففي كل تاريخهم كانوا يحتاجون إلى الأسطورة والأساطير، لذلك حفل التاريخ البشري بسجل هائل من الأساطير والرموز الأسطورية، نعم، الإنسان هو من صنعها وألفها، ولكن ليست هذه هي نقطة النقاش في الأمر، السؤال الأهم هو: لماذا شغل الإنسان نفسه بإنتاج هذه الرموز والأساطير؟ لأنه يحتاجها كي يفسر من خلالها ما يحدث له وحوله، ويحتاجها كيلا يفقد البوصلة في طريق الحياة المليء بالعوائق والعثرات والخيبات، ويحتاجها كي يطمئن إلى أن قوى الشر ليست وحدها من تسيطر وتسير العالم والمصائر! اليوم، مثلاً، لو دققنا في أفلام الرسوم المتحركة القادمة من شرق آسيا، سنلاحظ أن البطل الخارق موجود دائماً، وفي أفلام السينما الأمريكية، فإن البطل الأسطوري موجود دائماً، البطل الذي يتدخل ليهزم الأشرار ويناصر المظلومين ويتصدى للشر ويهزمه دائماً، هذا الرمز للبطل،…

الإمارات.. المواقف الثابتة

الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤

لبنان بلد عربي شقيق، مر خلال تاريخه المعاصر بالكثير من الأزمات والحروب، قدر هذا البلد في مميزاته، في جماله وتحضره منذ القدم، وقدره لاحقاً في ديمقراطيته التي غايرت، حدّ النقيض، الأنظمة الإقليمية التي تحيط به، وقدره في أنه جاور نظاماً استعمارياً عنصرياً، يقوم وجوده على محو الآخر واجتثاثه، فكان المكان الذي تجمّع فيه الفرقاء كلهم، المتحاربون والمتنافسون والأعداء والأصدقاء، فدفع ثمن صراع أصبح لا محالة جزءاً منه، ثم كانت الطائفية القدر البائس الذي كان رأس كل البلاءات! خاض حرباً أهلية، لم تبقِ ولم تذر، وما كاد ينهض كطائر الفينيق من رمادها، بمعاهدة الطائف عام 1990، وما كاد ينتعش وتجلجل في سمائه مجدداً أصوات البناء والعمران، و(راجع يتعمر راجع لبنان)، حتى كانت قاصمة الظهر، باغتيال رفيق الحريري عام 2004، وما تلاه من اغتيالات، طالت كتاباً وسياسيين وبرلمانيين ورموزاً وطنية، لينكسر المشروع من جديد، ممهداً لحرب جائرة، شنتها إسرائيل عليه في صيف 2006. في كل هذه المراحل، كانت الإمارات على ضفة الخليج، تخوض مشروعها النبيل، المعروف بالمشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان، في عهد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ما بين 2002 وحتى 2004، بإزالة الألغام والقنابل من أرض الجنوب اللبناني، والتي خلّفها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليستكمل في عهد المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان،…

أن تكون شجاعاً وتمضي!

السبت ١٢ أكتوبر ٢٠٢٤

تعرفون مايا أنجلو؟ مايا أنجلو هي كاتبة أمريكية من أصل أفريقي، وهي شاعرة غزيرة الإنتاج. لُقبت بـ«شاعرة بلاط النساء السود»، وتعتبر قصائدها أناشيد للأمريكيين من أصل أفريقي. لهذه الشاعرة، نصوص وأقوال لا يمكنك إلا أن تتوقف عندها متأملاً متفكراً في حجم الحكمة، ومعنى اتساع الوعاء الإنساني الذي كانت تتغذى منه وتسكب فيه، إن هؤلاء الأشخاص الذين يشبهون مايا أنجلو هم دون غيرهم من يحملون سر إنقاذ البشرية من تدهورها المخيف، هم وحدهم من يقيمون بنيان الحكمة والمعرفة، ويحرسون المشترك الإنساني بجلاء وثقة! تقول مايا في الشجاعة: «إن الشجاعة هي الفضيلة اللازمة لممارسة باقي الفضائل بثبات..»، قد تتساءل كيف تكون الشجاعة مدخلاً لما يليها من فضائل؟ وبينما يظن الكثيرون أن الفضائل الأساسية (الإيمان، الجرأة، الثقة..) هي التي تولد في الإنسان الشجاعة وليس العكس، تؤكد أنجلو أن العكس هو الصحيح، فأنت بحاجة لأن تكون شجاعاً وقادراً على مواجهة واقعك ونفسك واحتمال النتائج لمواقف كثيرها يحتاج إلى شجاعة في الحياة، كأن تحب شخصاً لن يبادلك الحب مثلاً، وكأن تقرر السير في طريق لن يشاركك أحد السير فيه، فتتحمل بشجاعة السير فيه وحيداً! ألا تحتاج الحياة في رتمها اليومي والعادي والبسيط، وفي يومياتها وبشرها ومواقفها وإحباطاتها وصورها البائسة وصورها البريئة أيضاً، إلى الكثير من الشجاعة ونحن نخرج كل يوم لنواجهها، ونرمي بأنفسنا في لجتها…

