الإثنين ٢٤ يوليو ٢٠٢٣
أحب مشروع كلمة: رسالته التنويرية، فكرته الإنسانية، وأهدافه العلمية الكبيرة، وطبعاً نتاجاته الأدبية والفكرية والعلمية والتاريخية، أحب عدم الانحياز عند اختيار الكتب، والتنوع في الانتقاء من مختلف الثقافات والمنابع والمناخات المعرفية والحضارية، وكذلك المترجمين الذين عملوا على تقديم هذا العدد الهائل من الكتب المترجمة، وإن كان لدي بعض التحفظ على مستوى بعض الترجمات وبعض الاختيارات من الكتب التي وجدتها ترجمت للكم لا للمستوى، وهو أمر حبذا لو يتم تدارسه من قبل مسؤولي هذا المشروع المعرفي الهام. مشروع كلمة للترجمة يحيي سنة حضارية حميدة ضاربة في جذر التاريخ العربي والإسلامي، وهي السعي للعلم والمعرفة حيثما كانت والاطلاع على نتاجات تلك المعرفة عبر الترجمة من جميع لغات العالم، وهذا ما كان منذ صدر الإسلام ومنذ مشروع دار الحكمة العتيدة في زمن المأمون، الذي استقدم ووظف مترجمين من كافة الملل والأديان ممن يجيدون لغات تلك الكتب والمعارف، وعلى خطى دار الحكمة ظهرت في عالمنا العربي اليوم مشاريع الترجمة الكبيرة في مصر (المشروع القومى للترجمة مشروع يتبناه المجلس الأعلى للثقافة هناك، ومشروع كلمة في دولة الإمارات، والمشروع الوطني للترجمة في تونس .. وغيرها من المشاريع). ما نحتاج إليه اليوم في الإمارات هو الاهتمام بالمترجمين الإماراتيين، فنحن من أقل الدول امتلاكاً للمترجمين، على مشروع كلمة أن يعمل بقوة للدفع في هذا الاتجاه، بتبني مشروع تأسيس…
السبت ٢٧ مايو ٢٠٢٣
يطرح أساتذة الإعلام والاتصال اليوم سؤالاً يعبر عن تحدٍ كبير يواجه هذا النوع من التخصصات الأكاديمية، التي تخضع لاشتراطات التحولات الكبرى. فيما يتعلق بالثورة التقنية وثورة الاتصالات والمواصلات، ذلك أن التقنية التي تطور الإعلام تخلق له في الوقت نفسه تحديات وجودية كبرى لابد من التفكير في إيجاد حلول لها كهذا السؤال: ماذا نعلم الطلاب في كليات الإعلام وعلوم الاتصال بعد أن أصبح أغلب الإعلام إلكترونياً أو يدار بالذكاء أو الذكاءات الصناعية؟ ما هي التخصصات التي ما زال بإمكان الإنسان أن يؤديها بعيداً عن استحواذ التقنية والروبوتات؟ ما الذي يمكن لفكر الإنسان ومعارفه أن يقدماه في الصحافة طالما أن هناك برمجيات مثل (chat gtb) باستطاعتها أن تقدم كل شيء في غمضة عين؟ إن بإمكان ممارسي الإعلام في الإذاعات والتلفزة والصحف والإعلام الرقمي والتصوير وغير ذلك، أن يعددوا لنا عشرات الوظائف التي ما عادت بحاجة لإنسان يقف أمامها ويباشر توجيهها، بل إنها على العكس تماماً بإمكانها أن توجه القائم بالاتصال وتستوقفه إذا أخطأ، وتقرأ نيابة عنه الخبر وحتى نشرة الأخبار كاملة، وتضع الصياغات المثلى للأخبار، وتزود قاعات التحرير ووكالات الأنباء العالمية والمحلية بالتقارير والمعلومات المطلوبة في ثوانٍ معدودة، هذا هو الواقع اليوم وهو ذاهب لأكثر من ذلك قي الغد! لقد اخترع الإنسان الكمبيوتر لكنه تغلب عليه، وصنع البرمجيات فحلت محله، واحتفى بل…
