الأمم المتحدة: غزة موطن لأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف

أخبار

كشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة أن قطاع غزة أصبح موطناً لأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في التاريخ الحديث، وذلك خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي انعقد، أمس، بطلب من الجزائر وسلوفينيا حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية.

وركز الاجتماع على الأوضاع الإنسانية في غزة، واستُمع فيه إلى إفادة من مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ووكالة الأونروا.

وقالت ليزا دوتن، المسؤولة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن أوامر الإخلاء التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية أخيراً لمناطق واسعة من شمال غزة، إلى جانب العمليات البرية المكثفة، تهدد بمزيد من الموت والدمار والنزوح الجماعي للمدنيين.

وأضافت مديرة قسم التمويل والشراكات في المكتب الأممي: “مرة أخرى، تسود حالة من الفوضى المطلقة بينما يراقب العالم ما يحدث”، موضحةً أن “أوامر الإخلاء من المفترض أنها تهدف إلى حماية المدنيين، ولكن ما يحدث هو العكس تماماً. وكما قلنا مرات عديدة، لا يوجد مكان آمن في غزة”.

وتابعت: “كل يوم -وفقاً لوكالة الأونروا- يفقد 10 أطفال إحدى الساقين أو كليهما. أصبحت غزة موطناً لأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في التاريخ الحديث. احتمالات أن تتعرض النساء الحوامل للإجهاض تزداد بمقدار 3 مرات، كما أنهن أكثر عرضة بثلاث مرات للوفاة بسبب مضاعفات الولادة”.

وأعربت عن القلق العميق إزاء التشريع المطروح حالياً لوقف أنشطة الأونروا، مضيفةً أن “هذا من شأنه أن يكون كارثياً على تقديم المساعدات والخدمات الأساسية لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية”.

صدمة وجوع

وشددت المسؤولة الأممية على أنه مع استمرار هذا الصراع، يتعين على المدنيين أن يحصلوا على الضروريات اللازمة لبقائهم على قيد الحياة، والسماح لهم بالسعي إلى الحصول على الحماية، وأنه يجب ضمان حق النازحين في العودة طوعاً.

وأشارت إلى استمرار العراقيل الشديدة التي تعترض دخول الإمدادات التجارية الأساسية والوصول الإنساني.

وقالت دوتن إن العاملين في مجال الإغاثة لا يستطيعون توصيل سوى قدر ضئيل من المساعدات الإنسانية عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية.

وأضافت: “الناس يعانون من الصدمة والجوع، ويحفرون بأيديهم العارية في الأنقاض بحثا عن أحبائهم. وهم يشعرون بالإحباط بشكل متزايد إزاء فشل المجتمع الدولي في وقف الأعمال العدائية”.

فظائع

وأعربت دوتن عن القلق العميق إزاء تدهور الوضع في الضفة الغربية، مشيرة إلى أنه خلال العام الماضي أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية، إلى جانب العنف المتفشي من جانب المستوطنين وهدم المنازل، إلى ارتفاع حاد في عدد القتلى والدمار واسع النطاق والنزوح القسري.

وشددت على أن استخدام القوة المميتة في الضفة الغربية يجب أن يتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير التي تحكم تنفيذ القانون، داعيةً إلى الاحترام الكامل للقانون الدولي والامتثال لقرارات مـحكمة العدل الدولية.

وقالت المسؤولة الأممية: “إننا بحاجة إلى بذل أقصى قدر من التأثير لتخفيف معاناة المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة. ولا يمكننا أن ندعي الجهل بما يحدث، ولا يمكننا أن نتجاهل ما يحدث. ولهذا السبب فإننا نكرر دعواتنا إلى مجلس الأمن والدول الأعضاء لاتخاذ الإجراءات اللازمة”.

ودعت الدول الأعضاء إلى اتخاذ خطوات لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإيجاد مسار نحو السلام المستدام، مضيفةً أنه “يحب أن تنتهي هذه الفظائع”.

تفكيك الأونروا

وحذر المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، خلال حديثه عبر الفيديو، من العواقب الوخيمة في حال تبني مشروعات القوانين الإسرائيلية المتعلقة بوقف عمل الأونروا.