منصة ميدار

الأربعاء ٠٩ أكتوبر ٢٠٢٤

منصة «ميدار» التي أسسها ويدير مادتها الإعلامية بانتقائية رشيقة ومفيدة ومتنوعة، الزميل (محمود العوضي)، واحدة من أحدث المنصات الإعلامية في الفضاء الإلكتروني، منصة تقدم مادة إعلامية تتوافر فيها الكثير من مواصفات المادة التي يرغب المتابع والقارئ والمثقف اليوم أن يعرفها ويتابعها في ظل إكراهات واقع عملي متسارع يتصف بذاكرة أشبه بذاكرة الجولدن فيش، أو السمكة الذهبية في أحواض سمك الزينة! أتابع «ميدار» منذ بدايات بثها، وأجد في مادتها مخزوناً جيداً للتعريف بالكثير من المجالات، وخاصة ما يتعلق بالجانب السوسيولوجي لتطور مدينة دبي، سياسياً واجتماعياً وخدمياً، متى ظهر كل شيء في دبي، متى ازدهرت التجارة، وتطورت الخدمات، ودخلت المياه النظيفة للبيوت، وحورب الاحتكار و... إلخ، وليس دبي فقط، فهناك ما يخص السينما والفن عموماً، والرياضة والاقتصاد والسياسة... ما يجذبني هو تلك التحقيقات المصورة حول تاريخ مدينة دبي، وأتمنى صادقة أن يتم تطوير هذه المادة التي تشكل نواة ثرية ومهمة لتتحول إلى أفلام وثائقية تحفظ وتؤرخ ذاكرة المدينة، ومستوى تفكير قياداتها التاريخية (الشيخ سعيد آل مكتوم، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم)، حيث تظهر التحقيقات التي تستند بلا شك إلى أرشيف ووثائقيات أخرى، لا أشك أنها محفوظة في مؤسسات دبي العتيدة والعريقة، كشركة كهرباء ومياه دبي والبلدية والأرشيف الوطني! هذه المادة يمكنها كذلك أن تتحول إلى مادة مكتوبة تدرس لطلاب المدارس في…

ليست مجرد مطاعم!

السبت ١٤ سبتمبر ٢٠٢٤

لماذا يحب الناس في معظمهم، حتى لا نقول جميعهم، تناول الطعام في المطاعم أكثر من تناوله في البيت؟ لماذا يسعد الشخص عندما توجه له دعوة طعام في مطعم جديد أو مشهور أو فاخر أو ترتاده نخبة المجتمع؟ لأن الطعام في المطاعم أفضل بكثير بسبب الطهاة المحترفين والمتخصصين، كما أن هناك مطاعم تضم طهاة يمثلون مطابخ متعددة أي أنها تمتلك طاهياً من المطبخ الهندي وآخر من المطبخ الإيطالي أو الإيراني أو التركي أو المغربي.. وهذا يعني غنى وتنوع قائمة الطعام في مثل هذا المطعم، ناهيك عن تميزه وتفرد رواده! إن الذهاب لتناول الطعام مع بعض الأصدقاء في أحد المطاعم المميزة يعني تجربة طعام مختلفة وجديدة، كما تمثل نوعاً من التغيير يكسر رتابة السيناريو التقليدي المتمثل في تناول الوجبات بانتظام في المنزل، حيث تجلس إلى نفس طاولة الطعام، في نفس الغرفة، لتحدق في نفس اللوحة المعلقة خلف ظهر زوجك أو ابنك، ولتتناول الطعام الذي سبق وتناولته آلاف المرات في وجبات الغداء والعشاء! إن تكرار مشهد وسلوكيات تناول الطعام في البيت بألوانه وأصواته وروائحه يشكل في حقيقة الأمر أحد أكبر الدوافع التي تقود خطوات الناس إلى مطاعم سيحلفون لك لاحقاً أنهم تناولوا فيها ألذ الأطعمة، مع أن الحقيقة خلاف ذلك، لكن قاتل الله الرتابة والتكرار والملل، الذي يجعلنا ندافع عن الهامبرجر والبطاطا المقلية…

قوة الطعام..

الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤

في رواية «كالماء للشيكولاته» تجعل الكاتبة لاورا اسكيفيل من الطعام موضوعاً محورياً في البنية السردية، وفي الفكرة النسوية، التي تقوم عليها فكرة العمل، فتبدأ كل فصل بوصفة لطبق تعده «تيتا» الشخصية المحورية، مرفقة سردها بتعليمات لطريقة طهي وصفات طعام، تعود للفترة التي تدور فيها الأحدث بداية القرن العشرين. تلتزم الكاتبة بأمرين ثابتين، شكلا أساس الرواية: الأول هو الواقعية السحرية على طريقة كتاب أمريكا اللاتينية، حيث الجنوح نحو الخيال المبالغ فيه، والثاني يتعلق بتيار النسوية، وذلك من خلال تبني قضية إشكالية في حياة المجتمع المكسيكي في تلك الفترة، والمتمثلة في حرمان الابنة الصغرى في الأسرة من الزواج بحجة خدمة الأم لحين وفاتها، وقد استخدم المطبخ في الرواية لتعزيز الجانب النسوي في حياة البطلة باعتباره المكان الوحيد الذي يخصها ويعبر عنها، وفيه تشعر بأنها الأكثر قوة وحرية في الوجود دون تهديد قسوة والدتها إيلينا. يساعد الطعام الناس على تكوين جميع أشكال العلاقات والحفاظ عليها «كما نرى من خلال علاقة البطلة بمن حولها»، والأمر الأكثر أهمية هو أن «تيتا» ترى في «الخادمة» أمها الحقيقية، حيث تتسرب لها هذه المشاعر من خلال الغذاء الذي توفره لها في وجباتها منذ صغرها، وحين تكبر تستمر العلاقة بينهما، فتبنيان معاً علاقة، أساسها حبهما المشترك للمطبخ. قبل حفلات الزفاف والمناسبات الدينية والولائم تتجمع النساء كما يحدث دائماً، وكما…

لم تعد مواقع تواصل!

الثلاثاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٤

في عصر البدايات (البريئة إذا جاز استخدام هذا الوصف) كانت مواقع التواصل في نهاية سنوات التسعينيات عبارة عن منصات للتعارف وتكوين صداقات تحتفظ بهم المنصات على أنهم جزء من شبكة شخصية، وتدريجياً تمكن هؤلاء من أن يتشاركوا معاً مقاطع الفيديو والصور والرسائل مع مستخدمين آخرين، كما أمكنهم ترك تعليقات على الملفات الشخصية لأشخاص آخرين، ما داموا ينتمون للمنصة نفسها. اتضح الأمر أكثر حين تأسست مواقع «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» وأخيراً «تيليغرام» الذي يحظى هذه الأيام بجدل كبير بعد أن قامت السلطات الفرنسية بالقبض على مؤسسه وتوجيه عدة تهم له. عندما أعلن عن تطبيق «فيسبوك» كان مجرد فكرة لجمع زملاء ورفقاء الدراسة والربط بينهم عبر الإنترنت، وتبادل مناسباتهم وصورهم، لكن الأمر خرج عن نطاق السيطرة فيما بعد لأسباب عديدة. بمجرد أن بدأ الناس يتواجدون على هذه المواقع، ومع شيوع مصطلحات مواقع التواصل، وصحافة المواطن، مترافقة مع نطاق لامحدود من حريات التعبير وتبادل المعلومات وسهولة الاتصال، وتطور تقنيات الهواتف الذكية، تزايد ظهور مواقع التواصل واحتلت شبكة الإنترنت حول العالم، وتزايد المشتركون فيها حتى وصلت أعدادهم إلى مئات الملايين بعد أن تمكنت إغراءات هذه المواقع من استقطاب جميع فئات المجتمع، بدءاً بطلاب المدارس الابتدائية وبائعي الخردوات والقطط، وانتهاء بنجوم وأباطرة المال والسياسة وكرة القدم الذين يتابعهم ملايين البشر حول العالم (اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو…