الخميس ٢٥ مايو ٢٠٢٣
إن ما يحدث في تركيا فيما يخص الانتخابات ونتائجها وإعادتها في جولة ثانية الأحد المقبل، بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه الاشتراكي كليجدار أوغلو، يمكن مشاهدته وبذات السياق والآليات في مسلسل دنماركي بعنوان بورجن، الذي عرضته منصة نتفليكس العام الماضي في ثلاثة أجزاء، واعتبر واحداً من أهم الأعمال الدرامية السياسية وأقواها! يركز المسلسل على مسارين بمنتهى القوة والاحترافية والجمال، دون إقحام أو ادعاء أو تلاعب بالحقائق، بل مصداقية عالية في تناول سؤال: كيف تُصنع السياسة الداخلية الدنماركية: أسرارها وآلياتها؟ وهذا هو المسار الأول، أما المسار الثاني فيفكك ويسلط الضوء على شكل المجتمع الدنماركي، وتركيبة العلاقات الأسرية والتراتبية المجتمعية في مجتمع قطع أشواطاً كبيرة في الحريات الفردية والعامة. يقدم بورجن (في جزئه الأول تحديداً قصة حياة امرأة سياسية مخضرمة ستصبح أول سيدة تترأس الحكومة الدنماركية في تاريخ هذا البلد)، إضافة لتفاصيل اللعبة الانتخابية، وما يتخللها من تحالفات وتنازلات وصفقات بين الأحزاب ذات الصدارة والأحزاب الأخرى الصغيرة جداً والمستقلة في الوقت نفسه. هذه الأحزاب لا تمتلك فرص الفوز بالتأكيد لكنها تزج نفسها في اللعبة لتلعب دور الحسم مقابل منافع معينة (مقاعد في البرلمان وحقائب وزارية)، وهذا يقتضي دخولها في تحالف مع زعيم الحزب الذي يعتقدون أنه صاحب الحظ الأوفر في الفوز أو الذي يمكن أن تتفق مساراتهم معه فيعقدون صفقة الأصوات مقابل…
السبت ٢٠ مايو ٢٠٢٣
الذين قرأوا مقال البارحة (هل تحتاج الحياة لمدربين؟) رأوا أنه مقال مخاتل (حتى لا أقول مخادع) وعدهم بوليمة وقدم لهم طبق سلطة صغيراً، والحقيقة، أن الوعد ما يزال قائماً، وأن الإشكال الذي يقع فيه كتاب الأعمدة الصحفية غالباً هو مبارزة التكثيف التي يدخلونها يومياً مع المساحة المخصصة لهم واللغة الشعرية التي يودون اللجوء إليها ليضمنوا قبولاً سلساً لكتاباتهم، لكن لا المساحة تسعفهم ولا اللغة تقدم لهم مخرجاً، فيضطرون لاستكمال فكرتهم في مقال لاحق! كان لا بد من هذه المقدمة على سبيل التوضيح لا أكثر، أما السؤال فما زال قائماً ويحتاج لإجابة، ونزيد عليه اليوم أسئلة أخرى مثل: لماذا شاعت كتب التنمية الذاتية في الولايات المتحدة ابتداءً ثم انتقلت إلى بلدان الخليج أكثر من أية بلدان أخرى؟ أظن أن الثمانينيات هي السنوات التي شهدت ازدهار هذه الكتب بعد أن ظهر لها أساتذة وكتاب مشهورون في الولايات المتحدة جاؤوا من الجامعات والشركات الكبرى ومعاهد الأبحاث، إنهم علماء سلوك وأصحاب خبرات عملية ونجاحات لافتة تستحق الإنصات. بدأت كتب التنمية مثل (وكيف تكسب الأصدقاء؟) وكيف تحقق القوة؟ وكيف تصبح غنياً؟ وملايين غيرها، إضافة للمحاضرات وبرامج التلفزة الجماهيرية، تضخ ترياق السعادة وتدل الناس على المخرج عبر هذه الموضوعات، فتهافت الجميع، وخاصة أن الولايات المتحدة كانت منذ منتصف السبعينيات تئن تحت وطأة هزيمتها في فييتنام. بينما…