ومن الناحية القانونية، يقول لازاريني إن هذا التشريع يتحدى إرادة المجتمع الدولي المعبر عنها من خلال قرار الجمعية العامة رقم 302 بشأن الأونروا، ويعمق الانتهاكات التي أقرتها محكمة العدل الدولية.

ومن الناحية السياسية، يسعى “التشريع المناهض للأونروا” الذي يشكّل جزءاً من حملة أوسع نطاقاً لتفكيك الوكالة، إلى “تجريد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، وتغيير معايير الحل السياسي المستقبلي من جانب واحد”.

وأشار إلى أن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى وصفوا القضاء على وكالة الأونروا بأنه “هدف حربي”.

وحذر من أن الفشل في التصدي لمحاولات ترهيب وتقويض الأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة من شأنه في نهاية المطاف أن يعرض العمل الإنساني وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم للخطر.

وأضاف: “يتعين على هذا المجلس أن يقرر إلى أي مدى سيتسامح مع الأفعال التي تمس جوهر التعددية وتهدد السلام والأمن الدوليين. أحثكم على حماية هذه الوكالة الأممية من الجهود الرامية إلى إنهاء ولايتها، بشكل تعسفي وقبل الأوان، في غياب الحل السياسي الموعود منذ فترة طويلة”.

همجية ومجاعة

وأبدى المسؤول الأممي أسفاً شديداً؛ لأنه بعد مرور عام على الهجمات البغيضة ضد إسرائيل والحرب الكارثية على غزة، لا تلوح في الأفق أي نهاية للعنف الوحشي الذي يجتاح المنطقة، مؤكداً أنه “كان عاماً من الخسارة والمعاناة العميقة، عاماً يعج بالهمجية والتجريد من الإنسانية”.

وقال إن التطورات الأخيرة في الشمال تثير القلق بشكل خاص، مشيراً إلى أن مئات الآلاف من الناس يُدفعون مرة أخرى إلى الانتقال إلى الجنوب، حيث الظروف المعيشية لا تطاق وغير إنسانية، “ومرة أخرى، يتأرجح سكان غزة على حافة المجاعة”.

أخطر مكان في العالم

فيليب لازاريني قال إن التجاهل الصارخ للقانون الدولي الإنساني، والانهيار شبه الكامل للنظام المدني، يشل الاستجابة الإنسانية في غزة التي قال إنها أصبحت أكثر الأماكن خطورة في العالم بالنسبة للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، مشيراً إلى مقتل 226 من موظفي الأونروا خلال 12 شهراً. وتعرضت مباني الأمم المتحدة، بما فيها غالبية مباني الأونروا، لأضرار أو تدمير.

وأضاف: “بدون وقف إطلاق نار دائم، والإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن، ووصول المساعدات الإنسانية دون قيود، فإن عملية المساعدات سوف تنهار، مما سيؤدي إلى انزلاق مليوني شخص إلى الفوضى”.

التضحية بجيل من الأطفال

وقال المفوض العام للأونروا إن أطفال غزة لم يسلموا من أهوال الحرب، فقد قُتلوا وأصيبوا وتيتموا بأعداد صادمة، موضحاً أن “أكثر من 650 ألف طفل خارج المدرسة يعانون صدمات نفسية شديدة ويعيشون بين الأنقاض”.

وحذر من أن القضاء على الأونروا يعني أن أكثر من 650 ألف طفل سيفقدون أي أمل في استئناف تعليمهم، وستتم التضحية بجيل كامل.

وأضاف: “الفلسطينيون ليسوا غرباء على الفقدان. ولكن حرمانهم من التعليم -الذي ظل دوماً مصدر فخر لهم – هو أمر جديد عليهم. لا يمكننا أن نتحمل خسارة جيل كامل وزرع بذور الكراهية والتطرف في المستقبل”.

لبنان

من ناحية أخرى، قال فيليب لازاريني إن وكالة الأونروا فتحت 11 ملجأ في لبنان لاستضافة أكثر من 4,500 نازح لبناني ولاجئ فلسطيني وسوري، مشيراً إلى أن الحاجة إلى خدمات الوكالة في غزة والضفة الغربية المحتلة ولبنان أصبحت أعظم من أي وقت مضى.

المصدر: البيان