حياة الماعز.. أي ماعز؟

الخميس ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤

«حياة الماعز» هو فيلم هندي، يقول صانعوه إنه يحاكي قصة واقعية لعامل هندي يدعى نجيب (الذي يحمل بطل الفيلم اسمه)، جاء لدولة خليجية بناء على عقد عمل ليشتغل مع صديقه في شركة، لكنه يقع بين يدي كفيل قاس ومستغل يأخذه للصحراء ليرعى الماعز، وهناك يسومه سوء العذاب! (بعيداً عن كل هذه الدراما، أي بدوي أو عربي يضع قطيعاً من الماعز في صحراء جرداء أصلاً، ويحضر لها راعياً؟!) يقول المدافعون عن الفيلم إنه لا يتعرض لأي فكرة أو ظاهرة في الخليج، إذن فلماذا قال نجيب (البطل)، في أول مشهد، هذه العبارة: أول كلمة عربية أتعلمها، هي (كفيل)، هذا حتى قبل أن يحصل على جرعة ماء؟ والمعروف أن أي جملة حوارية في الفيلم لا توضع عبثاً! نؤمن أن الحياة وجهات نظر، وليست وجهة نظر واحدة، لكن لا يمكن الادعاء أن الفيلم لا يقصد التعرض لشيء، وأنه رؤية سينمائية لرحلة فلسفية يقطعها الإنسان في دروب الحياة للوصول إلى الله عبر أكثر التجارب قسوة، وأكثر الطرق وعورة! والحق أنه لا مانع من النقد، لكن أن تستخدم السينما لتمرير فكر عدائي للإنسان العربي بشكل سافر، فأمر مرفوض ولا علاقة له بالإبداع! لقد كسب الفيلم إعجاب جمهور عريض جعله الأشهر على مستوى المنطقة، ومع احترامنا لحرية الإبداع والنقد، إلا أن حالة الاستعداء للإنسان العربي في المنطقة…

هذه القصيدة لا أحبها!

الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠٢٤

لجبران خليل جبران قصيدة يتداولها الكثيرون، يقول فيها: «أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكاً لكم، أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم، لأن لهم أفكاراً خاصةً بهم، طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادكم، ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم. فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم، وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم. ولكنكم عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم». لم أحب القصيدة ولا طريقة تعبيره عن الفكرة، وجدت فيها ازدراء ونظرة دونية لدور الأهل والوالدين، الأبناء يسكنون المستقبل الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى في أحلامكم!! لماذا كل هذا الإصرار على قطع الصلات وطرق الالتقاء، ومع أنه يتحدث عن الأبناء ووالديهم، إلا أنك تشعر بأنه يتحدث عن أعداء بينهم ما صنع الحداد! والقصيدة بالرغم من أنها تعطي الوالدين بعض الإشارات التي تعترف لهم بالفتات، إلا أنها تلح على فكرة قاطعة وتبدو قاسية جداً (مع أنهم يعيشون معكم إلا أنهم ليسوا ملككم)، (حاولوا أن تصيروا مثلهم، لكن لا تحلموا بأن تجعلوهم يكونون مثلكم).. لماذا هذه العدائية التي تضرب في بنيان علاقة عظيمة قائمة على التواشج لا على التخادم والمصالح، فلم يقل لي أب يوماً إنه يربي ابنه ليستخدمه، أو…

حق حتى آخر نفس!

الأحد ١٨ أغسطس ٢٠٢٤

سألني صديق: ما ضرورة أن تتقدم إيمان خليف بشكوى ضد إيلون ماسك وغيره ممن سخروا منها وشككوا في كونها امرأة، بعدما تغلبت على الملاكمة الإيطالية بالضربة القاضية في الثواني الأولى من المبارزة بينهما؟ إن هذه النوعية من الأسئلة تفترض جدلاً أن هذه المطالبات لا ضرورة لها، وأنها مجرد مضيعة للوقت لا أكثر، وهذه القناعة التي عند البعض سببها أمران: الكسل وانعدام الوعي بالحقوق وأهمية المطالبة بها! إن إحراز الملاكمة الجزائرية إيمان خليف الميدالية الذهبية والمركز الأول هو حق مشروع، نالته بجهدها وكفاحها، أما الدفاع عن نفسها وكرامتها ورد اعتبارها ضد المتنمرين عليها فأمر آخر، لا يؤجل ولا يلغى لأي سبب، سواء فازت بالبطولة أو لم تفز، وهو لا يتعلق بالرغبة في الحصول على المال، «فإذا حصلت عليه بالتعويضات فمن حقها»، كما لا يتعلق برغبتها في الشهرة فقد حققت ما يكفيها من الشهرة! إن الذين يتقدمون بشكاوى رد اعتبار لا يسعون للمال ولا يبحثون عن الشهرة، فمنهم أشخاص مكتفون مالياً، ومشهورون بما فيه الكفاية، لكن الحقوق لا تقايض ولا يساوم عليها، بل تطلب بمنطق القوة ومنطق الحق ومنطق المعرفة. وعليه، فلا عجب حين نرى بعض الأشخاص في إعلامنا العربي للأسف ممن يطالبون بإلغاء تدريس بعض المواد المعرفية، التي هي في غاية الأهمية والضرورة كالمنطق، والتاريخ، والجغرافيا، والفلسفة! لماذا؟ لأن هناك تياراً…