الأحد ٠٧ مايو ٢٠٢٣
حكاية الرسائل المزيفة، التي يتسلمها الكثير من الناس من أرقام مجهولة المصدر، ليست جديدة، الجديد، إذا ما اعتبرناه جديداً، هو أن عصابات النصب والاحتيال أصبحت تغير أقنعتها في كل مرة ترسل فيها رسائلها، فمرة تصلك رسائل تحذير بدفع غرامات لأحد البنوك! ومرة تكاليف لخدمة من بريد الإمارات، وأخرى من سالك، ورابعة.. وهكذا، رسائل من الواضح أنها مزيفة، وغالباً ما تكون مذيّلة برابط لدفع الغرامة، فإذا صدقت وانسقت وراء الخدعة فالنتيجة معروفة سلفاً! بالنسبة لنا جميعاً ربما، فلا يمر يوم دون تسلم رسائل تفيد بوجود ثروة طائلة، يمكنك الحصول عليها إن أنت سارعت بإرسال بعض البيانات أو تواصلت مع شخص ما، فكيف يصدق عاقل مهما كان عديم التجربة أن أحدهم سيوصي له بـ800 ألف دولار؟ ولماذا؟ إنه مجرد سؤال من الطبيعي أن نسأله لأنفسنا كمن يرش وجهه بحفنة ماء بارد، ليفيق من أحلامه، التي تطبق على خلايا دماغه! لا أحد يوصي لشخص لا يعرفه بعشرة دولارات، فما بالك بملايين، ولا يوجد شخص عاقل بالغ متعلم لا يعلم إن كان لديه رصيد في سالك أو لا، كما أن تكاليف الطرود البريدية لها إجراءاتها المعروفة، ولم يسبق أن استوفت شركة الـ DHL أجورها عبر روابط، الذين يصدقون أن صديقاً غنياً سيتصل بهم عبر الواتس طالباً مبالغ مالية، لأنه تعرض للسرقة وهو مسافر، ولم…
السبت ٠٨ أبريل ٢٠٢٣
أثار المسلسل المصري «الهرشة السابعة» جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وحظي بنسبة مشاهدة عالية، وكتبت حوله تقييمات ومراجعات كثيرة من جانب نقاد فنيين وكتاب ومثقفين، ورواد مواقع اجتماعية، والحق فإن المسلسل واحد من ألمع وأهم الأعمال، التي عرضت خلال رمضان، يقدم صناعه محاولة أو رؤية مختلفة للمشكلة الأزلية، التي تواجه العلاقات الزوجية، وهي مشكلة فشل العلاقة، ومن ثم الوصول للمفترق الأخطر: الطلاق! العمل يحاول أن يتقصى ويبحث في أعماق ودواخل الرجال والنساء، ليجيب بهدوء وعمق على السؤال: لماذا تفشل العلاقات الزوجية؟ الفريق الذي أشرف على كتابة العمل مؤمن بنظرية الاختلاف الكلي بين الرجال والنساء ثقافياً ونفسياً وتربوياً وذهنياً، وبالتالي فإن أي مشكلة أو موقف يواجه الزوجين حتى وإن كان متشابهاً أو مشتركاً فإن ردة فعلهما عليه أو نظرتهما له، وسلوكهما إزاءه لن تكون واحدة أبداً، علينا أن نتقبل فكرة الاختلاف الجذري، التي تجعل تعاطي الزوجين مع المواقف نفسها مختلفاً، وبشكل يصل للنقيض، هذا ليس من باب العناد والأنانية، ولكن بسبب الاختلاف الجذري في طبيعة الرجل والمرأة. «الرجال من المريخ، والنساء من الزهرة» لـ«جون جراي» حاول أن يفكك هذه الاختلافات، عبر الكثير من التجارب والقصص، في محاولة لتقريب زوايا الرؤية بين الطرفين، لتحسين آليات التفكير، وجعلها أكثر استيعاباً وهدوءاً، ما يقود حتماً لفهم الآخر دون اللجوء لتحويل الخلافات في كل…
السبت ٠١ أبريل ٢٠٢٣
أرسل تاجر عربي صيغة إعلان إلى أحد المواقع الإعلانية التجارية في الدولة، يبحث من خلاله عن موظفات لمتجر ينوي افتتاحه، وبوضوح تام اشترط جنسية محددة للموظفات المطلوبات، ومقبولية المظهر العام، فبدا إعلانه عادياً ومقبولاً، إلا أن الرجل أنهى إعلانه بعبارة بدت صارخة «شريطة ألا يكن أفريقيات»، وكان يقصد كما فسر لاحقاً ألا ينتمين لأي بلد عربي أو غير عربي يقع في قارة أفريقيا! رفض الموقع نشر الإعلان، واتهم الرجل بالعنصرية، وأبلغه أنه لن يتمكن مستقبلاً من نشر أي إعلان ضمن الموقع المذكور! فهل كان الرجل يستحق كل ذلك؟ وهل كانت صيغة إعلانه متعارضة مع القانون؟ المثل الذي تعلمناه صغاراً ينص على أن «من أمن العقوبة أساء الأدب»، والذي يعاقب أو تتعرض مصالحه للخطر فإنه سيفكر كثيراً في المرة التالية حين سيقدم على أي فعل، وأظن أن القائمين على الموقع أرادوا إبلاغ الرجل والمحيط العام بموقفهم من المسألة، وبأن هناك مناطق لا يجوز العبث فيها في مجتمع يتمتع بأكبر نسب الاستقرار الاجتماعي بين مكوناته، وفئات نسيجه المتباين جداً ثقافياً وعرقياً، هذا أولاً. وأما ثانياً فمقولة «إن الخرق قد اتسع على الراقع» تعني باختصار أن الخرق الصغير جداً لو تم منع حدوثه، أو تمت معالجته جذرياً منذ البداية ما اتسع حتى أصبح من الصعب احتواؤه وإصلاحه، فباب الخروقات، والفتن، والفساد والمشاكل، موجود…
الثلاثاء ٢٨ مارس ٢٠٢٣
يقول الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه «لم يعد هناك مثال يحرك مسار العالم، بل هناك فقط ضرورة الحركة من أجل الحركة»، تماماً كالدراجة التي عليها أن تتقدم للإمام دائماً كي لا تقع براكبها، أصبحنا جميعاً وأصبح هذا العالم كالدراجة المندفعة دون علم مسبق بهدفها، الكارثة ليست في الحركة، ولكن في عدم معرفة الغاية! إننا نفقد قدرتنا على الإمساك بحركة هذا العالم وتوجيهه كما نريد، لذلك فإن علينا دائماً أن ننخرط في اشتراطاته كل لحظة دون أن نسأل أو نعرف أو نتوقف، فالمهم أن نفعل كما يفعل الجميع، أن نشتري جهاز هاتف جديداً كل ستة أشهر دون أدنى حاجة حقيقية، وأن ننغمس في عالم افتراضي باستمرار، ونتابع الحروب العبثية، والكذب العالمي، دون أن نفكر في المغزى والغاية، أي أن تصير فرداً في جماهير غوستاف لوبون وتندفع للأمام معهم! هذا العالم الذي نعيش فيه لا يفلت من أيدينا فقط، ولكنه يصبح مجرداً من المعنى والإنسانية يوماً بعد يوم، والآن إذا قررت أن تمتلك آخر التقنيات، وتسير مع الجموع، وتصفق لمهرجانات الكذب السياسي، وتصمت عن كل ما تلاحقه عيناك، ماذا سيحصل لك ولحياتك؟ هل ستصبح أكثر ذكاء؟ أكثر سعادة؟ أكثر قدرة على الحركة والتواصل؟ يسأل الفيلسوف الألماني هيدغر: إن هذا التقدم الآلي المدفوع بالجهد من أجل البقاء، هل يمكن أن يشكل مشروعاً عظيماً ينتمي…