في الحروب الجميع خاسرون

الأربعاء ١٤ أغسطس ٢٠٢٤

ليس الأطفال فقط ولا النساء كما يتكرر دائماً أنهم هم من يدفعون ثمن الحروب والأزمات والمجاعات، هم الطرف الأضعف ربما، الطرف الهش في حكايات الصراع، الذي لا حول له ولا قوة، لكن الحياة كلها تدفع الثمن، الرجال الذين تفقدهم عائلاتهم، الذين لا يطلون في الصباحات على وجوه أطفالهم، الذين لا يظلون الكتف الصلب، الذي تتكئ عليه الأمهات والأخوات والزوجات. ويدفع الشباب الثمن غالياً، والشباب هم مستقبل الحاضر، هم الأمل، هم نسغ الحياة، حين ينسلون تباعاً تاركين الأرض والحياة والفضاءات، التي كانوا يملأونها بالعمل والضحك والسعي، ماذا يبقى بعدهم: يملأ الحزن قلوب الأمهات والآباء الذين لطالما انتظروا على ناصية الحلم بانتظار تفتح الأزهار، كما يملأ الجفاف الأرض والوقت وأمكنة العمل وساحات اللعب.. فهل يمكن أن تسمى حياة بدون الشباب؟ حركة الحياة ومحركات العمل التي تدور لأجل أن يستمر الجميع مقاومين كل الطوفانات وأشكال الظلم والجور والتقتيل، حركة الحياة هذه تدفع الثمن غالياً، حين يتم استبدال الأحياء بالجثث والأشلاء، وحين يقايض الفرح بالدموع والبكاء، ولا يعود هناك أي أمل، بل فضاء معبأ بالقهر والذل والحسرة، حين يطلب منك أن تغادر وطنك، أن تقتل قبل أن تغلق الباب خلفك، أن تسكن الأوجاع وتنسى المسرات إلى الأبد، عندما يحدث ذلك يكون سادة الموت وصناع القتل قد اتخذوا قرارهم بأن الحرب هي الحل! لا حل…

امرأة ملهمة

الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠٢٤

ربما تتذكرون تلك السيدة الاسكتلندية «سوزان بويل» التي ظهرت بشكل مفاجئ في برنامج اكتشاف المواهب الشهير (بريطانيا جوت تالنت) عام 2009، بدت تلك السيدة يومها مثالاً واضحاً لامرأة قروية تقليدية جداً وفي أواخر أربعينياتها، حتى إن رئيس اللجنة يومها عاملها بتهكم وسخرية معتادة لديه، عمّا جاءت تفعله في البرنامج!! عندما صدحت بويل بالغناء، وتردد صوتها السوبرانو الساحر في أرجاء الاستوديو الشاسع، أصيب الجميع بسكتة ذهول حقيقية، تجاوزت بعدها جدران الاستوديو وحدود بريطانيا لتصبح مطربة عالمية بكل معنى الكلمة وتفوقت على نجوم كبار. لقد ذهبت أبحث في حافظة صور بويل على شبكة الإنترنت بعد سنوات من الشهرة والأضواء، فلم أجد ذلك التغيير الذي توقعته أن يحصل لنجمة اختيرت للغناء أمام ملكة بريطانيا بمناسبة اليوبيل الماسيّ لتولي الملكة عرش بريطانيا عام 2012، أي بعد أقل من أربع سنوات من انطلاقها في عالم الغناء!! ألا يبدو ذلك غريباً بالنسبة لامرأة أصبحت تمتلك ثروة تقدر بـ 35 مليون دولار؟! نتوقع كمعجبين وجمهور أن نحظى ببعض الصور التي تثير التعليقات ومكامن الدهشة فينا، لأن هذا ما تعودنا عليه في عالمنا العربي على الأقل، فالبدناء يجرون جراحات عاجلة لإنقاص أوزانهم، وعمليات تجميلية للحصول على وجوه أجمل وأصغر وأكثر نضارة وشباباً، تلك متطلبات الشهرة والوجود تحت الأضواء، لماذا بقيت بويل على بساطتها إذن؟ ربما لأن سوزان بويل…