السبت ١٨ مارس ٢٠٢٣
لا يكاد يمر علينا وقت طويل دون مفاجآت، ودون شيوع تقليعات وظواهر نقف أمامها حيارى لا نعرف ماذا نقول، هل نقبلها ونتبع السائد ونتجنب التهكم والسخرية، أم نحافظ على البقية الباقية من سمتنا وحكمتنا ونختار أنفسنا وقناعاتنا؟ لحظتها يقفز السؤال: هل نستطيع ذلك فعلاً؟ لقد أصبح قرار أن تعيش مع الجموع دون أن تكون جزءاً من عواطفهم وأفكارهم وسلوكهم أمراً في غاية التعقيد! كنا فيما سبق إذا قابل أحد أصدقاءه سألهم عن آخر المستجدات، فيكون الجواب غالباً: لا جديد تحت الشمس! أي أن شمس اليوم قد أشرقت دون أن يحمل لنا يومها أي أمر أو خبر جديد، جيداً كان أو سيئاً، وهنا نتذكر المثل القائل (عدم وجود خبر جديد يعتبر خبراً جديداً)، فالناس تحب الثبات أكثر من التغيير. أما اليوم فمنذ لحظة اللقاء الأولى، والأخبار الجديدة لا تتوقف، كأنك تجلس في حضرة وكالة أنباء عالمية، الكل يتحدث والكل لديه آخر خبر: آخر الأجهزة، آخر البرامج والتطبيقات، آخر المطاعم، آخر الأكلات اليابانية، أحدث أصناف القهوة، أحدث تقنيات التجميل، آخر أفلام ومسلسلات نتفليكس، آخر معارك تويتر لكسب متابعين جدد، آخر موديلات الساعات والحقائب وأحذية الرياضة ووجهات السفر، و.. مهنة (مدرب الحياة) واحدة من المهن الجديدة والغريبة التي دخلت حياتنا مؤخراً وبشكل كبير، وكنت قد سمعت عن هذا المصطلح لأول مرة منذ…
الأحد ١٢ مارس ٢٠٢٣
لطالما وجد الإنسان في أدوات ومجالات الذكاء الاصطناعي ما يطمئنه أن المستقبل سيكون أكثر راحة وسهولة في مختلف مجالات الحياة، عكس ما حاولت الكثير من الأدبيات وأفلام السينما والدراسات الاقتصادية إيصاله للناس من أن المستقبل سيكون مخيفاً جداً، بسبب تزايد الحروب والأوبئة ونقص الموارد، وأن لا شيء يبشر بخلاف ذلك! فماذا علينا أن نصدق؟ وإلى من علينا أن نركن؟ تشير كل الدراسات والحقائق التي نعايشها إلى أنه من بين الكثير من المجالات التي تشغل بال الإنسانية فإن الصحة والتعليم ومستقبل الشباب والأسرة والاقتصاد، تعتبر مجالات تشكل هاجساً دائماً للكثيرين، وبالتأكيد فإن التعليم هو المجال الأكثر قلقاً، إلا أنه كذلك الأقرب اتساقاً واستفادة من أدوات وبرمجيات الذكاء الاصطناعي، فبه يمكن للمدرسين تقديم تجارب تعليمية ذات إمكانيات غير محدودة. وبالتأكيد يمكن للنماذج التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي تقييم قدرة الطلاب على التعلم، ومن ثم اقتراح المواد والتخصصات المناسبة لهم، وبلا شك فإنه يمكن للروبوتات مساعدة المعلمين في إنجاز العديد من المهام، واستغلال وقتهم بشكل أكثر كفاءة ما يخفف من الضغوط عليهم، لكن ماذا عن لجوء الطلاب إلى برامج الذكاء الاصطناعي التي تنجز الوظائف المدرسية، وتقوم بعمل الأبحاث والدراسات في لمح البصر؟ في مجال الخدمات والرعاية الصحية يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث ثورة هائلة، فباستخدام الأنظمة الذكية يمكن للمهنيين والأطباء تحليل البيانات ووضع…
الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣
حين تسافر إلى مدينة كبرشلونة لأول مرة، ستكون محظوظاً حين تحظى بغرفة واسعة، تتوافر فيها شرفة تطل على الشارع، وها أنذا أقف في هذه الشرفة، بعد نهار طويل وشاق من السفر، نعم السفر مشقة، لكن بعض المتع العميقة لا تكون بين يديك، ما لم تعبر طريق المشقة ذاك، تلك هي معادلة الحياة الثابتة. برشلونة تضع بصمتها على كل شيء، ابتداء من واجهات الفنادق، وحتى الشرفات الصغيرة، سألت موظف الاستقبال عن بعض التفاصيل: اسم الفندق، رائحته التي لا تقاوم، ركن القهوة والشاي والمخبوزات، قال لي مبتسماً بتحفظ: كل شيء هنا يعود للتقاليد الكاتالونية، ابتداء باسم الفندق: كاتالونيا، وانتهاء بكل ما نستخدمه، منتج ومصنّع محلياً من الخامات والموارد الطبيعة لكاتالونيا. وقفت طويلاً أتأمل الشارع الطويل الغارق في الأضواء، والمزدحم بالسيارات، قلت لنفسي: إنه ككل شوارع المدن في العالم، لا يختلف عنها في شيء، والحقيقة أن كل شيء وكل شخص لا تعرفه، يعتبر عادياً جداً وشبيهاً بأي شيء مر بك في حياتك، ووحدها المعرفة، والاقتراب، تزيل قشرة الغموض والحالة العادية، مانحة الأشياء تصنيفها وخصوصيتها. حين خرجت في الصباح، ومشيت في شارع الرامبلا، وتوقفت عند الأكشاك التي تبيع التذكارات، ثم أخذتني قدماي إلى السوق الشهير، حيث الخضراوات والفاكهة والأجبان والعصافير واللحوم… ومن هذا السوق الذي يتوسط أشهر شوارع المدينة، سأكتشف أن برشلونة واحدة من…
الأحد ٢٦ فبراير ٢٠٢٣
يبدو التساؤل عن المهن والوظائف في المستقبل فكرة جديرة بالبحث، فالكل يريد أن يعرف نوعية الوظائف التي سيقبل عليها الشباب، وستحتاج إليها الحكومات، وتلك التي ستتلاشى ولن يعود لها أية أهمية، لكن هل ستتلاشى وظائف لطالما عمل بها الناس فعلاً؟ نعم سيحدث ذلك حين لن يكون الإنسان في حاجة إليها، فكل وظيفة ظهرت كانت إما وظيفة مهمة في حد ذاتها نتيجة ما تقدمه من خدمة، فظهورها جاء تلبية لحاجة الناس والمجتمع والحياة. وإما أن تكون وظائف طفيلية استهلاكية ليس لها مردود حقيقي على حياة الناس، ولا أثر لها في مسيرة البشرية والحضارة، لكنها ظهرت تلبية لاهتمامات جديدة ظهرت في الحياة وبين الناس، أو استجابة لظواهر طارئة لا أكثر. من هنا تساءلت جريدة الديلي ميل البريطانية في عددها بتاريخ 26 يناير الماضي عن مهن المستقبل.. فما يريد العالم أن يفعله من أجل لقمة العيش؟ فعلى خريطة العالم وزعت الدول، ورصدت حسب إحصاءات مختلفة تمت متابعتها على مدى 12 شهراً، لتظهر في النهاية تلك المهن التي ستتألق في مختلف دول العالم في السنوات المقبلة، وعلى النحو التالي الذي بدا في بعض تفاصيله غير مقنع إلى حد كبير. أظهرت الخريطة التي تصدرت تحقيق الجريدة أن وظيفة الطيار هي الوظيفة التي ستحظى بالمركز الأول، وستكون حلم أغلب الشباب، سواء كانوا في الولايات المتحدة الأمريكية…